فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {ليس على الأعمى حرج، ولا على الأعرج حرج، ولا على المريض حرج} [النور: 61]- إلى قوله - {لعلكم تعقلون} [البقرة: 73]

باب { لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى المَرِيضِ حَرَجٌ} الآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ: { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}
هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى في سورة النور: ( { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج} الآية) .
قال سعيد بن المسيب: كان المسلمون إذا خرجوا إلى الغزو مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وضعوا مفاتيح بيوتهم عند الأعمى والمريض والأعرج وعند أقاربهم ويأذنونهم أن يأكلوا من بيوتهم فكانوا يتحرجون من ذلك ويقولون: نخشى أن لا تكون أنفسهم بذلك طيبة فنزلت الآية رخصة لهم ( إلى قوله: { لعلكم تعقلون} ) [النور: 61] لكي تعقلوا وتفهموا، وسقط لغير أبي ذر قوله: { ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج} إلى آخر قوله الآية.


[ قــ :5092 ... غــ : 5384 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ بُشَيْرَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ قَالَ يَحْيَى وَهْيَ مِنْ خَيْبَرَ عَلَى رَوْحَةٍ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِطَعَامٍ، فَمَا أُتِيَ إِلاَّ بِسَوِيقٍ، فَلُكْنَاهُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، فَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَوْدًا وَبَدْءًا.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال يحيى بن سعيد) الأنصاري ( سمعت بشير بن يسار) بضم الموحدة وفتح الشين المعجمة مصغرًا ويسار بالتحتية والسين المهملة المخففة ( يقول: حدّثنا سويد بن النعمان) الأنصاري -رضي الله عنه- ( قال: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى خيبر) سنة سبع ( فلما كنا بالصهباء.
قال يحيى)
بن سعد الأنصاري ( وهي) أي الصهباء ( من خيبر على روحة) بفتح الراء والحاء المهملة ضد الغدوة ( دعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بطعام فما أُتي إلا بسويق) فثري ( فلكناه) بضم اللام من اللوك يقال لكنه في فمي إذا علكته ( فأكلنا منه ثم دعا) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بماء فمضمض) فمه الشريف من أثر السويق ( ومضمضنا) كذلك ( فصلى بنا المغرب ولم يتوضأ) بسبب أكل السويق ( قال سفيان) بن عيينة ( سمعته) أي الحديث ( منه) أي من يحيى بن سعيد ( عودًا وبدءًا) أي عائدًا وبادئًا أي أولًا وآخرًا.

ومناسبة الحديث للترجمة من جهة اجتماعهم على لوك السويق من غير تمييز بين أعمى وغيره وبين صحيح ومريض.
وقال عطاء بن يزيد: كان الأعمى يتحرج أن يأكل طعام غيره لجعله يده في غير موضعها والأعرج كذلك لاتساعه في موضع إلى والمريض لرائحته فنزلت هذه الآية
فأباح الله لهم الأكل مع غيرهم، وفي حديث سويد هذا معنى الآية لأنهم جعلوا أيديهم فيما حضر من الزاد سواء مع أنه لا يمكن أن يكون أكلهم بالسواء لاختلاف أحوال الناس في ذلك، وقد سوّغ لهم الشارع ذلك مع ما فيه من الزيادة والنقصان فكان مباحًا نقله في الفتح.

وهذا الحديث سبق في الوضوء وفي أول غزوة خيبر.