فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا

باب مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ مُتَأَوِّلاً أَوْ جَاهِلاً
وَقَالَ عُمَرُ لِحَاطِبٍ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ».

( باب من لم ير إكفار من قال ذلك) القول السابق في الترجمة المتقدمة حال كونه ( متأولاً) بأن ظنه كذا ( أو) قال حال كونه ( جاهلاً) بحكم ذلك القول أو المقول فيه.

( وقال عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( لحاطب) بالحاء والطاء المهملتين بينهما ألف وآخره موحدة، ولأبي ذر بزيادة ابن أبي بلتعة مما سبق موصولاً في سورة الممتحنة لما ظن نفاقه بكتابه إلى أهل مكة يخبرهم أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يغزوهم ( أنه منافق) وللحموي والمستملي أنه نافق بصيغة الماضي ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لعمر:
( وما يدريك لعل الله قد اطّلع الى) ولأبي ذر عن الكشميهني على ( أهل بدر) الذين حضروا وقعتها ( فقال: قد غفرت لكم) ومعنى الترجي راجع إلى عمر لأن وقوع هذا الأمر محقق عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.


[ قــ :5777 ... غــ : 6106 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا سَلِيمٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ - رضى الله عنه - كَانَ يُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ يَأْتِى قَوْمَهُ فَيُصَلِّى بِهِمُ الصَّلاَةَ فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ قَالَ: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلاَةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَأَتَى النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا وَنَسْقِى بِنَوَاضِحِنَا وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ فَتَجَوَّزْتُ فَزَعَمَ أَنِّى مُنَافِقٌ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ»؟ ثَلاَثًا «اقْرَأْ { وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] ، وَ { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] وَنَحْوَهَا».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عبادة) الواسطي بفتح العين المهملة والموحدة المخففة كما ذكره الحفاظ الدارقطني وابن ماكولا وأبو علي الغساني والحافظ عبد الغني روى عنه البخاري هنا وفي كتاب الاعتصام قال: ( أخبرنا يزيد) من الزيادة ابن هارون قال: ( أخبرنا سليم) بفتح السين المهملة وكسر اللام ابن حبان الهذلي البصري قال: ( حدّثنا عمرو بن دينار) قال: ( حدّثنا جابر بن عبد الله) الأنصاري ( أن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- كان يصلي مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم يأتي قومه) بني سلمة ( فيصلّي بهم الصلاة) التي صلاها مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولأبي ذر: صلاة وكانت صلاة العشاء، ولأبي داود والنسائي: صلاة المغرب، لكن قال البيهقي: رواية العشاء أصح ( فقرأ بهم البقرة) ولمسلم فافتتح سورة البقرة ( قال) جابر: ( فتجوّز رجل) هو حزم بن أبي بن كعب كما عند أبي داود وابن حبان، وعند الخطيب هو سلم بن الحارث ولابن الأثير حرام بن ملحان أي فخفف ( فصلّى) منفردًا ( صلاة خفيفة) بأن يكون قطع الصلاة أو قطع القدوة ( فبلغ ذلك معاذًا فقال: إنه منافق) قال ذلك متأولاً ظانًّا أن التارك للجماعة منافق ( فبلغ ذلك الرجل فأتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله إنا قوم نعمل بأيدينا ونسقي بنواضحنا) جمع ناضح بالضاد المعجمة والحاء المهملة البعير الذي يسقى عليه ( وإن معاذًا صلى بنا البارحة فقرأ البقرة فتجوّزت) في صلاتي ( فزعم أني منافق فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يا معاذ أفتان أنت) قال له ذلك ( ثلاثًا) .
أي منفر عن الجماعة والهمزة للاستفهام الإنكاري ( اقرأ) إذا كنت إمامًا ( والشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى ونحوهما) من قصار المفصل.

والحديث سبق في الصلاة في باب إذا طوّل الإمام وكان للرجل حاجة فخرج.




[ قــ :5778 ... غــ : 6107 ]
- حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِى حَلِفِهِ: بِاللاَّتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصَدَّقْ».

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( إسحق) بن راهويه كما عند ابن السكن وجزم به في الفتح وقال الكلاباذي: ابن منصور قال: ( أخبرنا أبو المغيرة) عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الحمصي من شيوخ البخاري قال: ( حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن قال: ( حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم ( عن حميد) بضم الحاء المهملة وفتح الميم مصغرًا ابن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( من حلف منكم فقال في حلفه) بفتح الحاء وكسر اللام ناسيًا أو جاهلاً ( باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله) لأنه فعل صورة تعظيم الأصنام حين حلف بها فأمره أن يتدارك ذلك بكلمة التوحيد ( ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك) بالجزم ( فليتصدق) بما تيسر.

والحديث سبق في تفسير سورة النجم.




[ قــ :5779 ... غــ : 6108 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضى الله عنهما- أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِى رَكْبٍ وَهْوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ وَإِلاَّ فَلْيَصْمُتْ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا ليث) هو ابن سعد الفهمي الإمام ولأبي ذر الليث ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه أدرك) أباه ( عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- ( في ركب وهو يحلف بأبيه) الواو للحال ( فناداهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ألا) بتخفيف اللام للتنبيه ( إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم) لأن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى فلا يضاهي بها غيره ( فمن كان حالفًا فليحلف بالله وإلاّ فليصمت) ولأبي ذر عن الكشميهني: أو ليصمت بضم الميم فيهما ليسكت.
قال في الفتح: وفي بعض طرق الحديث من حلف بغير الله فقد أشرك، لكن لما كان حلف عمر بذلك قبل أن يسمع النهي كان معذورًا.
فلذا اقتصر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على نهيه ولم يؤاخذه لأنه تأوّل أن حق أبيه عليه يقتضي أنه يستحق أن يحلف به فبين له عليه الصلاة والسلام الحكم.
وقال في المصابيح: وجه المطابقة أن عمر -رضي الله عنه- لما حلف بأبيه الخطاب ولم يكن الخطاب مؤمنًا والحلف فيه تعظيم للمحلوف به فيلزم أن يكون الحلف بالكافر تعظيمًا له لكن عذره بالتأويل فتأمله فإن فيه بحثًا على ما يظهر اهـ.

والحديث سبق في سورة النجم.