فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال

باب مَنْ كَفَّرَ أَخَاهُ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ فَهْوَ كَمَا قَالَ
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( من كفر) بتشديد الفاء ولأبي ذر من أكفر ( أخاه) المسلم دعاه كافرًا أو نسبه إلى الكفر ( بغير تأويل) في تكفيره ( فهو) أي الذي أكفره ( كما قال) : لأخيه جواب الشرط في قوله: من كفر أي رجع عليه.


[ قــ :5774 ... غــ : 6103 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا».
.

     وَقَالَ  عِكْرِمَةُ بْنُ
عَمَّارٍ: عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا محمد) هو ابن يحيى الذهلي ( وأحمد بن سعيد) أي ابن صخر الدارمي.
قال في الفتح: جزم بذلك أبو نصر الكلاباذي، وقال في الكواكب، قال الغساني: محمد هو ابن بشار بإعجام الشين أو ابن المثنى ضد المفرد وأحمد بن سعيد الدارمي بالدال والراء ( قالا: حدّثنا عثمان بن عمر) بضم العين ابن فارس العبدي البصري قال: ( أخبرنا علي بن المبارك) الهنائي ( عن يحيى بن أبي كثير) أبي نصر اليماني الطائي مولاهم أحد الأعلام ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( إذا قال الرجل لأخيه) المسلم ( يا كافر) ولأبي ذر قال الرجل لأخيه كافر بإسقاط حرف النداء وبالتنوين ( فقد باء) بالموحدة والمد رجع ( به) أي بالكفر ( إحدهما) لأنه إن كان القائل صادقًا في نفس الأمر فالمرمي كافر وإن كان كاذبًا فقد جعل الرامي الإيمان كفرًا ومن جعل الإيمان كفرًا فقد كفر، كذا حمله البخاري على تحقق الكفر على أحدهما بمقتضى الترجمة ولذا ترجم عليه مقيدًا بغير تأويل، وحمله بعضهم على الزجر والتغليظ فيكون ظاهره غير مراد.

والحديث من أفراده.

( وقال عكرمة بن عمار) بتشديد الميم فيما وصله الحارث بن أبي أسامة وأبو نعيم في مستخرجه ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن عبد الله بن يزيد) من الزيادة مولى الأسود المخزومي وليس له في البخاري سوى هذا وآخر موصولاً في التفسير أنه ( سمع أبا سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف أنه ( سمع أبا هريرة) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .




[ قــ :5775 ... غــ : 6104 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا».

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن عبد الله بن أبي أويس ( قال: حدثني) بالإفراد ( مالك) الإمام الأعظم ( عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( أيما رجل قال لأخيه) المسلم ( يا كافر) ولأبي ذر بإسقاط أداة النداء والتنوين ( فقد باء) رجع ( بها) بالكلمة أو بالخصلة ( أحدهما) قيل المراد بأحدهما القائل خاصة وهذا على مذهبهم في استعمال الكناية وترك التصريح بالسوء كقول الرجل لمن أراد أن يكذبه: والله إن أحدنا لكاذب ويريد خصمه على التعيين، وحمله بعضهم على المستحل لذلك إذ المسلم لا يكفر بالمعصية، أو المراد رجع عليه التكفير إذ كأنه كفر نفسه لأنه كفر من هو مثله، أو المراد أن ذلك يؤول به إلى الكفر لأن المعاصي بريد الكفر ويخاف على المكثر منها أن تكون عاقبة شؤمها المصير إليه.




[ قــ :5776 ... غــ : 6105 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ كَاذِبًا فَهْوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) أبو سلمة التبوذكي الحافظ قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء مصغرًا ابن خالد قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي ( عن ثابت بن الضحاك) بن خليفة بن ثعلبة الأنصاري -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( من حلف بملّة غير) ملّة ( الإسلام) كأن يقول: إن فعل كذا فهو يهودي ( كاذبًا فهو كما قال) .
كاذب لا كافر لأنه ما تعمد الكذب الذي حلف عليه التزام الملة التي حلف بها بل كان ذلك على سبيل الخديعة للمحلوف له وأما من حلف بها وهو فيما حلف عليه صادق فهو لتصحيح براءته من تلك الملة مثل أن يقول: هو يهودي إن أكل اليوم ولم يأكل فيه فلم يتوجه عليه إثم لعقد نيته على نفيها شرطها لكنه لا يبرأ من الملامة لمخالفته حديث: من كان حالفًا فليحلف بالله.
نعم يكفر إن أراد أن يكون متصفًا بذلك إذا وقع المحلوف عليه لأن إرادة الكفر كفر ( ومن فتل نفسه بشيء عذب به في نار جهنم) فعذابه من جنس علمه ( ولعن المؤمن كقتله) لأن اللعن تبعيد من رحمة الله والقتل تبعيد من الحياة ( ومن رمى مؤمنًا بكفر) كان قال: يا كافر ( فهو) أي الرمي ( كقتله) في التحريم أو في التألم، ووجه المشابهة أن النسبة إلى الكفر الموجب للقتل كالقتل في أن المتسبب للشيء كفاعله.

والحديث سبق في الجنائز.