فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم

باب رُقْيَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( باب رقية النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) التي كان يرقي بها.


[ قــ :5434 ... غــ : 5742 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ فَقَالَ أَنَسٌ: أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: بَلَى، قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِى لاَ شَافِىَ إِلاَّ أَنْتَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد ( عن عبد العزيز) بن صهيب أنه ( قال: دخلت أنا وثابت) البناني ( على أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( فقال ثابت) لأنس ( يا أبا حمزة اشتكيت) بضم التاء أي مرضت ( فقال) له ( أنس: ألا) بتخفيف اللام للعرض والتنبيه ( أرقيك) بفتح الهمزة ( برقية رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) ثابت: ( بلى، قال) أنس: ( اللهم رب الناس مذهب الباس) بضم الميم وكسر الهاء والباس بغير همز للمؤاخاة وفي الفرع بالهمزة على الأصل ( اشف أنت الشافي) فيه جواز تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن إذا كان له أصل فيه قال تعالى: { وإذا مرضت فهو يشفين} [الشعراء: 80] وأن لا يوهم نقصًا ( لا شافي إلا أنت) فلا ينجع الدواء إلا بتقديرك ( شفاء) نصب على أنه مصدر اشف ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف أي الشفاء المطلوب ( لا يغادر) بالغين المعجمة لا يترك ( سقمًا) بفتحتين ويجوز ضم ثم إسكان لغتان والجملة صفة لقوله شفاء.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود في الطب والترمذي في الجنائز والنسائي في اليوم والليلة.




[ قــ :5435 ... غــ : 5743 ]
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ
مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ الْبَاسَ اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِى لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا».
قَالَ سُفْيَانُ: حَدَّثْتُ بِهِ مَنْصُورًا، فَحَدَّثَنِى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر بالإفراد ( عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم الفلاس الصيرفي البصري أبو حفص أحد الأعلام قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري قال: ( حدّثني) بالإفراد ( سليمان) بن مهران الأعمش ( عن مسلم) بن صبيح الهمداني العطار قال في الفتح: هو أبو الضحى مشهور بكنيته أكثر من اسمه.
قال: وجوّز الكرماني أن يكون مسلم بن عمران لكونه يروي عن مسروق ويروي الأعمش عنه قال ابن حجر: وهو تجويز عقلي محض يمجه سمع المحدث على أنني لم أر لمسلم بن عمران البطين رواية عن مسروق وإن كانت ممكنة، وهذا الحديث إنما هو من رواية الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق، وقد أخرج مسلم من رواية جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق به ثم أخرجه من رواية هشيم ومن رواية شعبة ومن رواية يحيى القطان عن الثوري كلهم عن الأعمش قال: بإسناد جرير فوضح أن مسلمًا المذكور في رواية البخاري هو أبو الضحى فإنه أخرجه من رواية يحيى القطان، وغايته أن بعض الرواة عن يحيى سماه وبعضهم كناه انتهى.

وتعقبه العيني فقال: هذا الذي قاله يمجه سمع كل أحد ودعواه أنه لم ير لمسلم بن عمران رواية عن مسروق باطلة لأن غيره أثبتها فكيف يدّعي هذا المدّعي بدعواه الفاسدة ردًّا على من سبقه في شرح هذا الحديث مشنعًا عليه بسوء أدب { قل كلٌّ يعمل على شاكلته} [الإسراء: 84] انتهى.

وأجاب في انتقاض الاعتراض بقوله: سبحان من خذل هذا المعترض حتى يعيب ما وقع فيه وأعجب ما يسمع أن هذا المعترض.
قال في باب مسح الراقي الوجع بيده حين أورد المصنف الحديث المذكور عن سفيان عن الأعمش بالسند المذكور عن سفيان هو الثوري والأعمش هو سليمان ومسلم هو أبو الضحى فذكر لفظ أحمد بن حجر بعينه ونسي ما قيل عن الكرماني ثم وليس بينهما سوى باب واحد يأتي إن شاء الله تعالى.
( عن مسروق) هو ابن الأجدع ( عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يعوّذ بعض أهله) قال في الفتح: لم أقف على تعيينه ( يمسح بيده اليمنى) على موضع الوجع تفاؤلاً لزوال الوجع كما قاله الطبري ( ويقول) :
( اللهم رب الناس أذهب الباس) بالهمز في فرع اليونينية والمشهور حذفه ليناسب سابقه ( واشفه) بكسر الهاء أي العليل ( وأنت الشافي) بإثبات الواو في الكلمتين للحموي والمستملي وحذفها فيهما للكشميهني ( لا شفاء) بالمدّ مبني على الفتح حاصل لنا أو للمريض ( إلا شفاؤك) بدل من موضع لا شفاء.
وقال في المصابيح: الكلام في إعرابه كالكلام في قولنا لا إله إلا الله ولا يخفى أنه بحسب صدر الكلام نفي لكل إله سواه تعالى وبحسب الاستثناء إثبات له ولألوهيته
لأن الاستثناء من النفي إثبات لا سيما إذا كان بدلاً فإنه يكون هو المقصود بالنسبة، ولهذا كان البدل الذي هو المختار في كل كلام تام غير موجب بمنزلة الواجب في هذه الكلمة الشريفة حتى لا يكاد يستعمل لا إله إلا الله بالنسب ولا إله إلا إياه.
فإن قيل: كيف يصح مع أن البدل هو المقصود والنسبة إلى المبدل منه سلبية؟ فالجواب: إنه إنما وقعت النسبة إلى البدل بعد النقض بإلا فالبدل هو المقصود بالنفي المعتبر في المبدل منه لكن بعد نقضه ونقض النفي إثبات انتهى.
( شفاء) أي اشف شفاء ( لا يغادر) لا يترك ( سقمًا) والتنوين للتقليل.

( قال سفيان) الثوري بالسند السابق ( حدّثت به) بهذا الحديث ( منصورًا) يعني ابن المعتمر ( فحدّثني) بالإفراد ( عن إبراهيم) النخعي ( عن مسروق) أي ابن الأجدع ( عن عائشة) -رضي الله عنها- ( نحوه) أي نحو متن الحديث السابق.

وهذا الأول أخرجه مسلم في الطب وكذا النسائي وفي اليوم والليلة.




[ قــ :5436 ... غــ : 5744 ]
- حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَرْقِى يَقُولُ: «امْسَحِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ بِيَدِكَ الشِّفَاءُ لاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ أَنْتَ».

وبه قال ( حدّثني) بالإفراد ( أحمد بن أبي رجاء) بالجيم والمدّ واسمه عبد الله الحنفي الهروي قال: ( حدّثنا النضر) بالنون المفتوحة والضاد المعجمة الساكنة ابن شميل بالمعجمة المضمومة ( عن هشام بن عروة) أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أبي) عروة بن الزبير ( عن عائشة) -رضي الله عنها- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يرقي) بضم التحتية وكسر القاف حال كونه يقول:
( امسح) أي أزل ( الباس رب الناس بيدك الشفاء) لا بيد غيرك ( لا كاشف له) للداء ( إلا أنت) .

والحديث من أفراده.




[ قــ :5437 ... غــ : 5745 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِى عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ: «بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا».
[الحديث 5745 - طرفه في: 5746] .

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عبد ربه) بإضافة عبد لربه ( ابن سعيد) بكسر العين الأنصاري ( عن عمرة) بفتح العين وسكون الميم بنت عبد الرحمن التابعية ( عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول للمريض) ولمسلم عن أبي عمر عن سفيان كان إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بإصبعه هكذا ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها.

( بسم الله) هذه ( تربة أرضنا) المدينة خاصة لبركتها أو كل أرض ( بريقة بعضنا) ولأبي ذر وريقة بالواو بدل الموحدة ( يشفى سقيمنا) بضم التحتية وفتح الفاء سقيمنا رفع نائب عن الفاعل، ولأبي ذر عن الكشميهني يشفي بفتح أوّله وكسر الفاء سقيمنا نصب على المفعولية والفاعل مقدّر وزاد في غير رواية أبي ذر بإذن ربنا.
قال النووي: كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه فيمسح بها على الموضع الجريح والعليل ويتلفظ بهذه الكلمات في حال المسح.
وقال القاضي البيضاوي: قد شهدت المباحث الطبية على أن الريق له مدخل في النضج وتعديل المزاج ولتراب الوطن تأثير في حفظ المزاج الأصلي ودفع نكاية المضرات والمرض وللرقى والعزائم آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها.
وقوله في حديث مسلم بإصبعه في موضع الحال من فاعل قال: وتربة أرضنا خبر مبتدأ محذوف أي هذه والباء متعلقة بمحذوف هو خبر ثانٍ.
وقال الطيبي في شرح المشكاة إضافة: تربة أرضنا وريقة بعضنا تدل على الاختصاص، وأن تلك التربة والريقة مختصتان بمكان شريف يتبرك به بل بذي نفس شريفة قدسية طاهرة زكية عن أوصاف الذنوب وأوسام الآثام فلما تبرك باسم الله السامي ونطق به ضم إليه تلك التربة والريقة وسيلة إلى المطلوب ويعضده أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بزق في عين علي -رضي الله عنه- فبرأ من الرمد وفي بئر الحديبية فامتلأت ماء.




[ قــ :5438 ... غــ : 5746 ]
- حَدَّثَنِى صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِى الرُّقْيَةِ: «بِسْمِ اللهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا وَرِيقَةُ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا بالجمع ( صدقة بن الفضل) المروزي قال: ( أخبرنا ابن عيينة) سفيان ( عن عبد ربه بن سعيد) الأنصاري ( عن عمرة) بنت عبد الرحمن ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول في الرقية) للمريض:
( بسم الله تربة أرضنا وريقة بعضنا يشفى) بضم أوّله وفتح ثالثه ( سقيمنا بإذن ربنا) قال التوربشتي الذي يسبق إلى الفهم من صيغة ذلك ومن قوله تربة أرضنا إشارة إلى فطرة آدم وريقة بعضنا إلى النطفة التي خلق منها الإنسان فكأنه يتضرع بلسان الحال ويعرض بفحوى المقال إنك اخترعت الأصل الأوّل من طين ثم أبدعت بنيه من ماء مهين فهين عليك أن تشفي من كانت هذه نشأته.