فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من لم يسلم على من اقترف ذنبا، ولم يرد سلامه، حتى تتبين توبته، وإلى متى تتبين توبة العاصي

باب مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ ذَنْبًا وَلَمْ يَرُدَّ سَلاَمَهُ حَتَّى تَتَبَيَّنَ تَوْبَتُهُ وَإِلَى مَتَى تَتَبَيَّنُ تَوْبَةُ الْعَاصِى؟
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لاَ تُسَلِّمُوا عَلَى شَرَبَةِ الْخَمْرِ.

( باب من لم يسلم على من اقترف ذنبًا) اكتسبه ( ومن لم يرد سلامه) وهو مذهب الجمهور.

نعم إن خاف ترتب مفسدة في دين أو دنيا إن لم يسلم سلم كذا قال النووي، قال ابن العربي: وينوي أن السلام اسم من أسماء الله فكأنه قال: الله رقيب عليهم وألحق بعض الحنفية بأهل المعاصي من يتعاطى خوارم المروءة ككثرة المزاح وفحش القول فلا يرد على أحد سلامه ( حتى تتبين توبته) تأديبًا له ( وإلى متى تتبين توبة العاصي) المعتمد أن ذلك ليس فيه حدّ محدود وليس يظهر من يومه ولا ساعته بل حتى يمر عليه ما يدل لذلك.

( وقال عبد الله بن عمرو) : بفتح العين مما وصله في الأدب المفرد ( لا تسلموا على شربة الخمر) بفتح المعجمة والراء والموحدة واعترضه السفاقسي بأن اللغويين لم يسمعوه كذلك بل شارب وشرب كصاحب وصحب.
وأجيب: بأنهم قالوا: فسقة وكذبة في جمع فاسق وكاذب، وعند سعيد بن منصور عن ابن عمر: لا تسلموا على من يشرب الخمر ولا تعودهم إذا مرضوا ولا تصلّوا عليهم إذا ماتوا، لكن سنده ضعيف وهو عند ابن عدي بسند أضعف منه عن ابن عمر مرفوعًا.


[ قــ :5925 ... غــ : 6255 ]
- حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍؤ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ كَلاَمِنَا وَآتِى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَأَقُولُ فِى نَفْسِى هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ أَمْ لاَ؟ حَتَّى كَمَلَتْ خَمْسُونَ لَيْلَةً، وَآذَنَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى الْفَجْرَ.

وبه قال: ( حدّثنا ابن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين المهملة وفتح القاف ابن خالد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن عبد الرحمن بن عبد الله) ولأبي ذر زيادة ابن كعب ( أن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعب بن
مالك)
حال كونه ( يحدث حين تخلّف عن تبوك) أي من غزوتها ( ونهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) المسلمين ( عن كلامنا وآتي) بمدّ الهمزة وكسر الفوقية ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) معطوف على جملة من الكلام حذفها لروايته له كذا أو لغرض الاختصار والإتيان بالمراد منه ( فأسلم عليه فأقول في نفسي هل حرك شفتيه بردّ السلام) عليّ ( أم لا) ؟ لأنه لم يكن يديم النظر إليه من كثرة حيائه ( حتى كملت) بفتح الميم ( خمسون ليلة) من حين نهى-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن كلامنا ( وآذن) بمدّ الهمزة وفتح المعجمة أعلم، وللكشميهني وأذن بالقصر وكسر المعجمة ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بتوبة علينا حين صلّى الفجر) الحديث.

وسبق بتمامه في المغازي والغرض منه ما ترجم له، وهو ترك السلام تأديبًا وترك الردّ أيضًا وهو ما يخص به عموم الأمر بإفشاء السلام.