فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم في الأوعية والظروف بعد النهي

باب تَرْخِيصِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الأَوْعِيَةِ وَالظُّرُوفِ بَعْدَ النَّهْيِ
( باب ترخيص النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في الانتباذ ( في الأوعية والظروف بعد النهي) عن الانتباذ فيها وعطف الظروف على سابقها من عطف الخاص على العام.


[ قــ :5293 ... غــ : 5592 ]
- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الظُّرُوفِ فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: إِنَّهُ لاَ بُدَّ لَنَا مِنْهَا، قَالَ فَلاَ إِذًا.
.

     وَقَالَ  لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عن جابر بِهَذَا.

وبه قال: ( حدّثنا يوسف بن موسى) بن راشد القطان الكوفي قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الله أبو أحمد الزبيري) بضم الزاي نسبة إلى زبير أحد أجداده قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن سالم) هو ابن أبي الجعد ( عن جابر) الأنصاري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن) الانتباذ في ( الظروف، فقالت الأنصار: إنه لا بدّ لنا منها) من الظروف ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
إذا كان لا بدّ لكم منها ( فلا) ينهى عن الانتباذ فيها ( إذًا) فالنهي كان قد ورد على تقدير عدم الاحتياج، ويحتمل أن يكون الحكم في هذه المسألة مفوّضًا لرأيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو أوحي إليه في الحال بسرعة، وعند أبي يعلى وصححه ابن أبي حبان من حديث الأشج العصري أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لهم: "ما لي أرى وجوهكم قد تغيرت" قالوا: نحن بأرض وخمة وكنا نتخذ من هذه الأنبذة ما يقطع اللحمان في بطوننا فلما نهيتنا عن الظروف فذلك الذي ترى في وجوهنا فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن الظروف لا تحل ولا تحرم ولكن كل مسكر حرام".

( وقال لي خليفة) بن خياط شيخ المؤلف مما رواه عنه مذاكرة ( حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد ( يحيى بن سعيد) القطان قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة رافع الأشجعي الكوفي ( عن جابر) أي الأنصاري -رضي الله عنه- ( بهذا) الحديث المذكور، وقوله عن جابر ثابت لأبي ذر وابن عساكر.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا.

     وَقَالَ : فِيهِ لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الأَوْعِيَةِ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( بهذا) الحديث السابق ( وقال) أي سفيان ( فيه لما نهى النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن) الانتباذ في ( الأوعية) .




[ قــ :594 ... غــ : 5593 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- قَالَ: لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الأَسْقِيَةِ قِيلَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ سِقَاءً، فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي الْجَرِّ غَيْرِ الْمُزَفَّتِ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني وسقط لأبي ذر ابن عبد الله قال: ( حدّثنا سفيان) بن عينة ( عن سليمان بن أبي مسلم الأحول عن مجاهد) هو ابن جبر ( عن ابن عياض) بكسر العين وتخفيف التحتية عمرو بن الأسود أو قيس بن ثعلبة وقيل: غير ذلك ورجح الأول ابن عبد البر ( عن عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاصي ( -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: لما نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن) الانتباذ في ( الأسقية) كذا وقع في هذه الرواية والرواية الراجحة بلفظ الأوعية وعبد الله بن محمد عن سفيان السابقة وهي مؤخرة في رواية غير أبي ذر وابن عساكر عن هذا الحديث وهو الأليق لما فيه من الإشارة إلى ترجيح الأوعية، وهو الذي رواه أكثر أصحاب ابن عيينة عنه وحمل بعضهم رواية الأسقية على سقوط أداة الاستثناء من الراوي، والتقدير نهى عن الانتباذ إلا في الأسقية ولم ينه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الأسقية، وإنما نهى عن الظروف وأباح الانتباذ في الأسقية لأن الأسقية يتخللها الهواء من مسامها فلا يسرع إليها الفساد كإسراعه إلى غيرها من الجرار ونحوها مما نهى عن الانتباذ فيه، وأيضًا فالسقاء إذا نبذ فيه ثم ربط أمنت شدة الإسكار بما يشرب منه لأنه متى تغير وصار مسكرًا شق الجلد فما لم يشقه فهو غير مسكر بخلاف الأوعية لأنها قد يصير النبيذ فيها مسكرًا ولا يعلم به، ويجوز أن يكون قوله: نهى عن الأسقية أي عن الأوعية واختصاص اسم الأسقية بما يتخذ من الأدم إنما هو بالعرف فإطلاق السقاء على كل ما يستقى منه جائز وحينئذ فلا غلط في الرواية ولا سقط ( قيل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليس كل الناس يجد سقاء) أي وعاء وفي رواية زياد بن فياض أن قائل ذلك أعرابي ( فرخص لهم) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الانتباذ ( في الجرّ) بفتح الجيم وتشديد الراء جمع جرّة إناء يتخذ من فخار ( غير المزفت) لأنه أسرع في التخمير.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الأشربة وكذا أبو داود والنسائي وزاد في الوليمة.




[ قــ :595 ... غــ : 5594 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن سفيان) الثوري أو ابن عيينة أنه قال: ( حدثني) بالإفراد ( سليمان) بن مهران الأعمش ( عن إبراهيم) بن يزيد ( التيمي) العابد ( عن الحارث بن سويد) التيمي أيضًا ( عن علي -رضي الله عنه-) أنه ( قال: نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن) الانتباذ في ( الدباء) القرع ( و) عن الانتباذ في ( المزفت) من الجرار.

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا.

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني ( عثمان) بن أبي شيبة قال: ( حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد ( عن الأعمش) سليمان بن مهران عن علي بن أبي طالب ( بهذا) الحديث السابق.




[ قــ :596 ... غــ : 5595 ]
- حَدَّثَنِي عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ:.

قُلْتُ لِلأَسْوَدِ: هَلْ سَأَلْتَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّا يُكْرَهُ أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّا نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ؟ قَالَتْ: نَهَانَا فِي ذَلِكَ أَهْلَ الْبَيْتِ، أَنْ نَنْتَبِذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ قُلْتُ: أَمَا ذَكَرْتِ الْجَرَّ وَالْحَنْتَمَ؟ قَالَ: إِنَّمَا أُحَدِّثُكَ مَا سَمِعْتُ، أَفَأُحَدِّثُ مَا لَمْ أَسْمَعْ.

وبه قال ( حدّثني) بالإفراد ( عثمان) بن أبي شيبة قال: ( حدثنا جرير) هو ابن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن إبراهيم) النخعي أنه قال: ( قلت للأسود) بن يزيد ( هل سألت عائشة أم المؤمنين) -رضي الله عنها- ( عما يكره أن ينتبذ فيه) ؟ من الأوعية ( فقال) الأسود: ( نعم) سألتها ( قلت) لها: ( يا أم المؤمنين عما) بألف بعد الميم المشددة ولأبي ذر عن الكشميهني عم بإسقاطها ( نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن ينتبذ فيه) ؟ من الأوعية ( قالت: نهانا) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( في ذلك أهل البيت) بنصب أهل على الاختصاص أو على البدل من الضمير وثبت قوله في ذلك لغير أبي ذر ولابن عساكر نهينا بضم النون وكسر الهاء وتحتية ساكنة بدل الألف ( أن ننتبذ في الدباء والمزفت) قال إبراهيم النخعي ( قلت: أما) بالتخفيف ( ذكرت الجر) بفتح الراء وكسر المثناة الفوقية في اليونينية وفي الفرع بسكون الراء ولعله سبق قلم ( والحنتم) بفتح الحاء المهملة وسكون النون ( قال) الأسود لإبراهيم: ( إنما أحدثك ما سمعت) أي من عائشة ( أحدث ما لم أسمع) ؟ استفهام إنكاري سقطت منه الأداة، ولأبي ذر عن الكشميهني: أفأحدث؟ وله عن الحموي والمستملي أفنحدّث بنون الجمع بدل الهمزة، وعند الإسماعيلي أفأحدثك ما لم أسمع؟
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الأشربة وكذا النسائي فيه وفي الوليمة.




[ قــ :597 ... غــ : 5596 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى -رضي الله عنهما- قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْجَرِّ الأَخْضَرِ، قُلْتُ: أَنَشْرَبُ فِي الأَبْيَضِ؟ قَالَ: "لاَ".

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) أبو سلمة التبوذكي الحافظ قال: ( حدّثنا عبد الواحد) بن زياد البصري قال: ( حدّثنا الشيباني) بفتح الشين المعجمة سليمان بن أبي سليمان فيروز ( قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى) علقمة الأسلمي ( -رضي الله عنهما- قال: نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن) الانتباذ في ( البحر الأخضر) وعند ابن أبي شيبة عن أنس إنها جرار مقيرة الأجواف يؤتى بها من مضر وزاد بعضهم عن عائشة أعناقها في جنوبها وعن عطاء متخذة من طين ودم وشعر قال:
الشيباني ( قلت) لعبد الله بن أبي أوفى ( أنشرب في) البحر ( الأبيض؟ قال) ابن أبي أوفى: ( لا) تشربوا فيها لأن الحكم فيها كالأخضر وحينئذٍ فالوصف بالخضرة لا مفهوم له فذكرها لبيان الواقع لا للاحتراز والحكم منوط بالإسكار والآنية لا تحرم ولا تحلل.

وهذا الحديث أخرجه النسائي في الأشربة أيضًا.