فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه

باب مَنْ جَعَلَ فَصَّ الْخَاتَمِ فِى بَطْنِ كَفِّهِ
( باب من جعل فص الخاتم) إذا لبسه ( في بطن كفه) ليعلم أنه لم يلبسه للزينة بل للختم ونحوه وسقط لفظ بال لأبي ذر.


[ قــ :5562 ... غــ : 5876 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ جَعَلَ فَصَّهُ فِى بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ فَاصْطَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ فَرَقِىَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: «إِنِّى كُنْتُ اصْطَنَعْتُه، ُ وَإِنِّى لاَ أَلْبَسُهُ» فَنَبَذَهُ فَنَبَذَ النَّاسُ.
قَالَ جُوَيْرِيَةُ: وَلاَ أَحْسِبُهُ إِلاَّ قَالَ: فِى يَدِهِ الْيُمْنَى.

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) أبو سلمة التبوذكي الحافظ قال: ( حدّثنا جويرية) بن أسامة ( عن نافع) مولى ابن عمر ( أن عبد الله) بن عمر بن الخطاب ( حدّثه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اصطنع خاتمًا من ذهب) الأصل اصتنع بالمثناة الفوقية فلما جاورت التاء الصاد والتاء حرف مستقل والصاد مستعل مطبق منافر للفوقية أبدلوا منها حرفًا مناسبًا للصاد وكانت الطاء أولى من غيرها لأنها من مخرج الفوقية وإن كانت الدال أيضًا من ذلك المخرج لكن التاء إلى الطاء أقرب منها إلى الدال على ما هو مقرر عند النحاة ( ويجعل) ولأبي ذر عن الكشميهني وجعل ( فصه) بفتح الفاء ( في بطن كفه إذا لبسه فاصطنع الناس خواتيم من ذهب) ولأبي ذر الخواتيم من ذهب ( فرقي) بكسر القاف صعد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال) بعد ذلك:
( إني كنت اصطنعته) يعني خاتم الذهب ( وإني لا ألبسه) أبدًا لكونه حرّم حينئذ ( فنبذه) أي طرحه ( فنبذ الناس) خواتيمهم جملة من فعل وفاعل حذف مفعوله للعلم به.

( قال جويرية) بن أسامة المذكور بالسند السابق: ( ولا أحسبه) أي ولا أحسب نافعًا ( إلا قال) وجعله ( في يده اليمنى) أخرج الإسماعيلي عن الحسين بن سفيان عن عبد الله بن محمد بن أسماء وابن سعد عن مسلم بن إبراهيم كلاهما عن جويرية أنه لبسه في يده اليمنى ولم يشكا، وأخرجه مسلم كذلك أيضًا من طريق عقبة بن خالد عن عبيد الله بن عمر بن نافع عن ابن عمر، والترمذي وابن سعد من طريق موسى بن عقبة عن نافع بلفظ: صنع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خاتمًا من ذهب فتختم به في يمينه ثم جلس على المنبر فقال: إني كنت اتخذت هذا الخاتم في يميني ثم نبذه الحديث، وهذا صريح من لفظه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دافع للبس وموسى بن عقبة أحد الثقات الإثبات، والأفضل عند الشافعية جعل الخاتم في اليمين وجعل فصّه من باطن كفه ولم يعين البخاري موضع الخاتم
من أي اليدين إلاّ في رواية جويرية هذه كما قاله الحافظ أبو ذر وقد جزم غيره كما مرّ باليمين وأما رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر المروية عند ابن عدي، ورواية عبد العزيز بن أبي داود عن نافع عن ابن عمر كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتختم في يساره فقال الحافظ: إنها شاذة ورواتها أقل عددًا وألين حفظًا ممن روى اليمين وورد عن جماعة من الصحابة والتابعين من أهل المدينة وغيرهم التختم في اليمين، وجمع البيهقي بينهما بأن الذي لبسه في اليمين هو خاتم الذهب كما صرح به في حديث ابن عمر، والذي لبسه في اليسار هو خاتم الفضة.
وقال البغوي في شرح السُّنَّة: إنه تختم أوّلاً في يمينه ثم تختم في يساره وكان ذلك آخر الأمرين ويترجح جعله في اليمين مطلقًا بأن اليسار آلة للاستنجاء فيصان الخاتم إذا كان في اليمين عن أن تصيبه النجاسة، ونقل النووي الإجماع على الجواز ولا كراهة فيه عند الشافعية وإنما الخلاف عندهم في الأفضلية والله أعلم.