فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {فإذا طعمتم فانتشروا} [الأحزاب: 53]

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا}
( باب قول الله تعالى: { فإذا طعمتم فانتشروا} ) [الأحزاب: 52] أي فتفرقوا عن موضع الطعام تخفيفًا عن صاحب المنزل.


[ قــ :5171 ... غــ : 5466 ]
- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسًا قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْحِجَابِ، كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِي عَنْهُ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَرُوسًا بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَكَانَ تَزَوَّجَهَا بِالْمَدِينَةِ، فَدَعَا النَّاسَ لِلطَّعَامِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَلَسَ مَعَهُ رِجَالٌ بَعْدَ مَا قَامَ الْقَوْمُ، حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَشَى وَمَشَيْتُ مَعَهُ، حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَرَجَعْتُ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ
مَكَانَهُمْ، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ قد قَامُوا، فَضَرَبَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِتْرًا، وَأُنْزِلَ الْحِجَابُ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الله بن محمد) الجعفي المسندي قال: ( حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) قال: ( حدّثني) بالإفراد ( أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ( عن صالح) هو ابن كيسان ( عن ابن شهاب) الزهري ( أن أنسًا قال: أنا أعلم الناس بالحجاب) بسبب نزول آية الحجاب ( كان أُبي بن كعب يسألني عنه أصبح رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عروسًا بزينب ابنة) ولأبي ذر بنت ( جحش) والعروس وصف يستوي فيه الرجل والمرأة والعرس مدة بناء الرجل بالمرأة ( وكان تزوّجها بالمدينة فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار فجلس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجلس معه رجال بعد ما قام القوم) وأكلوا من الطعام ( حتى قام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فمشى ومشيت معه حتى بلغ باب حجرة عائشة ثم ظن) عليه الصلاة والسلام ( أنهم) أي الرجال الذين تخلفوا في منزله المقدّس ( خرجوا) منه ( فرجعت) ولأبي ذر عن الكشميهني فرجع فرجعت ( معه) إلى منزله ( فإذا هم جلوس مكانهم فرجع ورجعت معه الثانية حتى بلغ باب حجرة عائشة فرجع ورجعت معه فإذا هم قد قاموا فضرب) عليه الصلاة والسلام ( بيني وبينه سترًا وأنزل الحجاب) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول والحجاب رفع نائب الفاعل وللكشميهني ونزل عليه الحجاب أي آية الحجاب وهي قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي} [الأحزاب: 53] الآية وهذه آداب تتعلق بالأكل لا بأس بإيرادها، فاعلم أنه يستحب غسل اليد قبل الطعام ففي الحديث أنه ينفي الفقر وبعد الطعام ينفي اللمم وهو الجنون ولا ينشفها قبل الأكل، فإنه ربما يكون بالمنديل وسخ فيعلق باليد ويقدم الصبيان في الغسل الأول لأنهم أقرب إلى الأوساخ، وربما نفذ الماء لو قدمنا الشيوخ وفي الثاني يقدّم الشيوخ كرامة لهم، ويقدم المالك في الأول ويتأخر في الثاني، وينبغي للآكل أن يضم شفتيه عند الأكل ليأمن مما يتطاير من البصاق حال المضغ ولا يتنخم ولا يبصق بحضرة آكل غيره فإن عرض له سعال حوّل وجهه عن الطعام ولا ينفض يديه من الطعام لئلا يقع منه شيء على ثوب جليسه أو في الطعام.

وفي تاريخ أصبهان لأبي نعيم عن ابن مسعود مرفوعًا: تخللوا فإنه نظافة والنظافة تدعو إلى الإيمان والإيمان مع صاحبه في الجنة ولا يتخلل بعود الريحان والرمان لأنهما يثيران عرق الجذام ولا بعود القصب لأنه يفسد لحم الأسنان وهذا آخر كتاب الأطعمة ولله الحمد.