فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ

باب مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ
هذا ( باب) بالتنوين ( من صور صورة) حيوانية ( كلف) بضم الكاف وتشديد اللام المكسورة ( يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافع) .


[ قــ :5642 ... غــ : 5963 ]
- حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ قَتَادَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُمْ يَسْأَلُونَهُ وَلاَ يَذْكُرُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سُئِلَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِى الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ».

وبه قال: ( حدّثنا عياش بن الوليد) بالتحتية المشددة والشين المعجمة آخره الرقام قال: ( حدّثنا عبد الأعلى) قال: ( حدّثنا سعيد) هو ابن أبي عروبة ( قال: سمعت النضر) بالنون المفتوحة والضاد المعجمة الساكنة ( ابن أنس بن مالك يحدّث قتادة) بن دعامة.
قال في فتح الباري: كان سعيد بن أبي عروبة كثير الملازمة لقتادة فاتفق أن قتادة والنضر اجتمعا فحدّث النضر قتادة فسمعه سعيد وهو معه وقع في رواية المستملي وغيره يحدّثه قتادة والضمير للحديث وقتادة نصب على المفعولية والفاعل النضر ( قال) النضر ( كنت عند ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( وهم يسألونه) أي يستفتونه وهو يجيبهم عما يستفتونه ( ولا يذكر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما يجيبهم أي لا يذكر الدليل من السُّنّة ( حتى سئل) أي يذكر ما سئل عنه نعم في مسلم عن النضر بن أنس بن مالك قال: كنت جالسًا عند ابن عباس فجعل يفتي ولا يقول قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى سأله رجل فقال: إني رجل أصوّر هذه الصور فقال له ابن عباس أدنه فدنا الرجل ( فقال) ابن عباس -رضي الله عنهما-: ( سمعت
محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: مَن صوّر صورة)
ذات روح ( في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ) أبدًا فهو معذب دائمًا لأنه جعل غاية عذابه إلى أن ينفخ في تلك الصورة الروح وأخبر أنه ليس بنافخ فيها وهذا يقتضي تخليده في النار، وهذا في حق الذي يكفر بالتصوير أما في غيره وهو العاصي يفعل ذلك غير مستحل له ولا قاصد أن يعبد فيعذب عذابًا يستحقه ثم يخلص منه، وحينئذٍ يتعين تأويل الحديث على أن المراد به الزجر الشديد بالوعيد بعقاب الكافر ليكون أبلغ في الارتداع وظاهره غير مراد إلا أن حمله على ما ذكر أولى ولا تنافي بين قوله هنا كلف أن ينفخ وبين قوله إن الآخرة ليست دار تكليف، فإن المراد بالنفي في الثاني أنها ليست دار تكليف عمل يترتب عليه ثواب أو عقاب فأما مثل هذا التكليف فليس بممتنع لأنه نفسه عذاب نسأل الله العافية.