فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب أكل الجراد

باب أَكْلِ الْجَرَادِ
( باب) جواز ( أكل الجراد) .

قال أهل اللغة فيما نقله الدميري: مشتق من الجرد قالوا: والاشتقاق في أسماء الأجناس قليل جدًّا وهو بري وبحري وبعضه أصفر وبعضه أبيض وبعضه أحمر وبعضه كبير الجثة وبعضه صغيرها، وإذا أراد أن يبيض التمس لبيضه المواضع الصلدة والصخور الصلبة التي لا يعمل فيه المعول فيضربها بذنبه فتنفرج له ثم يلقي بيضه في ذلك الصدع فيكون له كالأفحوص ويكون حاضنًا له ومربيًّا، وللجرادة ستة أرجل يدان في صدرها وقائمتان في وسطها ورجلان في مؤخرها وطرفًا رجليها منشاران، قال: وفي الجراد خلقة عشرة من جبابرة الحيوان وجه فرس وعينا فيل وعنق ثور وقرنا أيل، وصدر أسد وبطن عقرب وجناحا نسر وفخذا جملا ورجلا نعامة وذنب حية، وليس في الحيوان أكثر إفسادًا لما يقتاته الإنسان من الجراد، وقد أحسن القاضي محيي الذين الشهرزوري في وصف الجراد بذلك حيث قال:
لها فخذا بكر وساقا نعامة ... وقادمتا نسر وجؤجؤ ضيغم
حبتها أفاعي الرمل بطنًا وأنعمت ... عليها جياد الخيل بالرأس والفم
قال الأصمعي: أتيت البادية فإذا أعرابي زرع برًّا له فلما قام على سوقه وجاد بسنبله أتاه رجل جراد فجعل الرجل ينظر إليه ولا يعرف كيف الحيلة فأنشد:
مرّ الجراد على زرعي فقلت له ... لا تأكلن ولا تشغل بإفساد
فقام منهم خطيب فوق سنبلة ... أنا على سفر لا بد من زاد
ولعابه على الأشجار لا يقع على شيء إلاّ أحرقه.


[ قــ :5200 ... غــ : 5495 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى -رضي الله عنهما- قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعَ غَزَوَاتٍ، أَوْ سِتًّا كُنَّا نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ.
قَالَ سُفْيَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى سَبْعَ غَزَوَاتٍ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن أبي يعفور) بفتح التحتية وسكون المهملة وضم الفاء وبعد الواو راء منصرفًا اسمه وفدان بفتح الواو وسكن الفاء بعدها دال مهملة فألف فنون وقيل وافد هو الأكبر لا الأصغر عبد الرحمن بن عبيد لأن الأصغر كما قال ابن أبي حاتم لم يسمع من ابن أبي أوفى بخلاف الأكبر كما ( قال: سمعت ابن أبي أوفى) عبد الله ( -رضي الله عنهما- قال: غزونا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبع غزوات أو ستًّا) بالشك.
قال في الفتح: من شعبة ( كنا نأكل معه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( الجراد) وزاد أبو نعيم في الطب ويأكله معنا وقد نقل النووي الإجماع على حل أكل الجراد وخصه ابن العربي بغير جراد الأندلس لما فيه من الضرر المحض.
وفي حديث سلمان عند أبي داود أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سئل عن الجراد فقل: لا آكله ولا أحرّمه لكن الصواب أنه مرسل، وعن أحمد إذا قتله البرد لم يؤكل وملخص مذهب مالك إن قطعت رأسه حلّ وإلاّ فلا.
وعند البيهقي من حديث أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إن مريم ابنة عمران سألت ربها أن يطعمها لحمًا لا دم له فأطعمها الجراد" وفي الحلية في ترجمة يزيد بن ميسرة كان طعام يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام الجراد وقلوب الشجر يعني الذي ينبت في وسطها غضًّا طريًّا قبل أن يقوى وكان يقول: من أنعم منك يا يحيى وطعامك الجراد وقلوب الشجر.

( قال سفيان) الثوري مما وصله الدارمي عن محمد بن يوسف ( وأبو عوانة) الوضاح اليشكري فيما وصله مسلم ولأبي ذر وقال أبو عوانة ( وإسرائيل) فيما وصله الطبراني ( عن أبي يعفور) وفدان ( عن ابن أبي أوفى) عبد الله ( سبع غزوات) وحمله الحافظ ابن حجر على أن أبا يعفور كان جزم مرة بالسبع ثم شك فجزم بالست إذ هي المتيقن.