فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب هجاء المشركين

باب هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ
( باب) استحباب ( هجاء المشركين) أي ذمهم في الشعر والهجاء والهجو بمعنى يقال هجوته بالواو ولا يقال هجيته بالياء.


[ قــ :5820 ... غــ : 6150 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَكَيْفَ بِنَسَبِى»؟ فَقَالَ حَسَّانُ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ.

وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: لاَ تَسُبُّهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا محمد) هو ابن سلام قال: ( حدّثنا عبدة) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة ابن سليمان قال: ( أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت:
استأذن حسان بن ثابت)
بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي ثم النجاري شاعر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأمه الفريعة بالفاء والعين المهملة مصغرًا خزرجية أيضًا أدركت الإسلام فأسلمت وبايعت.
قال أبو عبيدة: فضل حسان الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أيام النبوّة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام، وكان يهجو الذين كانوا يهجون رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واستأذن ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هجاء المشركين) ذمهم في شعره ( فقال) له ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فكيف بنسبي) أي فكيف تهجوهم ونسبي فيهم فربما يصيبني شيء من الهجو ( فقال حسان: لأسلنك منهم) لأتلطفن في تخليص نسبك من هجوهم بحيث لا يبقى جزء من نسبك فيما ناله الهجو ( كما تسل الشعرة من العجين) فإنها لا يبقى عليها منه شيء وذلك بأن يهجوهم بأفعالهم وبما يختص عاره بهم.

والحديث مرّ في المغازي، وأخرجه مسلم في الفضائل.

( وعن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير بالسند السابق أنه ( قال: ذهبت أسب حسان) بن ثابت ( عند عائشة) -رضي الله عنها- لموافقته لأهل الإفك ( فقالت: لا تسبه فإنه كان ينافح) بضم التحتية وفتح النون وبعد الألف فاء فحاء مهملة يدافع ويخاصم ( عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) والمراد بالمنافحة هنا هجاء المشركين ومجازاتهم على أشعارهم.




[ قــ :58 ... غــ : 6151 ]
- حَدَّثَنَا أَصْبَغُ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ أَبِى سِنَانٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ فِى قَصَصِهِ يَذْكُرُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ أَخًا لَكُمْ لاَ يَقُولُ: الرَّفَثَ» يَعْنِى بِذَاكَ ابْنَ رَوَاحَةَ قَالَ:
فِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الْفَجْرِ سَاطِعُ
أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ
يَبِيتُ يُجَافِى جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْكَافِرِينَ الْمَضَاجِعُ
تَابَعَهُ عُقَيْلٌ.

     وَقَالَ  الزُّبَيْدِىُّ: عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ وَالأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.

وبه قال: ( حدّثنا أصبغ) بالغين المعجمة ابن الفرج أبو عبد الله المصري وهو من إفراده قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عبد الله بن وهب) المصري قال: ( أخبرني) بالإفراد ( يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( أن الهيثم بن أبي سنان) المدني ( أخبره أنه سمع أبا هريرة) -رضي الله عنه- ( في قصصه) بفتح القاف والصاد الاسم وبكسر القاف جمع قصة والقص في الأصل البيان ( يذكر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: إن أخًا لكم لا يقول الرفث) بالمثلثة أي الفحش ( يعني) أبو هريرة ( بذلك ابن رواحة) وهو عبد الله بن رواحة بفتح الراء والواو وبعد الألف حاء مهملة ابن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو الأنصاري الخزرجي الشاعر المشهور وليس له عقب من السابقين
الأوّلين من الأنصار وهو أحد النقباء ليلة العقبة شهد بدرًا وما بعدها إلى أن استشهد بمؤتة ( قال) يمدح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فينا) ولأبي ذر: وفينا ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ( يتلو كتابه) .
القرآن.

( إذا انشق معروف من الفجر ساطع) مرتفع صفة لمعروف أي أنه يتلو كتاب الله وقت انشقاق الوقت الساطع من الفجر ( أرانا الهدى بعد العمى) بعد الضلالة ( فقلوبنا به) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( موقنات أن ما قال) من أمور الغيب ( واقع) .

( يبيت) حال كونه ( يجافي) يرفع ( جنبه عن فراشه) كناية عن تهجده ( إذا استثقلت بالمشركين) ولغير الكشميهني بالكافرين ( المضاجع) وهذه الأبيات من البحر الطويل.

والحديث سبق في باب فضل من تعارّ من الليل من التهجد.

( تابعه) أي تابع يونس ( عقيل) بضم العين ابن خالد في روايته ( عن الزهري) محمد بن مسلم فيما وصله الطبراني في الكبير ( وقال الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة محمد بن الوليد الشامي ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن سعيد) بكسر العين ابن المسيب ( والأعرج) عبد الرحمن بن هرمز كلاهما ( عن أبي هريرة) فيما وصله البخاري في تاريخه الصغير والطبراني أيضًا.




[ قــ :583 ... غــ : 615 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَيَقُولُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري ح) كذا في بعض الفروع المعتمدة.

( وحدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال: حدثني) بالإفراد ( أخي) أبو بكر واسمه عبد الحميد ( عن سليمان) بن بلال ( عن محمد بن أبي عتيق) هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق التيمي القرشي وأبو عتيق كنية جده محمد ( عن ابن شهاب) كذا في بعض الفروع المعتمدة ( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري) -رضي الله عنه- حال كونه ( يستشهد أبا هريرة) -رضي الله عنه- يطلب منه الإخبار ( فيقول: يا أبا هريرة نشدتك بالله) بنون وشين معجمة مفتوحتين من غير ألف ولأبي ذر عن الحموي والمستملي نشدتك الله بإسقاط حرف الجرّ من الجلالة الشريفة والنصب أي أقسمت عليك بالله ( هل سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( يا حسان أجب) دافعًا أو أجب الكفار ( عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إذ هجوه وأصحابه ولما كان الهجو في المشركين والطعن في أنسابهم مظنة الفحش في الكلام وبذاءة اللسان، وذلك يؤدي أن يتكلم بما يكون عليه لأنه احتاج للتأييد من الله وأن يطهره من ذلك فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( اللهم أيّده) قوّه ( بروح القدس) جبريل عليه السلام ( قال أبو هريرة: نعم) سمعته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول ذلك.

والحديث سبق في باب الشعر في المسجد من كتاب الصلاة.




[ قــ :584 ... غــ : 6153 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِحَسَّانَ: «اهْجُهُمْ» أَوْ قَالَ: «هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ».

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن عدي بن ثابت) الأنصاري ( عن البراء) -رضي الله عنه- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لحسان) بن ثابت:
( اهجهم) بهمزة وصل وسكون الهاء وضم الجيم ثم الهاء ( أو قال) : ( هاجهم) بفتح الهاء وألف بعدها وكسر الجيم والهاء بالشك من الراوي ( وجبريل معك) بالتأييد والمعاونة.

والحديث سبق في بدء الخلق.