فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: الشفاء في ثلاث

باب الشِّفَاءُ فِى ثَلاَثٍ
هذا ( باب) بالتنوين ( الشفاء) من الداء كائن ( في ثلاث) ولفظ باب وتاليه ثابت للحموي، وقال الحافظ ابن حجر: سقطت الترجمة للنسفي ولفظ باب للسرخسي.


[ قــ :5380 ... غــ : 5680 ]
- حَدَّثَنِى الْحُسَيْنُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ حَدَّثَنَا سَالِمٌ الأَفْطَسُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: الشِّفَاءُ فِى ثَلاَثَةٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ وَأَنْهَى أُمَّتِى عَنِ الْكَىِّ.

رَفَعَ الْحَدِيثَ.
وَرَوَاهُ الْقُمِّىُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى الْعَسَلِ وَالْحَجْمِ.

وبه قال ( حدّثني) بالإفراد ( الحسين) هو ابن محمد بن زياد النيسابوري القباني بقي بعد البخاري ثلاثًا وثلاثين سنة وجزم الحاكم أنه الحسين بن يحيى بن جعفر البيكندي قال: ( حدّثنا أحمد بن منيع) بفتح الميم وكسر النون بعدها تحتية ساكنة فعين مهملة ابن عبد الرحمن الحافظ أبو جعفر الأصم البغوي صاحب المسند قال: ( حدّثنا مروان بن شجاع) الجزري قال: ( حدّثنا سالم الأفطس) بن عجلان الحرّاني الأموي مولاهم ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) موقوفًا أنه ( قال: الشفاء في ثلاث شربة عسل) يسهل الأخلاط البلغمية وقوله شربة بالخفض بدل
من سابقه ( وشرطة محجم) يتفزع بها الدم الذي هو أعظم الأخلاط عند هيجانه لتبريد المزاج والمحجم بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم الآلة التي يجمع فيها دم الحجامة عند المص ويراد به هنا الحديدة التي يشرط بها موضع الحجامة يقال شرط الحاجم إذا ضرب موضع الحجامة لإخراج الدم وقد يتناول الفصد، وأيضًا الحجامة في البلاد الحارة أنفع من الفصد والفصد في البلاد التي ليست بحارة أنجح من الحجم ( وكية نار) تستعمل في الخلط الباغي الذي لا تنحسم مادّته إلا به وآخر الدواء المكي وكية مضافة لتاليها ( وأنهى أمتي) نهي تنزيه ( عن الكي) لما فيه من الألم الشديد والخطر العظيم، ولأنهم كانوا يرون أنه يحسم الداء بطبعه فيبادرون إليه قبل حصول الاضطرار إليه يستعجلون بتعذيب المكي لأمر مظنون فنهى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمته عنه لذلك وأباح استعماله على جهة طلب الشفاء من الله تعالى والترجي للبرء ( رفع) ابن عباس ( الحديث) إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهذا مع قوله وأنهى أمتي يدل على أن الحديث غير موقوف على ابن عباس وقد صرح برفعه في الحديث اللاحق ولم يكتف به عن السابق لتصريحه فيه يقول مروان حدّثني سالم إذ هو في اللاحقة بالعنعنة.

وهذا الحديث أخرجه ابن ماجة.

( ورواه القمي) بضم القاف وتشديد الميم مكسورة يعقوب بن عبد الله بن سعد بن مالك بن هانئ بن عامر بن أبي عامر الأشعري من أهل قم مدينة عظيمة حصينة في عراق العجم وأهلها شيعة مما وصله البزار ( عن ليث) هو ابن سعد الإمام ( عن مجاهد) هو ابن جبر ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في العسل والحجم) بفتح الحاء وسكون الجيم ولأبي ذر عن الكشميهني والحجامة ولم يذكر الكي.




[ قــ :5381 ... غــ : 5681 ]
- حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ أَبُو الْحَارِثِ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الشِّفَاءُ فِى ثَلاَثَةٍ: شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِى عَنِ الْكَىِّ».

وبه قال ( حدّثني) بالإفراد ( محمد بن عبد الرحيم) صاعقة قال: ( أخبرنا سريج بن يونس) بالسين المهملة المضمومة والراء المفتوحة بعدها تحتية ساكنة فجيم ( أبو الحارث) البغدادي قال: ( حدّثنا مروان بن شجاع) الجزري ( عن سالم الأفطس) الأموي مولاهم ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( الشفاء في ثلاثة) أي في ثلاثة أشياء ( في شرطة محجم أو شربة عسل) قيل: ليس المراد الشرب على الخصوص بل استعماله في الجملة فيما يصلح استعماله فيه فإنه يدخل في المعجونات المسهلة ليحفظ على تلك الأدوية فعلها فيسهل الأخلاط التي في البدن ( أو كية بنار) وليس المراد حصر الشفاء في الثلاثة فقد يكون الشفاء في غيرها وإنما نبه بها على أصول العلاج لأن الأمراض
تكون دموية وصفراوية وبلغمة وسوداوية فالدموية بإخراج الدم وخص الحجم بالذكر لكثرة استعمال العرب له وبقيتها بالمسهل الملائم لكل خلط منها، وأما المكي فيكون أخيرًا لما ذكرنا ( وأنهى أمتي عن الكي) .

قال الشيخ عبد الله بن أبي جمرة ما حاصله علم من مجموع كلامه في الكي: إن فيه نفعًا ومضرة فلما نهى عنه علم أن جانب المضرة فيه أغلب قال وقريب منه إخبار الله تعالى أن في الخمر منافع ثم حرمها لأن المضار التي فيها أعظم من المنافع، وقد أبدى في المصابيح سؤالاً وهو، فإن قلت: المبدل منه هو ثلاثة من قوله الشفاء في ثلاثة والبدل أحد ثلاثة لوجود العطف بأو فما وجهه؟ وأجاب: بأنه على حذف مضاف أي الشفاء في أحد ثلاثة فليس المبدل منه والبدل مختلفين بالتعدد والموحدة بل هما متفقان بهذا التقدير كما قالوه في قول الشاعر:
وقالوا لنا ثنتان لا بدّ منهما ... صدور رماح أشرعت أو سلاسل
أي لنا إحدى خصلتين مبهمتين.