فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب التسليم والاستئذان ثلاثا

باب التَّسْلِيمِ وَالاِسْتِئْذَانِ ثَلاَثًا
( باب) استحباب ( التسليم والاستئذان ثلاثًا) سواء اجتمعا أو انفردا.


[ قــ :5915 ... غــ : 6244 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلاَثًا وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا.

وبه قال: ( حدّثنا إسحاق) هو ابن منصور الكوسج الحافظ قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا ( عبد الصمد) بن عبد الوارث قال: ( حدّثنا عبد الله بن المثنى) أي ابن عبد الله بن أنس واختلف فيه فوثقه العجلي واليزيدي.
وقال أبو زرعة وابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بالقوي، قال ابن حجر: لعله أراد في بعض حديثه، وقد تقرر أن البخاري حيث يخرج لبعض من فيه مقال يخرج شيئًا مما أنكر عليه، وقول ابن معين ليس بشيء أراد به في حديث بعينه سئل عنه، والرجل إذا ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح إلا مفسرًا بأمر فادح وذلك غير موجود في عبد الله بن المثنى هذا وقال ابن حبان لما ذكره في الثقات: ربما أخطأ والذي أنكر عليه إنما هو من روايته عن غير عمه ثمامة وإنما أخرج له عن عمه هذا الحديث قال: ( حدّثنا ثمامة بن عبد الله) بضم المثلثة وتخفيف الميم الأولى ابن أنس بن مالك قاضي البصرة وهو عم عبد الله بن المثنى ( عن) جده ( أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا سلم) على أناس ( سلم) عليهم ( ثلاثًا) أي ثلاث مرات وهذه الصيغة كما قال في الكواكب تشعر بالاستمرار عند الأصوليين،
وتعقب بأن صيغة كان بمجردها لا تقتضي مداومة ولا تكثيرًا فإذا شرط جوابه سلم.
وقال الإسماعيلي يشبه أن يكون ذلك كان إذا سلم سلام الاستئذان على ما رواه أبو موسى وغيره أي التالي لهذا الحديث، وأما أن يمر المار مسلمًا فالمعروف عدم التكرار، والظاهر أن البخاري فهم هذا المعنى بعينه فأورد هذا الحديث مقرونًا بحديث أبي موسى في قصته مع عمر، لكن يحتمل أن يكون ذلك كان يقع منه أيضًا إذا خشي أن لا يسمع سلامه وقد يشرع تكراره إذا كان الجمع كثيرًا ولم يسمع بعضهم وقصد الاستيعاب، وهل إذا سلم ثلاثًا فظن أنه لم يسمع فقال مالك: يزيد حتى يتحقق، وقال الجمهور: إنه لا يزيد عملاً بالحديث ( وإذا تكلم بكلمة) بجملة مفيدة ( أعادها ثلاثًا) زاد في كتاب العلم حتى تفهم وللترمذي والحاكم حتى تعقل عنه.

والحديث سبق في باب من أعاد الحديث ثلاثًا ليفهم في كتاب العلم، وقدم هنا السلام على الكلام كالحديث الأول من الباب المسوق في العلم، وعكس في الحديث الثاني منه فقدم الكلام على السلام، وقد نبهت هناك على أن الحديث الأول من الباب المذكور ساقط في رواية ابن عساكر وأبي ذر.




[ قــ :5916 ... غــ : 645 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: كُنْتُ فِى مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ، فَقَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ ثَلاَثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِى، فَرَجَعْتُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ؟.

قُلْتُ اسْتَأْذَنْتُ ثَلاَثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِى فَرَجَعْتُ،.

     وَقَالَ  رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ»، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَتُقِيمَنَّ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَمِنْكُمْ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ: وَاللَّهِ لاَ يَقُومُ مَعَكَ إِلاَّ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، فَكُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَقُمْتُ مَعَهُ فَأَخْبَرْتُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ذَلِكَ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنِى ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِى، يَزِيدُ عَنْ بُسْرٍ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ بِهَذَا.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا يزيد بن خصيفة) هو يزيد بن عبد الله بن خصيفة بضم الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة وبعد التحتية الساكنة فاء الكندي ( عن بسر بن سعيد) بكسر العين وبسر بضم الموحدة وسكون المهملة المدني ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك ( الخدري) -رضي الله عنه- أنه ( قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاه أبو موسى) عبد الله بن قيس الأشعري وإذ كلمة مفاجأة ( كأنه مذعور) يقال أذعرته لم أفزعته ( فقال: استأذنت على عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( ثلاثًا) وكان قد أرسل إليه أن يأتيه كما في مسلم عن عمرو الناقد عن سفيان ( فلم يؤذن لي) بضم التحتية وفتح المعجمة وكأنه كان مشغولاً ( فرجعت) وفي البيوع ففرغ عمر فقال: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له فقيل له أنه رجع وعند مسلم من رواية بكر بن الأشج عن بسر استأذنت على عمر أمس ثلاث مرات فلم يؤذن لي فرجعت ثم جئت اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئت أمس
( فقال) ولأبي ذر قال: ( ما منعك) أن تأتينا ( قلت استأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي فرجعت و) قد ( قال: رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع فقال) عمر -رضي الله عنه- ( والله لتقيمن عليه) أي على ما رويته ( بينة) ولغير أبي ذر ببينة.
وزاد مسلم: وإلاّ أوجعتك.
فقال أبو موسى: ( أمنكم) بهمزة الاستفهام الاستخباري ( أحد سمعه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ؟ فيشهد عند عمر بذلك ( فقال أبيّ بن كعب) : سقط ابن كعب لأبي ذر ( والله لا يقوم معك) إلى عمر يشهد عنده بذلك ( إلا أصغر القوم) وفي رواية بكر بن الأشج فوالله لا يقوم معك إلا أحدّثنا سنًّا قم يا أبا سعيد قال: ( فكنت) بالفاء ولأبي ذر وكنت ( أصغر القوم فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال ذلك) .
وفيه دليل على أن العلم الخاص قد يخفى على الأكابر فيعلمه من دونهم.
ألا ترى أن عمر -رضي الله عنه- خفي عليه علم الاستئذان ثلاثًا، وعلمه أبو موسى وأبو سعيد وغيرهما.
قال ابن دقيق العيد: وذلك يصد في وجه من يطلق من المقلدين إذا استدلّ عليه بحديث فيقول: لو كان صحيحًا لعلمه فلان مثلاً فإن ذلك إذا خفي على أكابر الصحابة فهو على غيرهم أولى، وقول عمر -رضي الله عنه-: لتقيمن عليه بيّنة يتعلق به من يرى اعتبار العدد وليس قول عمر ذلك ردًّا لخبر الواحد بل خاف مسارعة الناس إلى القول على النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما لم يقل كما يفعله المبتدعون والكذابون، فأراد -رضي الله عنه- سدّ الباب لا شكًّا في الرواية، وفي الموطأ أن عمر قال لأبي موسى: أما إني لا أتهمك ولكني أردت أن لا يتجرأ الناس على الحديث عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وحديث الباب أخرجه مسلم في الاستئذان وأبو داود في الأدب.

( وقال ابن المبارك) : عبد الله مما وصله أبو نعيم في مستخرجه ( أخبرني) بالإفراد ( ابن عيينة) سفيان قال: ( حدثني) بالإفراد أيضًا ( يزيد بن خصيفة) وثبت ابن خصيفة لأبي ذر ( عن بسر) ولأبي ذر زيادة ابن سعيد أنه قال: ( سمعت أبا سعيد) الخدري ( بهذا) الحديث.
وغرضه من ساق هذا التعليق بيان سماع بسر له من أبي سعيد والله الموفق والمعين لا إله غيره.