فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب كنية المشرك

باب كُنْيَةِ الْمُشْرِكِ
وَقَالَ مِسْوَرٌ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ».

( باب) حكم ( كنية المشرك.
وقال مسور)
: بكسر الميم وسكون السين المهملة ابن مخرمة ومما وصله البخاري في أواخر كتاب النكاح في باب ذب الرجل عن ابنته ( سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول)
وهو على المنبر إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن ( إلا أن يريد ابن أبي طالب) أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم الحديث.
فذكر أبا طالب المشرك بكنيته في غيبته وكان اسمه عبد مناف.


[ قــ :5878 ... غــ : 6207 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى أَخِى، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأُسَامَةُ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِى بَنِى حَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَا حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ فَإِذَا فِى الْمَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَفِى الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ ابْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ.

     وَقَالَ : لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا الْمَرْءُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا فَلاَ تُؤْذِنَا بِهِ فِى مَجَالِسِنَا فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا فِى مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ، حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْفِضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَىْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ» يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: أَىْ رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَوَالَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ وَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 186] الآيَةَ.

     وَقَالَ : { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البقرة: 109] فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَأَوَّلُ فِى الْعَفْوِ عَنْهُمْ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ لَهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَدْرًا فَقَتَلَ اللَّهُ بِهَا مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ، فَقَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ مَنْصُورِينَ غَانِمِينَ مَعَهُمْ أُسَارَى مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ: وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ فَبَايِعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمُوا.

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم قال البخاري: ( حدّثنا) ولأبي ذر وحدّثنا بواو العطف على السند السابق
( إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدثني) بالإفراد ( أخي) عبد الحميد ( عن سليمان) بن بلال ( عن محمد بن أبي عتيق) هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق واسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عروة بن الزبير) بن العوّام ( أن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أخبره أن رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركب على حمار عليه قطيفة) كساء ( فدكية) بفتح الفاء والدال المهملة وبالكاف والتحتية المشدّدة نسبة لقرية قرب المدينة تسمى فدك ولأبي ذر على قطيفة فدكية ( وأسامة) بن زيد ( وراءه) حال كونه ( يعود سعد بن عبادة في) منازل ( بني حارث بن الخزرج) بغير ألف ولام في حارث ( قبل وقعة بدر فسارا) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأسامة ( حتى مرّا بمجلس فيه عبد الله بن أبي) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد التحتية منوّنة ( ابن سلول) برفع ابن صفة لعبد الله لأن سلول أم عبد الله وهي بفتح السين المهملة ( وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي) بضم التحتية وسكون السين المهملة أي قبل أن يظهر إسلامه ولم يسلم قط ( فإذا في المجلس أخلاط) بالخاء المعجمة الساكنة أنواع ( من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان) بالمثلثة وجر عبدة بدلاً مما قبله ( واليهود) عطف على عبدة أو على المشركين ( وفي المسلمين) ولأبي ذر عن الكشميهني وفي المجلس بدل وفي المسلمين ( عبد الله بن رواحة) بفتح الراء والواو المخففة والحاء المهملة الخزرجي الأنصاري الشاعر فلما غشيت المجلس ( عجاجة الدابة) بفتح العين المهملة والجيمين بينهما ألف مخففًا أي غبارها ( خمر) بفتح الخاء المعجمة والميم المشدّدة بعدها راء غطى ( ابن أبي) عبد الله ( أنفه بردائه وقال: لا تغبروا علينا) بالموحدة بعد المعجمة أي لا تثيروا علينا الغبار ( فسلم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليهم) ناويًا المسلمين ( ثم وقف فنزل) عن الدابة ( فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن فقال له عبد الله بن أبي ابن سلول) للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أيها المرء لا) شيء ( أحسن مما تقول) بفتح الهمزة والسين المهملة بينهما حاء مهملة ساكنة أفعل تفضيل اسم لا وخبرها شيء المقدر ( إن كان حقًّا) ويجوز أن تكون إن كان حقًّا شرطًا ولأبي ذر عن الكشميهني لا أحسن بضم الهمزة وكسر السين ما تقول بإسقاط الميم الأولى ( فلا تؤذنا) مجزوم بحذف حرف العلة وعلى القول بأن إن كان حقًّا شرط فجزاؤه فلا تؤذنا ( به) بقولك ( في مجالسنا) بالجمع ( فمن جاءك فاقصص عليه.
قال عبد الله بن رواحة)
-رضي الله عنه- ( بلى يا رسول الله فاغشنا) بهمزة وصل وفتح الشين المعجمة زاد أبو ذر عن الكشميهني به أي بقولك ( في مجالسنا) بالجمع ( فإنا نحب ذلك، فاستبّ المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون) بالتحتية ثم الفوقية ثم المثلثة المفتوحات أي قاربوا أن يثب بعضهم على بعضهم فيقتتلوا ( فلم يزل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخفضهم) بالخاء والضاد المعجمتين بينهما فاء مشددة مكسورة وفي اليونينية بفتح التحتية وسكون الخاء المعجمة يسكتهم ( حتى سكتوا) بالفوقية من السكوت وللحموي والمستملي سكنوا بالنون بدل الفوقية ( ثم ركب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة) يعوده ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أي سعد) وفي تفسير آل عمران يا سعد ( ألم تسمع ما قال أبو حباب) بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة الأولى المخففة ( يريد) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عبد الله بن أبي) وهذا موضع الترجمة لأن عبد الله لم
يكن يظهر الإسلام فذكره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكنيته في غيبته ( قال: كذا وكذا فقال سعد بن عبادة: أي) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي يا ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأبي أنت) أي مفدي بأبي ( اعف عنه واصفح فو) الله ( الذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك) بفتح الهمزة والزاي ( ولقد اصطلح أهل هذه البحرة) بفتح الموحدة وسكون الحاء المهملة البلدة وهي المدينة النبوية ولأبي ذر عن الكشميهني البحيرة بضم الموحدة مصغرًا ( على أن يتوّجوه) بتاج الملك ( ويعصبوه بالعصابة) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بعصابة أي بعصابة الملك ( فلما ردّ الله ذلك) الذي اصطلحوا عليه ( بالحق الذي أعطاك رق) غص ابن أبي ( بذلك) الحق الذي أعطاك ( فذلك) الحق الذي ( فعل به ما رأيت) من فعله وقوله القبيح ( فعفا عنه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه) -رضي الله عنهم- ( يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى.
قال الله تعالى: { ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب} )
[آل عمران: 186] يعني اليهود والنصارى ( الآية.
وقال)
تعالى: ( { ودّ كثير من أهل الكتاب} ) [البقرة: 109] الآية ( فكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتأول في العفو عنهم ما أمره الله به) والتأويل تفسير ما يؤول إليه الشيء ( حتى أذن) تعالى ( له) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فيهم) بالقتال فترك العفو عنهم بالنسبة للقتال ( فلما غزا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بدرًا فقتل الله بها من قتل من صناديد الكفار وسادة قريش) جمع صنديد وهو السيد الشجاع ( فقفل) بالفاء أي رجع ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه) من بدر ( منصورين) على الكفار ( غانمين معهم أسارى) بضم الهمزة ( من صناديد الكفار وسادة قريش قال ابن أبي) بالتنوين ( ابن سلول) برفع ابن ( ومن معه من المشركين عبدة الأوثان) لما رأوا نصر المسلمين ومغنمهم: ( هذا أمر قد توجه) أي ظهر وجهه ( فبايعوا) بكسر التحتية ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الإسلام فأسلموا) بفتح اللام، ولأبي ذر: وأسلموا بالواو وكسر اللام.

والحديث مرّ في تفسير سورة آل عمران.




[ قــ :5879 ... غــ : 608 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَىْءٍ؟ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ، قَالَ: «نَعَمْ هُوَ فِى ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، لَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِى الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري قال: ( حدّثنا عبد الملك) بن عمير ( عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عباس بن عبد المطلب) -رضي الله عنه- أنه ( قال: يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك) بفتح التحتية وضم الحاء المهملة وسكون الواو وبالطاء المهملة يحفظك ويرعاك ( ويغضب لك) ؟ لأجلك ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( نعم) نفعته ( هو في ضحضاح) بضادين معجمتين وحاءين مهملتين ( من نار) موضع قريب
القعر خفيف العذاب ( لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) أي في الطبق الذي في قعر جهنم والنار سبع دركات سميت بذلك لأنها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض.

وفي هذا الحديث أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سمع تكنية أبي طالب من العباس فأقره، وقد جوّزوا ذكر الكافر بكنيته إذا كان لا يعرف إلا بها كما في أبي طالب، أو كان على سبيل التألف رجاء إسلامهم، أو تحصيل منفعة منهم لا على سبيل التكريم فإنا مأمورون بالإغلاظ عليهم، وأما ذكر أبي لهب بالكنية دون اسمه عبد العزى فقيل لاجتناب نسبته إلى عبودية الصنم وقيل للإشارة إلى أنه سيصلّى نارًا ذات لهب.

والحديث سبق في ذكر أبي طالب.