فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب تبل الرحم ببلالها

باب يَبُلُّ الرَّحِمَ بِبَلاَلِهَا
( باب) بالتنوين ( يبل) الشخص المكلف ( الرحم) ولأبي ذر: قبل بضم الفوقية وفتح الموحدة الرحم ( ببلالها) بكسر الموحدة الأولى وفتح الثانية وكسرها والبلال بمعنى البلل وهو النداوة وأطلق ذلك على الصلة كما أطلق اليبس على القطيعة.


[ قــ :5667 ... غــ : 5990 ]
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ يَقُولُ: «إِنَّ آلَ أَبِى»، قَالَ: عَمْرٌو فِى كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ: «بَيَاضٌ لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِى إِنَّمَا وَلِيِّىَ اللَّهُ
وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ».
زَادَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلاَلِهَا» يَعْنِى أَصِلُهَا بِصِلَتِهَا.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: بِبِلاهَا كَذَا وَقَعَ وَبِبِلاَهَا أَجْوَدُ وَأَصَحُّ وَبِِبِلاَهَا لاَ أَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا,
وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدثني بالإفراد ( عمرو بن عباس) بفتح العين وسكون الميم وعباس بالموحدة والمهملة أبو عثمان الباهلي البصري قال: ( حدّثنا محمد بن جعفر) غندر البصري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن إسماعيل بن أبي خالد) سعد البجلي الكوفي ( عن قيس بن أبي حازم) عوف البجلي ( أن عمرو بن العاص) -رضي الله عنه- ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جهارًا) يتعلق بالمفعول أي كان المسموع في حال الجهر أو بالفاعل أي أقول ذلك جهارًا ( غير سرّ) تأكيد لرفع توهم أنه جهر به مرة وأخفاه أخرى ( يقول) :
( إن آل أبي) بحذف ما يضاف إلى أداة الكنية ولأبي ذر عن المستملي أبي فلان كناية عن اسم علم وجزم الدمياطي في حواشيه بأن المراد آل أبي العاص بن أمية، وفي سراج المريدين لابن العربي آل أبي طالب، وأيّده في الفتح بأنه في مستخرج أبي نعيم من طريق الفضل بن الموفق عن عنبسة بن عبد الواحد بسند البخاري عن بيان بن بشر عن قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص رفعه "إن لبني أبي طالب رحمًا" الحديث.

( قال عمرو) : هو ابن عباس شيخ البخاري فيه ( في كتاب محمد بن جعفر) يعني غندرًا شيخ عمرو فيه ( بياض) بالرفع على الصواب أي موضع أبيض بغير كتابة وضعف الجر إذ يكون المعنى في كتاب محمد بن جعفر أن آل أبي بياض لأنه لا يعرف في العرب قبيلة يقال لها أبو بياض فضلاً عن قريش، وسياق الحديث يشعر بأنهم من قبيلته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي قريش ( ليسوا بأوليائي) .
قال في الفتح: وفي نسخة من رواية أبي ذر بأولياء، والمراد كما قال السفاقسي: من لم يسلم منهم فهو من إطلاق الكل وإرادة البعض، وحمله الخطابي على ولاية القرب والاختصاص لا ولاية الدين ( إنما وليي الله) بتشديد الياء مضافًا لياء المتكلم المفتوحة ( وصالح المؤمنين) من صلح منهم أي من أحسن وعمل صالحًا وقيل من برئ من النفاق، وقيل الصحابة وهو واحد أريد به الجمع كقولك لا تقتل هذا الصالح من الناس تريد الجنس، وقيل أصله صالحو فحذفت الواو من الخط موافقة للفظ.
وقال في شرح المشكاة: المعنى لا أوالي أحدًا بالقرابة وإنما أحب الله لما له من الحق الواجب على العباد وأحب صالح المؤمنين لوجه الله وأوالي من أوالي بالإيمان والصلاح سواء كان من ذوي رحمي أم لا، ولكن أراعي لذوي الرحم حقهم بصلة الرحم.

( زاد عنبسة بن عبد الواحد) بفتح العين المهملة والموحدة بينهما نون ساكنة والسين مهملة مفتوحة وهو موثق عندهم وليس له في البخاري إلا هذا الحديث كان يعد من الإبدال ( عن بيان) بالموحدة المفتوحة وتخفيف التحتية وبعد الألف نون ابن بشر بالشين المعجمة الأحمسي ( عن قيس) هو ابن حازم ( عن عمرو بن العاص) -رضي الله عنه- أنه ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ولكن لهم)
أي لآل أبي ( رحم) قرابة ( أبلها) بفتح الهمزة وضم الموحدة وتشديد اللام المضمومة ( ببلالها) .
قال في شرح المشكاة فيه مبالغة بما عرف، واشتهر شبه الرحم بأرض إذا بلت بالماء حق بلالها أزهرت وأثمرت ورئي في أثمارها أثر النضارة وأثمرت المحبة والصفاء، وإذا تركت بغير سقي يبست وأجدبت فلم تثمر إلا العداوة والقطيعة ( يعني أصلها بصلتها) .
وهذا التفسير سقط من رواية النسفيّ ولأبي ذر ببلائها بعد اللام ألف همزة.

( قال أبو عبد الله) .
أي البخاري ( ببلاها) أي بغير لام ثانية ( كذا وقع وببلالها) أي بإثبات اللام ( أجود وأصح وببلاها لا أعرف له وجهًا) .
قال في الكواكب: يحتمل أن يقال وجهه أن البلا جاء بمعنى المعروف والنعمة، وحيث كان الرحم مصرفها أضيف إليها بهذه الملابسة فكأنه قال: أبلها بمعروفها اللائق بها والله أعلم.

وهذا الحديث أخرجه في الإيمان.