فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما جاء في التصيد

باب مَا جَاءَ فِي التَّصَيُّدِ
( باب ما جاء في التصيد) أي التكلف بالصيد والاشتغال به للتكسب أكلًا وبيعًا مما بدل لمشروعيته أو إباحته.


[ قــ :5193 ... غــ : 5487 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنِي ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: إِنَّا قَوْمٌ نَتَصَيَّدُ بِهَذِهِ الْكِلاَبِ.
فَقَالَ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلاَبَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ، إِلاَّ أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ فَلاَ تَأْكُلْ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كَلْبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلاَ تَأْكُلْ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( محمد) غير منسوب وهو ابن سلام قال: ( أخبرني) بالإفراد ( ابن فضيل) بضم الفاء وفتح الضاد المعجمة وهو محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي ( عن بيان) بالموحدة وتخفيف التحتية ابن بشر الكوفي ( عن عامر) الشعبي ( عن عدي بن حاتم) الطائي ( رضي الله عنه) أنه ( قال: سألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت: إنّا قوم نتصيد) بفوقية بعد النون وهي موافقة للفظ الترجمة أي نتكلف الصيد ( بهذه الكلاب) أحلال ذلك أم لا ( فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إذا أرسلت كلابك المعلمة) أي إذا أردت أن ترسل أو إذا شرعت في الإرسال ( وذكرت اسم الله) بأن قلت بسم الله ( فكل مما أمسكن عليك) زاد في باب إذا أكل الكلب وإن قتلن ( إلا أن يأكل الكلب) منه ( فلا تأكل فإني أخاف أن يكون) الكلب ( إنما أمسك على نفسه، وإن خالطها) أي الكلاب التي أرسلتها ( كلب من غيرها فلا تأكل) وفيه إباحة الاصطياد للبيع والأكل وكذا للهو، ولكن بشرط قصد التذكية والانتفاع وكرهه مالك رحمة الله تعالى عليه، وخالفه الجمهور فلو لم يقصد الانتفاع به حرم لما فيه من إتلاف نفس عبثًا نعم إن لازمه وأكثر منه كره لأنه قد يشغل عن بعض الواجبات وكثير من المندوبات.
وفي حديث ابن عباس عند الترمذي مرفوعًا: "من سكن البادية جفا ومن اتّبع الصيد غفل" قيل وفي قوله كلابك أو كلبك جواز بيع كلب الصيد للإضافة.
وأجيب: بأنها إضافة اختصاص.

وهذا الحديث سبق في الباب المذكور.




[ قــ :5194 ... غــ : 5488 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ حَيْوَةَ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ -رضي الله عنه- يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ، نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، وَأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي، وَأَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ وَالَّذِي لَيْسَ مُعَلَّمًا، فَأَخْبِرْنِي مَا الَّذِي يَحِلُّ لَنَا مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ تَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فَلاَ تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا.
.
وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ صَيْدٍ، فَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُلْ وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ تَوَكَّلْ.
وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ مُعَلَّمًا فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل ( عن حيوة) بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية وفتح الواو ( ابن شريح) بضم المعجمة وفتح الراء آخره حاء مهملة، وسقط لغير أبي ذر ابن شريح قال المؤلّف: ( وحدّثني) بالإفراد ( أحمد بن أبي رجاء) ضد الخوف قال: ( حدّثنا سلمة بن سليمان) المروزي ( عن ابن المبارك) عبد الله المروزي ( عن حيوة بن شريح) سقط ابن شريح لأبي ذر في هذه ( قال: سمعت ربيعة بن يزيد) من الزيادة ( الدمشقي قال: أخبرني) بالإفراد ( أبو إدريس عائذ الله) بالذال المعجمة ( قال: سمعت أبا ثعلبة) بالمثلثة ( الخشني) بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين الصحابي المشهور بكنيته اختلف في اسمه كأبيه ( -رضي الله عنه- يقول: أتيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت) له: ( يا رسول الله إنّا) يعني نفسه وقومه ( بأرض قوم أهل الكناب) يعني بالشام وكان جماعة من قبائل العرب قد سكنوا الشأم وتنصروا منهم آل غسان وتنوخ وبهراء وبطون من قضاعة منهم بنو خشين آل بني ثعلبة ( نأكل في آنيتهم وأرض صيد) أي أرض ذات صيد ( أصيد)
فيها ( بقوسي) بسهم قوسي ( وأصيد بكلبي المعلم و) بكلبي ( الذي ليس معلمًا فأخبرني ما الذي يحل لنا من ذلك؟ فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( أما) بالتشديد ( ما ذكرت أنك) ولأبي ذر عن الكشميهني: من أنك ( بأرض قوم أهل الكتاب تأكل في آنيتهم فإن وجدتم) بميم الجمع لم أنت وقومك ( غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها) ولأبي ذر عن المستملي فإن وجدت ( وإن لم تجدوا) أي غيرها ( فاغسلوها ثم كلوا فيها) أخذ بظاهره ابن حزم فقال: لا يجوز استعمال آنية أهل الكتاب إلا بشرطين أن لا يجد غيرها وأن يغسلها.

وأجيب: بأن الأمر بغسلها عند فقد غيرها دال على طهارتها بالغسل والأمر باجتنابها عند وجود غيرها للمبالغة في التنفير عنها ( وأما ما ذكرت أنك) ولأبي ذر عن الكشميهني من أنك ( بأرض صيد فما صدت بقوسك) بسهم قوسك ( فاذكر اسم الله) الفاء عاطفة ( ثم كل) ما صدت وما من فما في موضع نصب مفعول مقدم ( وما صدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله ثم كُل وما صدت بكلبك الذي ليس معلمًا) ولابن عساكر ليس بمعلم بزيادة الباء ( فأدركت ذكاته) أي أدركته حيًّا فذبحته ( فكل) .




[ قــ :5195 ... غــ : 5489 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَسَعَوْا عَلَيْهَا حَتَّى لَغِبُوا، فَسَعَيْتُ عَلَيْهَا حَتَّى أَخَذْتُهَا، فَجِئْتُ بِهَا إِلَى أَبِي طَلْحَةَ، فَبَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِوَرِكِهَا وَفَخِذَيْهَا، فَقَبِلَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن شعبة) بن الحجاج ( قال: حدّثني) بالإفراد ( هشام بن زيد) أي ابن أنس بن مالك ( عن) جده ( أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه ( قال: أنفجنا) بهمزة مفتوحة فنون ساكنة ففاء مفتوحة فجيم ساكنة بعدها نون فألف أثرنا ( أرنبًا) هو حيوان قصير اليدين طويل الرجلين عكس الزرافة ( بمر الظهران) موضع بقرب مكة ( فسعوا عليها حتى لغبوا) بكسر الغين المعجمة بعد اللام أو الصواب فتحها، ولأبي ذر عن الكشميهني تعبوا بفوقية وعين مهملة مكسورة بدل اللام والمعجمة ومعناهما واحد ( فسعيت عليها حتى أخذتها فجئت بها إلى أبي طلحة) زيد بن سهل زوج أم أنس ( فبعث إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بوركها) ولأبي ذر عن الكشميهني بوركيها بالتثنية ( وفخذيها) بالتثنية ولأبي ذر أو فخذيها ( فقبله) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

ومطابقة الحديث لما ترجم له في قوله: فسعوا عليها حتى لغبوا يعني تعبوا إذ فيه معنى التصيد وهو التكلف للاصطياد.
وفي حديث ابن عمر عند البيهقي أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جيء له بأرنب فلم يأكلها ولم ينه عنها، وزعم أنها تحيض وهي تأكل اللحم وغيره وتبعثر وتجتر وفي باطن أشداقها شعر وكذلك تحت رجليها.




[ قــ :5196 ... غــ : 5490 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ
نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ، وَهْوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ ثُمَّ سَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطًا فَأَبَوْا، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا، فَأَخَذَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَى بَعْضُهُمْ، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ».

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) هو ابن أنس إمام دار الهجرة خال إسماعيل ( عن أبي النضر) بالضاد المعجمة الساكنة بعد النون المفتوحة سالم بن أبي أمية ( مولى عمر بن أبي ربيعة) التيمي المدني ( عن نافع مولى أبي قتادة عن أبي قتادة) الحارث بن ربعي الأنصاري السلمي -رضي الله عنه- ( أنه كان مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عام الحديبية في القاحة على ثلاث مراحل من المدينة ( حتى إذا كان ببعض طريق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين) بالعمرة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: محرمون ( وهو غير محرم) لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان أرسله إلى جهة أخرى ليكشف أمر عدوّ في طائفة من الصحابة ( فرأى حمارًا وحشيًا فاستوى على فرسه ثم سأل أصحابه أن يناولوه سوطًا فأبوا) امتنعوا ( فسألهم) أن يناولوه ( رمحه فأبوا فأخذه ثم شد على الحمار فقتله فأكل منه بعض أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبى) أي امتنع ( بعضهم) من الأكل منه ( فلما أدركوا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سألوه عن ذلك.
فقال)
النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( إنما هي طعمة) بضم الطاء وسكون العين ( أطعمكموها الله) عز وجل أي مأكلة.

وهذا الحديث سبق في الحج والجهاد.




[ قــ :5196 ... غــ : 5491 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: «هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ»؟
وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال: حدّثني) بالتوحيد ( مالك) الإمام الأعظم ( عن زيد بن أسلم) العدوي مولى عمر ( عن عطاء بن يسار عن أبي قتادة) -رضي الله عنه- ( مثله) أي مثل الحديث السابق ( إلا أنه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قال: هل معكم من لحمه شيء) .