فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب شرب البركة والماء المبارك

باب شُرْبِ الْبَرَكَةِ وَالْمَاءِ الْمُبَارَكِ
( باب شرب البركة والماء المبارك) قال العيني: أراد بالبركة الماء وقال المهلب فيما نقله عنه في فتح الباري سمى الماء بركة لأن الشيء إذ كان مباركًا فيه سمي بركة وزاد الكرماني فقال كما قال أيوب لا غنى لي عن بركتك فسمى الذهب بركة.


[ قــ :5340 ... غــ : 5639 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُنِى مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ حَضَرَتِ الْعَصْرُ وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ غَيْرَ فَضْلَةٍ فَجُعِلَ فِى إِنَاءٍ فَأُتِىَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ قَالَ: «حَىَّ عَلَى أَهْلِ الْوُضُوءِ الْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ».
فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ.
فَتَوَضَّأَ النَّاسُ وَشَرِبُوا.
فَجَعَلْتُ لاَ آلُومَا جَعَلْتُ فِى بَطْنِى مِنْهُ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ بَرَكَةٌ.
.

قُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ.
تَابَعَهُ عَمْرٌو عَنْ جَابِرٍ.

     وَقَالَ  حُصَيْنٌ وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ جَابِرٍ.

وبه قال ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي قال ( حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد ( عن الأعمش) سليمان بن مهران قال ( حدّثني) بالإفراد ( سالم بن أبي الجعد) الأشجعي مولاهم الكوفي ( عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- هذا الحديث) قال الكرماني أشار إلى الذي بعده ( قال: قد رأيتني) أي رأيت نفسي ( مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد) أي والحال أن قد ( حضرت العصر) أي صلاتها ( وليس معنا ماء غير فضلة فجعل) ما فضل ( في إناء فأتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- به) بضم همزة فأتي وكسر الفوقية ( فأدخل يده) الكريمة ( فيه وفرّج أصابعه ثم قال) :
( حيّ على أهل الوضوء) بفتح الواو ( البركة من الله) أي هذا الذي ترونه من زيادة الماء إنما هو من فضل الله وبركته ليس مني وهو الموجد للأشياء لا غيره وللنسفي على الوضوء بإسقاط لفظ أهل، قال في الفتح والعمدة والتنقيح: وهو أصوب كما في الحديث الآخر حيّ على الطهور المبارك، وتعقبه في المصابيح فقال كل صواب فإن حيّ بمعنى أقبل فإن كان المخاطب المأمور بالإقبال هو الذي يريد به الطهور كان سقوط أهل صوابًا أي أقبل أيها المريد للتطهر على الماء الطهور وإن جعلنا المخاطب هو الماء أراد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انبعاثه وتفجره من بين أصابعه نزله منزلة المخاطب تجوّزًا بإثبات أهل صواب أي أقبل أيها الماء الطهور على أهل الوضوء ووجه القاضي هذه
الرواية بأن يكون أهل منصوبًا على النداء بحذف حرف النداء كأنه قال: حي على الوضوء المبارك يا أهل الوضوء لكن يلزم عليه حذف المجرور وبقاء حرف الجر غير داخل في اللفظ على معموله وهو باطل ولا أعلم أحدًا أجازه، وقيل الصواب حي هلا على الوضوء المبارك فتحرفت لفظة أهل وحوّلت عن مكانها وحي اسم فعل للأمر بالإسراع وتفتح لسكون ما قبلها وهلا بتخفيف اللام وتنوينها كلمة استعجال.
وقال الكرماني وفي بعضها حيّ على بتشديد الياء وأهل الوضوء منادى محذوف منه حرف النداء.
قال جابر: ( فلقد رأيت الماء يتفجر من بين أصابعه) من نفسها أو من بينها لا من نفسها وكلاهما معجزة عظيمة والأول أقعد في المعجزة كما لا يخفى ( فتوضأ الناس) من ذلك الماء ( وشربوا) منه قال جابر ( فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه فعلمت أنه بركة) آلو بالمد وتخفيف اللام المضمومة أي لا أقصر والمعنى أنه جعل يستكثر من شربه من ذلك الماء لأجل البركة وشرب البركة يغتفر فيه الإكبار لا كالشرب المعتاد الذي ورد أن يجعل له الثلث فلأجل ذلك أكثر وإن كان فوق الري قال سالم بن أبي الجعد ( قلت لجابر كم كنتم يومئذ قال ألفًا) أي كنا ألفًا ( وأربعمائة) وللأكثرين كما في الفتح وغيره ألف بالرفع أي ونحن يومئذ ألف ( تابعه) أي تابع سالمًا ( عمرو بن دينار عن جابر) وثبت ابن دينار لأبي الوقت وهذه المتابعة وصلها المؤلّف في سورة الفتح مختصرًا بلفظ كنا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة قال الحافظ ابن حجر وهذا القدر هو مقصود بالمتابعة لا جميع سياق الحديث.

( وقال حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين فيما وصله المؤلّف في المغازي ( وعمرو بن مرة) بفتح العين ومرة بضم الميم وتشديد الراء المفتوحة الجهني فيما وصله مسلم وأحمد كلاهما ( عن سالم) هو ابن أبي الجعد ( عن جابر خمس عشرة مائة، وتابعه) أيضًا ( سعيد بن المسيب عن جابر) قال الكرماني فإن قلت: القياس أن يقال ألف وخمسمائة، وأجاب: بأنه أراد الإشارة إلى عدد الفرق وإن كل فرقة مائة، وفي التفصيل زيادة تقرير لكثرة الشاربين فهو أقوى في بيان كونه خارقًا للعادة كما أن خروج الماء من اللحم أخرق لها من خروجه من الحجر الذي ضربه موسى عليه السلام.

هذا آخر ربيع الثالث من صحيح البخاري فيما ضبطه المعتنون بشأن البخاري فيما نقله في الكواكب الدراري.