فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب لا عدوى

باب لاَ عَدْوَى
هذا ( باب) بالتنوين ( لا عدوى) .


[ قــ :5462 ... غــ : 5772 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمْزَةُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِى ثَلاَثٍ: فِى الْفَرَسِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ».

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) الأنصاري الحافظ نسبه لجدّه عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء واسم أبيه كثير بالمثلثة ابن عفير ( قال: حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: بالجمع ( ابن وهب) عبد الله ( عن يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( سالم بن عبد الله و) أخوه ( حمزة أن) أباهما ( عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لا عدوى) لا سراية ( ولا طيرة) ولا تشاؤم نفى أولاً بطريق العموم ثم أثبت فقال: ( إنما الشؤم) بضم المعجمة وسكون الهمزة وقد تبدل واوًا ( في ثلاث) متعلق بمحذوف تقديره كائن وفي نسخة في الثلاث ( في الفرس والمرأة، والدار) قال ابن العرب: الحصر هنا بالنسبة إلى العادة لا بالنسبة إلى الخلقة انتهى.

وقد رواه مالك وسفيان وسائر الرواة بحذف أداة الحصر.
نعم في رواية عثمان بن عمير: لا عدوى ولا طيرة وإنما الشؤم في ثلاث، قال مسلم: لم يذكر أحد في حديث ابن عمر لا عدوى إلا عثمان بن عمير، قال الحافظ ابن حجر: ومثله في حديث سعد بن أبي وقاص عند أبي داود لكن قال فيه: إن تكن الطيرة في شيء الحديث.
والطيرة والشؤم بمعنى واحد، وقال عبد الرزاق في مصنفه عن معمر: سمعت من فسّر هذا الحديث يقول: شؤم المرأة إذا كانت غير ولود، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليها، وشؤم الدار جار السوء، وفيما اختاره الحافظ أبو الطاهر أحمد السلفي من الطيوريات من حديث ابن عمر أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إذا كان الفرس حرونًا فهو مشؤوم وإذا كانت المرأة قد عرفت زوجًا قبل زوجها فحنّت إلى الزوج الأول فهي مشؤومة، وإذا كانت الدار بعيدة عن المسجد لا يسمع فيها الأذان والإقامة فهي مشؤومة وإذا كن بغير هذا الوصف فهن مباركات".
وأخرجه الدمياطي في كتاب الخيل وإسناده ضعيف، وفي حديث حكيم بن معاوية عند الترمذي قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "لا شؤم وقد يكون اليمن في المرأة والدار والفرس".
وهذا كما قال في الفتح في إسناده ضعف مع مخالفته للأحاديث الصحيحة.

وهذا الحديث قد مرّ في باب: لا طيرة.




[ قــ :5463 ... غــ : 5773 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ: حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ عَدْوَى».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف ( أنا أبا هريرة) -رضي الله عنه- ( قال: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : ولأبي ذر وابن عساكر يقول: ( لا عدوى) .




[ قــ :5463 ... غــ : 5774 ]
- قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ تُورِدُوا الْمُمْرِضَ عَلَى الْمُصِحِّ».

( قال أبو سلمة بن عبد الرحمن) بالسند السابق ( سمعت أبا هريرة) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لا توردوا) بالفوقية وصيغة الجمع ( الممرض) بكسر الراء في الفرع وفي غيره الممرض بفتحها أي من الإبل ( على المصح) منها فربما يصاب بذلك المرض فيقول الذي أورده لو أني ما أوردته عليه لم يصبه من هذا المرض شيء والواقع أنه لو لم يورده لأصابه لأن الله تعالى قدّره، فنهى عن إيراده لهذه العلة التي لا يؤمن غالبًا من وقوعها في قلب المرء وهو كنحو قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فر من المجذوم فرارك من الأسد"، وإن كنا نعتقد أن الجذام لا يعدي لكنا نجد في أنفسنا نفرة وكراهية لمخالطته ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: لا يورد بالمثناة التحتية وكسر الراء في الفرع وفي غيره لا يورد بفتحها مبنيًّا للمفعول.
الممرض رفع نائب عن الفاعل.




[ قــ :5463 ... غــ : 5775 ]
- وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ: أَخْبَرَنِى سِنَانُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ الدُّؤَلِىُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ عَدْوَى» فَقَامَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ الإِبِلَ تَكُونُ فِى الرِّمَالِ أَمْثَالَ الظِّبَاءِ فَيَأْتِيهِ الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَتَجْرَبُ؟ قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ».

( وعن الزهري) بالسند السابق أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( سنان بن أبي سنان) بكسر السين المهملة وتخفيف النون فيهما واسم أبي سنان يزيد بن أمية ( الدؤلي) بضم الدال المهملة بعدها همزة مفتوحة نسبة إلى الدؤل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ( أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله قال) :
( لا عدوى) يعني أن المرض لا يتعدّى من صاحبه إلى من يقاربه من الأصحاء فيمرض لذلك ودخول النسخ في هذا كما تخيله بعضهم لا معنى له فإن قوله: لا عدوى خبر محض لا يمكن
نسخه إلا بأن يقال هو نهي عن اعتقاده العدوى لا نفي لها ( فقام أعرابي) لم أعرف اسمه ( فقال) يا رسول الله ( أرأيت) أخبرني ( الإبل تكون في الرمال أمثال الظباء) في الصحة والحسن والقوّة ( فيأتيه) بضمير المذكر ولأبي ذر عن الكشميهني فيأتيها ( البعير الأجرب) فيخالطها ( فتجرب) لذلك ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فمن أعدى) البعير ( الأول) مراده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الأول لم يجرب بالعدوى بل بقضاء الله وقدره فكذلك الثاني وما بعده، وزاد في حديث ابن مسعود عند الإمام أحمد بعد قوله: فمن أجرب الأول؟ إن الله خلق كل نفس وكتب حالها ومصابها ورزقها.
الحديث، فأخبر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن ذلك كله بقضاء الله وقدره كما دل عليه قوله تعالى: { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب} [الحديد: ] الآية.
وأما النهي عن إيراد الممرض فمن باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى وجعلها أسبابًا للهلاك أو الأذى والعبد مأمور باتقاء أسباب البلاء إذا كان في عافية منها، وفي حديث مرسل عند أبي داود أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرّ بحائط مائل فقال: أخاف موت الفوات.




[ قــ :5464 ... غــ : 5776 ]
- حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِى الْفَأْلُ».
قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( محمد بن بشار) المعروف ببندار قال: ( حدّثنا محمد بن جعفر) المعروف بغندر قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: سمعت قتادة) بن دعامة ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لا عدوى) نهي لما يعتقده أهل الجاهلية من أن هذه الأمراض تعدي بطبعها من غير اعتقاد تقدير الله لذلك ( ولا طيرة) وهي من أعمال أهل الشرك والكفر فقد حكاه الله تعالى عن قوم فرعون وقوم صالح وأصحاب القرية التي جاءها المرسلون وورد من ردته الطيرة عن أمر يريده فقد قارف الشرك، وفي حديث ابن مسعود مرفوعًا: "الطيرة من الشرك وما منا إلا من تطير ولكن الله يذهبه بالتوكل" والمشروع اجتناب ما ظهر منها واتقاؤه بقدر ما وردت به الشريعة كاتقاء المجذوم وأما ما خفي منها فلا يشرع اتقاؤه واجتنابه فإنه من الطيرة المنهي عنها.
وفي حديث مرسل عند أبي داود أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ليس عبدًا لا يدخل قلبه طيرة فإذا أحس بذلك فليقل أنا عبد الله ما شاء الله لا قوة إلا باله لا يأتي بالحسنات إلا الله ولا يذهب بالسيئات إلا الله أشهد أن الله على كل شيء قدير" ثم يمضي لوجهه.

( ويعجبني الفأل) بهمزة ساكنة كاللاحقة ( قالوا: وما الفأل) ؟ يا رسول الله ( قال: كلمة طيبة) يسمعها أحدكم إذا خرج لحاجته كيًا نجيح وما أشبه ذلك.

وهذا الحديث قد سبق قريبًا في باب الفأل.