فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر

باب نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهْيَ مِنَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ
هذا ( باب) بالتنوين ( نزل تحريم الخمر وهي) أي والحال أن الخمر كان يصنع ( من البسر والتمر) وإطلاق الخمر على غير ما اتخذ من العنب مجاز وقيل هو حقيقة لظاهر الأحاديث، وفي مسلم من حديث ابن عمر مرفوعًا "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام" وفي رواية: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام".


[ قــ :5284 ... غــ : 5582 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ مِنْ فَضِيخِ زَهْوٍ وَتَمْرٍ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ.
فَقَالَ: أَبُو طَلْحَةَ قُمْ يَا أَنَسُ فَأَهْرِقْهَا، فَأَهْرَقْتُهَا.

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) وكنية عبد الله أبو أويس بن عبد الله بن أبي أويس بن أبي عامر الأصبحي حليف عثمان بن عبيد الله أخي طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي وهو ابن أخت مالك بن أنس الإمام وصهره على ابنته ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك بن أنس) الإمام ( عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن) عمه ( أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كنت أسقي أبا عبيدة) عامر بن الجراح أحد العشرة ( وأبا طلحة) زيد بن سهل الأنصاري زوج أم أنس ( وأبي بن كعب) سيد القراء وكبير الأنصار وعالمهم ( من) خمر متخذ من ( فضيخ زهو) بفتح الفاء وكسر الضاد المعجمة وبعد التحتية الساكنة خاء معجمة من الفضخ وهو الشدخ وزهو بفتح الزاي وسكون الهاء بعدها واو أي مشدوخ بسر صب عليه ماء وترك حتى يغلي يؤخذ من بسر ( وتمر) كليهما وظاهر هذا يؤيد هذا القول الأخير وعند مسلم من طريق قتادة عن أنس أسقيهم من مزادة فيها خليط بسر وتمر، وزاد حميد عن أنس عند الإمام أحمد بعد قوله أسقيهم حتى كان الشراب يأخذ فيهم، ولابن أبي عاصم حتى مالت رؤوسهم ( فجاءهم آت) لم أعرف اسمه ( فقال: إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة) زوج أم أنس: ( قم يا أنس فأهرقها فأهرقتها) أي فصبها فصببتها ولأبي ذر فهرقها فهرقتها بإسقاط الهمزة فيهما وفتح الهاء وكسر الراء في الأول وفتحها في الثاني والأصل أرقها فأبدلت الهمزة هاء وتستعمل بالهمزة والهاء معًا وهو نادر.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في خبر الواحد ومسلم في الأشربة.



[ قــ :585 ... غــ : 5583 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الْحَيِّ أَسْقِيهِمْ عُمُومَتِي وَأَنَا أَصْغَرُهُمُ، الْفَضِيخَ، فَقِيلَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، فَقَالُوا: أَكْفِئْهَا، فَكَفَأْنَا.
.

قُلْتُ لأَنَسٍ: مَا شَرَابُهُمْ؟ قَالَ: رُطَبٌ وَبُسْرٌ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ: وَكَانَتْ خَمْرَهُمْ.
فَلَمْ يُنْكِرْ أَنَسٌ.
وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَتْ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد بن مسربل الأسدي البصري الحافظ قال: ( حدّثنا معتمر عن أبيه) سليمان بن طرخان البصري أنه ( قال: سمعت أنسًا) -رضي الله عنه- ( قال: كنت قائمًا على الحي) واحد أحياء العرب ( أسقيهم عمومتي) جمع عم، ولمسلم إني لقائم على الحي على عمومتي أسقيهم ( وأنا أصغرهم الفضيخ) الخمر المتخذ من البسر المشدوخ ( فقيل: حرمت الخمر.

فقالوا: أكفئها)
بفتح الهمزة في الفرع وأصله وفي غيرهما بكسرها وسكون الكاف وكسر الفاء بعدها همزة ساكنة ( فكفأنا) بحذف ضمير المفعول ولأبي ذر فكفأتها بفوقية بعد الهمزة أي أرقها فارقتها قال سليمان بن طرخان: ( قلت لأنس ما) كان ( شرابهم؟ قال: رطب وبسر) أي خمر متخذ
منهما ( فقال أبو بكر بن أنس: وكانت) أي الفضيخ ( خمرهم) زاد مسلم من هذا الوجه يومئذ ( فلم ينكر أنس) مقالة ابنه أبي بكر وكأن أنسًا حينئذ لم يحدّثهم بهذه الزيادة نسيانًا أو اختصارًا فذكره ابنه أبو بكر بها فلم ينكرها.

قال سليمان أيضًا بالسند السابق: ( وحدّثني) بالإفراد ( بعض أصحابي أنه سمع أنسًا) ولأبي ذر أنس بن مالك ( يقول: كانت) خمر الفضيخ ( خمرهم يومئذ) وأما المبهم في قوله بعض أصحابي فقال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون بكر بن عبد الله المزني فإن روايته آخر الباب تومئ إلى ذلك وأن يكون قتادة كما هو بعد أبواب من طريقه عن أنس بلفظ وإنا نعدّها يومئذ الخمر، وفيه: إن الخمر اسم جنس لكل ما يسكر سواء كانت من العنب أو غيره.




[ قــ :586 ... غــ : 5584 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَّاءُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ وَالْخَمْرُ يَوْمَئِذٍ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( محمد بن أبي بكر المقدمي) بفتح الدال المهملة المشدّدة قال: ( حدّثنا يوسف أبو معشر) هو ابن زيد ( البراء) بفتح الموحدة والراء المشدّدة ممدودًا كان يبري السهام بصري ليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الطب ( قال: سمعت سعيد بن عبيد الله) بضم العين ابن جبير بضم الجيم وفتح الموحدة ابن حيّة بفتح الحاء المهملة وتشديد التحتية ( قال: حدّثني) بالإفراد ( بكر بن عبد الله) بسكون الكاف المزني البصري ( أن أنس بن مالك حدّثهم أن الخمر حرّمت) بضم الحاء مبنيًّا للمفعول ( والخمر يومئذ) الواو للحال أي والحال أن الخمر يوم التحريم ( البسر والتمر) أي متخذة منهما كذا أطلق الجمهور على جمع الأنبذة خمرًا وهو حقيقة في الجميع سواء كان من عنب أو غيره ومن قال إنه حقيقة في ماء العنب مجاز في غيره يلزمه جواز استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه والكوفيون لا يقولون بذلك من حيث الشرع.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف في الطب.