فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب التصاوير

باب التَّصَاوِيرِ
( باب) حكم ( التصاوير) من جهة مباشرة صنعتها واستعمالها أو اتخاذها.


[ قــ :5628 ... غــ : 5949 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِى طَلْحَةَ - رضى الله عنهم - قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ
تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ تَصَاوِيرُ».
.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ: حَدَّثَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود ( عن ابن عباس عن أبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري ( -رضي الله عنهم-) أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لا تدخل الملائكة) الحفظة وغيرهم ( بيتًا فيه كلب) أو المراد ملائكة الوحي كجبريل وإسرافيل لكن يلزم منه اقتصار النفي على عهده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأن الوحي انقطع بعده وبانقطاعه ينقطع نزولهم، فالمراد بالملائكة الذين ينزلون بالرحمة والمستغفرون للعبد أما الحفظة فإنهم لا يفارقون المكلف في كل حال كما جزم به الخطابي وغيره، وأجاب عن الأول بجواز أن لا يدخلوا بأن يكونوا على باب البيت مثلاً ويطلعهم الله تعالى على عمل العبد ويسمعهم قوله، والمراد بالبيت المكان الذي يستقر فيه الإنسان سواء كان بيتًا أو خيمة أو غيرهما وظاهر قوله كلب العموم لأنه نكرة في سياق النفي فيعم وإليه ذهب النووي والقرطبي واستثنى الخطاب وغيره الكلاب التي أذن الشارع في اتخاذها وهي التي للصيد والزرع والماشية وسبب عدم الدخول قيل لنجاسة عين الكلب، وعورض بأن الخنزير أشد نجاسة منه للنص الوارد فيه، وقيل لكونه يكثر أكل النجاسات، وعورض بأن السنور أيضًا يكثر أكلها وقيل لكونه من الشياطين وعورض بأنه لا يخلو بيت من الشياطين ومع هذا لم يرد امتناع الملائكة من الدخول في بيت فيه هرة ولا خنزير ولا غيرهما ( ولا) تدخل الملائكة بيتًا فيه ( تصاوير) مما يشبه الحيوان ما لم تقطع رأسه أو يمتهن أو عام في كل الصور وسبب الامتناع كونها معصية فاحشة إذ فيها مضاهاة لخلق الله وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله وفي بدء الخلق ولا صورة بالإفراد، وكان الأصل أن يقول لا تدخل بيتًا فيه كلب وتصاوير بغير إعادة حرف النفي لكنه أعاده للاحتراز من توهم القصر في عدم الدخول على اجتماع الكلب والصور نحو قولك ما كلمت زيدًا ولا عمرًا إذ لو حذفت لأجاز أن يكون كلم أحدهما لأن الواو للجمع فلما أعيد حرف النفي صار التقدير ولا تدخل الملائكة بيتًا فيه تصاوير كما سبق.

وهذا الحديث سبق في بدء الخلق وفي المغازي وأخرجه مسلم في اللباس.

( وقال الليث) بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري الإمام المشهور فيما وصله أبو نعيم في مستخرجه ( حدّثني) بالإفراد ( يونس) بن يزيد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله) بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه ( سمع ابن عباس) يقول ( سمعت أبا طلحة) يقول ( سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ووجه ذكر هذا التعليق تصريح ابن شهاب وشيخه عبيد الله ومن فوقهما بالتحديث في جميع الإسناد، ووقع في رواية الأوزاعي عن
الزهري عن عبيد الله عن أبي طلحة لم يذكر ابن عباس بينهما، ورجح الدارقطني رواية من أثبته قاله في فتح الباري.