فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب تشميت العاطس إذا حمد الله

باب تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ
فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ.

( باب) مشروعية ( تشميت العاطس إذا حمد الله فيه) أي في تشميت العاطس حديث رواه ( أبو هريرة) -رضي الله عنه- وهذا ثابت لأبي ذر.


[ قــ :5893 ... غــ : 6222 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِى، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ -أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ-، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالسُّنْدُسِ، وَالْمَيَاثِرِ.

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن الأشعث) باللام والمعجمة آخره مثلثة ولأبي ذر أشعث ( بن سليم) بضم السين مصغرًا أبي الشعثاء المحاربي أنه ( قال: سمعت معاوية بن سويد بن مقرن) بضم الميم وفتح القاف وكسر الراء مشددة بعدها نون المزني ( عن البراء) بن عازب ( رضي الله عنه) أنه ( قال: أمرنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسبع ونهانا عن سبع) بالموحدة بعد السين فيهما ( أمرنا بعيادة المريض) أي زيارته سواء كان مسلمًا أو ذميًّا قريبًا كان للعائد أو جارًا له وفاء بصلة الرحم وحق الجوار ( واتباع الجنازة) بكسر الجيم في الفرع بالمشي خلفها، وبه قال الحنفية.
وعند الشافعية الأفضل المشي أمامها وحملوا قوله: اتباع الجنازة على الأخذ في طريقها والسعي لأجلها، وإنما ألجأهم لذلك حديث ابن عمر عند أبي داود أنه رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة ( وتشميت العاطس) أي إذا حمد الله كما قال في حديث الباب التالي، فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته وهو كقوله: أمرنا ظاهر في الوجوب بل عند البخاري من حديث أبي هريرة خمس تجب على المسلم للمسلم فذكر فيها التشميت وهو عند مسلم أيضًا، وقال به جمهور أهل الظاهر، وقال أبو عبد الله في بهجة النفوس، قال جماعة من علمائنا أي المالكية أنه فرض عين وقوّاه ابن القيم في حواشي السنن بأنه جاء بلفظ الوجوب الصريح وبلفظ الحق الدال عليه وبصيغة الأمر التي هي حقيقة فيه، ويقول الصحابي أمرنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ولا ريب أن الفقهاء يثبتون وجوب أشياء كثيرة بدون مجموع هذه الأشياء، وقال قوم: هو فرض كفاية يسقط بفعل البعض، ورجحه أبو الوليد بن رشد، وقال به الحنفية وجمهور الحنابلة.
وقال الشافعية: مستحب على الكفاية وقد خص من عموم الأمر من لم يحمد كما يأتي إن شاء الله تعالى، والكافر كما في أبي داود وصححه الحاكم عن أبي موسى أن اليهود كانوا يتعاطسون عنده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجاء أن يقول: يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم، وإذا تكرر منه العطاس فزاد على الثلاث ففي حديث أبي هريرة عند البخاري في الأدب المفرد قال: يشمته واحدة واثنتين وثلاثًا فما كان بعد ذلك فهو زكام.

وروي مرفوعًا عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه مرفوعًا أخرجه في الموطأ وهل يقول لمن تتابع عطاسه أنت مزكوم في الثانية أو في الثالثة أو الرابعة؟ أقوال.
والصحيح في الثالثة، ومعناه أنك لست ممن يشمت بعدها لأن الذي بك مرض وليس من العطاس المحمود الناشئ عن خفة البدن فيدعى له بالعافية، وكذا يخص من العموم من كره التشميت ويطرد ذلك في السلام والعيادة، وفيه تفصيل لابن دقيق العيد فلا يمتنع إلا ممن خاف منه ضررًا كعادة سلاطين مصر لا يشمت أحدهم إذا عطس، ولا يسلم عليه إذا دخل عليه، وكذا عند الخطبة يوم الجمعة لأن التشميت يخل بالإنصات المأمور به ومن عطس وهو يجامع أو في الخلاء فيؤخر ثم يحمد ويشمته من سمعه.

( وإجابة الداعي) إلى وليمة النكاح إلا لمانع شرعي كفرش حرير ( وردّ السلام ونصر المظلوم) سواء كان مسلمًا أو ذميًّا بالقول أو بالفعل ( وإبرار المقسم) بميم مضمومة وكسر السين أي تصديق
من أقسم عليك وهو أن تفعل ما سأله الملتمس وأقسم عليه أن يفعله، ولأبي ذر عن الكشميهني القسم وبإسقاط الميم وفتحتين.

( ونهانا عن سبع عن) لبس ( خاتم الذهب أو قال: حلقة الذهب) بسكون اللام والشك من الراوي ( وعن لبس الحرير) للرجال وسقط لفظ لبس لأبي ذر ( والديباج) المتخذ من الإبريسم ( والسندس) ما رق من الديباج ( والمياثر) بالمثلثة جمع ميثرة بكسر الميم مفعلة من الوثار وأصلها موثرة فقلبت الواو ياء لكسرة الميم، وهي مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج وتتخذ كالفراش الصغير وتحشى بنحو قطن يجعلها الراكب تحته على السرج، فإن كانت من حرير أو ديباج حرمت، والمناهي سبعة ذكر منها خمسة وأسقط منها القسي وآنية الفضة وسبقا في اللباس.

والحديث مضى في الجنائز والمظالم واللباس والطب والنكاح ويأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته في النذور.