فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الخبز المرقق والأكل على الخوان والسفرة

باب الْخُبْزِ الْمُرَقَّقِ، وَالأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ وَالسُّفْرَةِ
( باب الخبز المرقق) بتشديد القاف الأولى الملين المحسن كالحوّاري أو الموسع ( والأكل على الخوان) بكسر الخاء المعجمة في اليونينية وغيرها.
وقال في القاموس: الخوان كغراب وكتاب ما يؤكل عليه الطعام كالأخوان.
وقال في الكواكب: بالكسر الذي يؤكل عليه معرب والأكل عليه من دأب المترفين وصنع الجبابرة لئلا يفتقروا إلى التواطؤ عند أكل ( و) إلى على ( السفرة) بضم السين اسم لما يوضع عليه الطعام وأصلها الطعام نفسه يتخذ للمسافر.


[ قــ :5093 ... غــ : 5385 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ، فَقَالَ: مَا أَكَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُبْزًا مُرَقَّقًا، وَلاَ شَاةً مَسْمُوطَةً، حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ.
[الحديث 5385 - أطرافه في: 5421، 6457] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن سنان) بكسر السين المهملة وتخفيف النون العوقي الباهلي قال: ( حدّثنا همام) بتشديد الميم الأولى ابن يحيى بن دينار الشيباني البصري ( عن قتادة) بن دعامة أنه ( قال: كنا عند أنس) -رضي الله عنه- ( وعنده خباز له) أي يعرف الحافظ ابن حجر اسمه وفي الطبراني من طريق راشد بن أبي راشد قال: كان لأنس غلام يخبز له الحوّاري ويعجنه بالسمن ( فقال) أنس ( ما أكل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خبزًا مرققًا) زهدًا في الدنيا وتركًا للتنعم ( ولا شاة مسموطة) وهي التي أزيل شعرها بعد الذبح بالماء المسخن وإنما يصنع ذلك في الصغيرة الطرية غالبًا وهو فعل المترفين ( حتى لقي الله) وهذا يعارضه ما ثبت في أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكل الكراع وهو لا يؤكل إلا مسموطًا.




[ قــ :5094 ... غــ : 5386 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يُونُسَ قَالَ: عَلِيٌّ هُوَ الإِسْكَافُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا عَلِمْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكَلَ عَلَى سُكُرُّجَةٍ قَطُّ، وَلاَ خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ قَطُّ وَلاَ أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ قِيلَ لِقَتَادَةَ: فَعَلَى مَا كَانُوا يَأْكُلُونَ؟ قَالَ: عَلَى السُّفَرِ.
[الحديث 5386 - أطرافه في: 5415، 6450] .

وبه قال: ( حدثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا معاذ بن هشام) بذال معجمة ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبي) هشام الدستوائي ( عن يونس) بن أبي الفرات ( قال علي) أي ابن المديني يونس: ( هو الإسكاف) بكسر الهمزة وسكون السين المهملة بعدها كاف فألف ففاء وفي
طبقته يونس بن عبيد البصري أحد الثقات وليس هو المراد هنا ولذا بينه ابن المديني خوفًا من الالتباس ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال: ما علمت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكل على سكرجة قطُّ) بضم السين المهملة والكاف وفي اليونينية بسكون الكاف والراء المشددة بعدها جيم مفتوحة أو بفتح الراء، وبه جزم التوربشتي.
قيل: هي قصاع كبيرها يسع ست أواق كانت العجم تستعملها في الكوامخ وما أشبهها من الجوار شنات على الموائد حول الأطعمة للهضم، والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يأكل على هذه الصفة قط ( ولا خبز) بضم الخاء المعجمة ( له) خبز ( مرقق قط، ولا أكل على خوان قط) وقط هذه الأخيرة ثابتة لأبي ذر ساقطة لغيره وقول أنس: ما علمت فيه كما في شرح المشكاة نفي العلم وإرادة نفي المعلوم فهو من باب نفي الشيء بنفي لازمه وإنما صح هذا من أنس لطول لزومه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعدم مفارقته له إلى أن مات وعند ابن ماجة من حديث أبي هريرة أنه زار قومه فأتوه برقاق فبكى وقال: ما رأى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا بعينه ( قيل لقتادة) بن دعامة ( فعلاما) بألف بعد الميم ولأبي ذر عن الكشميهني فعلام ( كانوا يأكلون) بلفظ الجمع وكان الأصل أن يقال علاما كان يأكل فعدل عن الإفراد للجمع إشارة إلى أن ذلك لم يكن مختصًّا به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بل كان أصحابه مقتدين به في ذلك كغيره ( قال) قتادة كانوا يأكلون ( على السفر) بضم السين وفتح الفاء جمع سفرة وأصلها كما مر الطعام الذي يتخذ للمسافر فهو من باب تسمية المحل باسم الحال.

وهذا الحديث أخرجه الترمذي في الأطعمة والنسائي في الرقائق والوليمة وابن ماجة في الأطعمة.




[ قــ :5095 ... غــ : 5387 ]
- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَبْنِي بِصَفِيَّةَ، فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأُلْقِيَ عَلَيْهَا التَّمْرُ وَالأَقِطُ وَالسَّمْنُ،.

     وَقَالَ  عَمْرٌو عَنْ أَنَسٍ: بَنَى بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ.

وبه قال: ( حدّثنا ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم المصري قال: ( أخبرنا محمد بن جعفر) أي ابن أبي كثير المدني قال: ( أخبرني) بالإفراد ( حميد) الطويل ( أنه سمع أنسًا) -رضي الله عنه- ( يقول: قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بين خيبر والمدينة ثلاث ليال ( يبني بصفية) بنت حيي وفيه رد على الجوهري في تخطئته لمن قال: بنى الرجل بأهله ومثله بنى بها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فدعوت المسلمين إلى وليمة) عليه الصلاة والسلام ( أمر) بفتح الهمزة والميم ( بالأنطاع) وهي السفر ( فبسطت فألقي عليها التمر والأقط) اللبن الجامد ( والسمن.
وقال عمرو)
بفتح العين ابن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب ( عن أنس) -رضي الله عنه- ( بنى بها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم صنع حيسًا) بفتح كالحاء والسين المهملتين بينهما تحتية ساكنة وهو ما اتخذ من التمر والأقط والسمن ( في نطع) بكسر النون وفتح الطاء المهملة وهذا التعليق وصله المؤلّف بأتم من هذا في المغازي.




[ قــ :5096 ... غــ : 5388 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الشَّامِ يُعَيِّرُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُونَ: يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ: يَا بُنَيَّ إِنَّهُمْ يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ النِّطَاقَانِ؟ إِنَّمَا كَانَ نِطَاقِي شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ فَأَوْكَيْتُ قِرْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَحَدِهِمَا، وَجَعَلْتُ فِي سُفْرَتِهِ آخَرَ.
قَالَ فَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ إِذَا عَيَّرُوهُ بِالنِّطَاقَيْنِ يَقُولُ: إِيهًا وَالإِلَهْ تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا.

وبه قال: ( حدّثنا محمد) هو ابن سلام قال: ( أخبرنا أبو معاوية) محمد بن خازم بالمعجمتين الضرير قال: ( حدّثنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( وعن وهب بن كيسان) أي أن هشامًا حمل الحديث عن أبيه وعن وهب ( قال: كان أهل الشام) جيش الحجاج بن يوسف حيث كانوا يقاتلونه من قبل عبد الملك بن مروان أو عسكر الحصين بن نمير الذين قاتلوه قبل ذلك من قبل يزيد بن معاوية ( يعيرون ابن الزبير يقولون) له: ( يا ابن ذات النطاقين) بكسر النون ( فقالت له) أمه ( أسماء) بنت أبي بكر الصدّيق وهي ذات النطاقين: ( يا بني إنهم يعيرونك بالنطاقين) قال الزركشي وغيره: الأفصح تعدية عير بنفسه تقول عيرته كذا وتعقبه في المصابيح بأن الذي في الصحاح وغيره كذا من التعيير والعامة تقول عيرته بكذا وقال في الفتح وقد سمع عيرته بكذا كما هنا ( هل تدري ما كان النطاقان) ؟ بالرفع قيل وفي بعض النسخ النطاقين بالياء بدل الألف منصوبًا.
قال الزركشي: والصواب النطاقان وهو ما يشدّ به الوسط، وقد وجه النصب في المصابيح بأن تجعل ما موصولة لا استفهامية والنطاقين بدلًا من الموصول على حذف مضاف أي شأن النطاقين فأبدل الثاني من الأول بدل الكل لصدق الموصول على البدل والمراد منهما شيء واحد، والمعنى هل تدري الذي كان أي هل تدري شأن النطاقين أو النطاقين مفعول تدري وما كان جملة ذات استفهام مستفاد من ما والضمير المستتر في كان عائد على الشأن المفهوم من سياق الكلام أي هل تدري النطاقين أي شيء كان الشأن فيهما وقدمت جملة الاستفهام على المفعول اعتناء بشأنها أو نقول الأصل هل تدري ما كان في النطاقين فحذف الجار ( إنما كان نطاقي شققته نصفين فأوكيت قربة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأحدهما) أي ربطت فمها به ( وجعلت في سفرته) الكريمة ( آخر.
قال)
وهب: ( فكان أهل الشام إذا عيروه بالنطاقين يقول: إِيهًا) بكسر الهمزة وسكون التحتية والتنوين كلمة تستعمل في استدعاء الشيء وقيل هي للتصديق كأنه قال: صدقتم ( والإله) جل وعلا وفي رواية أحمد بن يونس إيهًا ورب الكعبة ( تلك شكاة) بفتح الشين المعجمة أي رفع الصوت بالقول القبيح ( ظاهر) بالظاء المعجمة أي مرتفع ( عنك عارها) فلم تعلق بك وهذا عجز بيت لأبي ذؤيب تمثل به ابن الزبير وصدره:
وعيرني الواشون أني أحبها
وثبت هذا الصدر لأبي ذر كما في اليونينية وتمامه:
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
وأولها:
هل الدهر إلا ليلة ونهارها ... وإلا طلوع الشمس ثم غيارها
أبى القلب إلا أم عمرو فأصبحت ... تحرق ناري بالشكاء ونارها
وبعده: وعيرني الواشون البيت إلخ ..... وهي قصيدة تزيد على ثلاثين بيتًا.




[ قــ :5097 ... غــ : 5389 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ خَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَتَرَكَهُنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَالْمُتَقَذِّرِ لَهُنَّ، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن النعمان الملقب بعارم قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري ( عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن إياس اليشكري ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( أن أم حفيد) بضم الحاء المهملة وفتح الفاء وبعد التحتية الساكنة دال مهملة هزيلة بالزاي والتصغير ( بنت الحارث بن حزن) بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي بعدها نون ( خالة ابن عباس) أخت أمه لبابة الكبرى ( أهدت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سمنًا وأقطًا) لبنًا جامدًا ( وأضبًّا) بفتح الهمزة وضم الضاد المعجمة وتشديد الموحدة جمع ضب مثل فلس وأفلس دويبة تشبه الورل وهو من الحيوان تأكلهن العرب ( فدعا بهن) بالأضب ( فأكلن على مائدته وتركهن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولم يأكل منهن شيئًا ( كالمتقذر) بالذال المعجمة والقاف ( لهن ولو كن حرامًا ما أكلن على مائدة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أمر بأكلهن) وفي مسلم عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: لا آكله ولا أحرمه وله في لفظ آخر: كلوه فإنه حلال ولكنه ليس من طعامي، وأجمع على حل أكله من غير كراهية خلافًا لبعض أصحاب أبي حنيفة إذ كرهه، ولما حكاه القاضي عياض عن قوم من التحريم.
قال النووي: وما أظنه يصح عن أحد وهو طويل العمر وللذكر منه ذكران وللأنثى فرجان ويرجع في قيئه كالكلب ويأكل رجيعه وهو طويل الدم بعد الذبح، وهشم الرأس يمكث بعد الذبح ليلة ويلقى في النار فيتحرك.

وهذا الحديث سبق في كتاب الهبة في باب قبول الهدية.