فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الأخذ باليدين

باب الأَخْذِ بِالْيَدَيْنِ
وَصَافَحَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ابْنَ الْمُبَارَكِ بِيَدَيْهِ.

( باب الأخذ باليدين) بالتثنية، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بالإفراد، ولما كان الأخذ باليد يجوز أن يقع من غير حصول مصافحة أفرده بهذا الباب ( وصافح حماد بن زيد ابن المبارك) عبد الله المروزي ( بيديه) بالتثنية وصله غنجار في تاريخ بخارى من طريق إسحاق بن خلّف.


[ قــ :5935 ... غــ : 6265 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَيْفٌ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَفِّى بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ، كَمَا يُعَلِّمُنِى السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ «التَّحِيَّاتُ لِلَّه، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، وَهْوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا: السَّلاَمُ، يَعْنِى عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا سيف) بسين مهملة مفتوحة وتحتية ساكنة بعدها فاء ابن سليمان أو ابن أبي سليمان المخزومي ( قال: سمعت مجاهدًا) هو ابن جبر ( يقول: حدثني) بالإفراد ( عبد الله بن سخبرة) بفتح المهملة والموحدة بينهما معجمة ساكنة وبعد الراء هاء تأنيث ( أبو معمر) بفتح الميمين بينهما مهملة ساكنة الأزدي الكوفي ( قال: سمعت ابن مسعود) عبد الله -رضي الله عنه- ( يقول: علمني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكفّي بين كفيه) بالتثنية وهو الأخذ باليدين، فيطابق الترجمة.
والجملة حالية من ضمير المفعول في علمني معترضة بين الفاعل والمفعول الثاني وهو قوله ( التشهد) وعند ابن أبي شيبة بتقديم التشهد على الجملة الحالية ( كما يعلمني السورة) ما مصدرية والكاف نعت لمصدر محذوف أي يعلمني التشهد تعليمًا مثل تعليم السورة واختار ابن مالك أن تكون الكاف حالاً من المصدر المفهوم من الفعل المتقدم المحذوف بعد الاِضمار على طريق الاتساع تقديره يعلمني التعليم مثل ما يعلمني السورة ( من القرآن) من للتبعيض أو لبيان الجنس لأن كل سورة منه قرآن ويتعلق حرف الجر بحال من السورة أي السورة كائنة من القرآن ( التحيات لله) جمع تحية تفعلة من الحياة بمعنى الإحياء والتبقية الدائمة،
والتحيات مبتدأ، ولله الخبر والجملة إلى آخرها محكية بدلاً من التشهد أعني مفعول علمني أو مفعولاً بفعل مقدر على الحكاية يدل عليه ما قبله أي علمني التحيات لله إلى آخره أي هذا اللفظ أو يقدر قال: قبل التحيات لله فتكون الجملة إلى آخر الحديث معمولة للقول المقدر ( والصلوات) قبل المعهودات في الشرع فيقدر واجبة لله وإن أريد بها رحمته التي تفضل بها على عباده فيقدر كائنة أو ثابتة لعباد الله فيقدر مضاف محذوف ( والطيبات) بحرف العطف وقدم لله عليهما، فيحتمل أن يكونا معطوفين على التحيات، ويحتمل أن تكون الصلوات مبتدأ وخبرها محذوف، والطيبات عطف عليها والواو الأولى لعطف الجملة على الجملة التي قبلها، ولأبي ذر حذف الواو من والطيبات فتكون صفة للصلوات ( السلام عليك أيها النبي) بالألف واللام للجنس ويدخل فيه المعهود ( ورحمة الله وبركاته) معطوفان على السلام ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله) جملة في محل نصب أو جر على تقدير الباء أي بأن لا وأن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير منصوب محذوف والجملة بعدها خبرها والتقدير أشهد أنه لا إله إلا الله ( وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) عطف على سابقه ورسول فعول بمعنى مرسل وفعول بمعنى مفعل قليل.
قال ابن عطية: العرب تجري رسول مجرى المصدر فتصف به الجمع والواحد والمؤنث، ومنه: أنا رسول رب العالمين.
( وهو) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بين ظهرانينا) بفتح النون وسكون التحتية بعدها نون أخرى بالتثنية أي ظهري المتقدم والمتأخر أي كائن بيننا فزيدت الألف والنون للتأكيد ( فلما قبض) توفي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قلنا السلام) قال البخاري ( يعني على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يعني تركوا الخطاب وذكروه بلفظ الغيبة، وفي الحديث الأخذ باليد وهو مبالغة في المصافحة وهو مستحب.

واختلف في تقبيل اليد فأنكره مالك وأجازه آخرون وحملوا إنكار مالك له على ما إذا كان على وجه التكبر فإن كان لزهد أو صلاح أو علم أو شرف فجائز بل مستحب، وفي حديث أسامة بن شريك عند أبي داود بسند قوي قال: قمنا إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقبلنا يده، وفي حديث يزيد عنده في قصة الأعرابي والشجرة فقال: يا رسول الله ائذن لي أن أقبّل رأسك ورجليك فأذن له، فلو كان التقبيل لغنى أو وجاهة في الدنيا كره.
وقال المتولي: لا يجوز، وللحافظ أبي بكر بن المقري جزء في تقبيل اليد، وفي الغرض جمع كتاب حافل في السلام والقيام والمصافحة والتقبيل والمعانقة أعانني الله عليه في عافية.

والحديث سبق في الصلاة.