فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب

باب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ مِنَ الشَّرَابِ
( باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب) .


[ قــ :5290 ... غــ : 5588 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَهْيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الْعِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْعَسَلِ.
وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ وَثَلاَثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا: الْجَدُّ، وَالْكَلاَلَةُ،
وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا، قَالَ قُلْتُ: يَا أَبَا عَمْرٍو، فَشَيْءٌ يُصْنَعُ بِالسِّنْدِ مِنَ الرُّزِّ؟ قَالَ: ذَاكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ قَالَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ.
.

     وَقَالَ  حَجَّاجُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ مَكَانَ الْعِنَبِ الزَّبِيبَ.

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدّثني ( أحمد بن أبي رجاء) بالجيم عبد الله بن أيوب أبو الوليد الحنفي الهروي قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن أبي حيان) بفتح الحاء المهملة وتشديد التحتية يحيى بن سعيد ( التيمي عن الشعبي) عامر بن شراحيل ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال خطب عمر على منبر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بحضرة أكابر الصحابة ( فقال) في خطبته: ( إنه قد نزل تحريم الخمر) في قوله في آية المائدة: { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر} [المائدة: 90] الآية.
( وهي) أي نزل تحريم الخمر والحال أنها تصنع ( من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل) ولم ينكر أحد عليه فله حكم الرفع لأنه خبر صحابي شهد التنزيل، وقد أخرج أصحاب السنن الأربعة وصححه ابن حبان من وجهين عن الشعبي أن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إن الخمر من العصير والزبيب والتمر والحنطة والشعير والذرة" فهذا صريح في الرفع، وقوله: ( والخمر) الذي حرمه الشارع هو ( ما خامر العقل) أي ستره وكل ما يستره حرم تناوله لما يلزم عليه من فساد العبادة المطلوبة من العبد والجملة مستأنفة لا على لها وما موصولة مرفوعة على الخبر ( وثلاث) من المسائل ( وددت) بكسر المهملة الأولى وسكون الثانية تمنيت ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يفارقنا) من الدنيا ( حتى يعهد إلينا عهدًا) يبين لنا حكمها لأنه أبعد من محذور الاجتهاد ولو كان مأجورًا عليه ( الجد) هل يحجب الأخ أو يحجب به أو يقاسمه فاختلفوا فيه اختلافًا كثيرًا وقد روي أن عمر قضى فيه بقضايا مختلفة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الفرائض بعون الله تعالى ( والكلالة) بفتح الكاف واللام المخففة من لا ولد له ولا والد له أو بنو العم إلا باعد أو غير ذلك ( وأبواب من أبواب الربا) أي ربا الفضل، لأن ربا النسيئة متفق عليه بينهم -رضي الله عنهم- ورفع الجد وتالييه بتقدير مبتدأ أي هي الجد.

( قال) أبو حيان التيمي ( قلت يا أبا عمرو) بفتح العين يعني عامر الشعبي ناداه بكنيته ( فشيء يصنع بالسند) بكسر السين المهملة وسكون النون بلاد قرب الهند ( من الرز) ولأبي ذر من الأرز بهمزة مضمومة وسكون الراء وقوله شيء مبتدأ لأنه تخصص بالصفة وهي قوله يصنع وخبره محذوف تقديره ما حكمه وثلاث فاعل بفعل محذوف أي همني ثلاث خصال، وسقطت العلامة في العدد لأنه عدد مؤنث ويجوز النصب على المفعول أي اذكر ثلاثًا ( قال) الشعبي: ( ذاك) الخمر المتخذ من الأرز ( لم يكن على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أو قال على عهد عمر) بضم العين أي زمنهما ولو كان لنهى عنه لأنه قد عمّ الأشربة كلها فقال: الخمر ما خامر العقل.
والشك من الراوي.

( وقال حجاج) بن منهال شيخ المؤلّف مما وصله عبد العزيز البغوي في مسنده ( عن حماد) أي ابن أبي سلمة ( عن أبي حيان) المذكور بهذا السند والمتن فذكر ( مكان العنب) المذكور في الرواية
السابقة ( الزبيب) وليس فيه سؤال أبي حيان الأخير وجواب الشعبي.




[ قــ :591 ... غــ : 5589 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ: الْخَمْرُ يُصْنَعُ مِنْ خَمْسَةٍ: مِنَ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْعَسَلِ.
ً
وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) الحوضي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن عبد الله بن أبي السفر) سعيد الهمداني الكوفي ( عن الشعبي) عامر بن شراحيل ( عن ابن عمر عن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: الخمر تصنع) بالفوقية المضمومة وفي اليونينية بالتحتية ( من خمسة: من الزبيب والتمر والحنطة والشعير والعسل) قال الخطابي: وإنما عدّ عمر هذه الخمسة المذكورة لاشتهار أسمائها في زمانه ولم تكن كلها توجد بالمدينة الوجود العام فإن الحنطة كانت بها عزيزة وكذا العسل، بل كان أعز فعدّ عمر ما عرف منها وجعل ما في معناها ما يتخذ من الأرز وغيره خمرًا إذ ربما يخامر العقل.