فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من ناجى بين يدي الناس، ومن لم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به

باب مَنْ نَاجَى بَيْنَ يَدَىِ النَّاسِ وَمَنْ لَمْ يُخْبِرْ بِسِرِّ صَاحِبِهِ فَإِذَا مَاتَ أَخْبَرَ بِهِ
( باب من ناجى) أي خاطب غيره وتحدث معه ( بين يدي الناس ولم يخبر) أحدًا ( بسر صاحبه فإذا مات أخبر به) الغير.


[ قــ :5953 ... غــ : 6285 - 6286 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ أَبِى عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا فِرَاسٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَهُ جَمِيعًا لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - تَمْشِى لاَ وَاللَّهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ: «مَرْحَبًا بِابْنَتِى» ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، إِذَا هِىَ تَضْحَكُ فَقُلْتُ لَهَا: أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَأَلْتُهَا عَمَّا سَارَّكِ قَالَتْ: مَا كُنْتُ لأُفْشِىَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّىَ.

قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِى عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِى قَالَتْ: أَمَّا الآنَ، فَنَعَمْ.
فَأَخْبَرَتْنِى قَالَتْ: أَمَّا حِينَ سَارَّنِى فِى الأَمْرِ الأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِى «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِى بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلاَ أَرَى الأَجَلَ إِلاَّ قَدِ اقْتَرَبَ فَاتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى، فَإِنِّى نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكَ» قَالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِى الَّذِى رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِى سَارَّنِى الثَّانِيَةَ قَالَ: «يَا فَاطِمَةُ أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِى سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ»
وبه قال: ( حدّثنا موسى) بن إسماعيل التبوذكي ( عن أبي عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري أنه قال: ( حدّثنا فراس) بكسر الفاء بعدها راء فألف فسين مهملة ابن يحيى المكتب الكوفي ( عن عامر) أي ابن شراحيل الشعبي ( عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه قال: ( حدثتني) بتاء التأنيث والإفراد ( عائشة أم المؤمنين) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: إنا كنا أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ورضي عنهن ( عنده) في مرض موته ( جميعًا لم تغادر) بضم الفوقية وفتح المعجمة وبعد الألف مهملة مفتوحة فراء مبنيًّا للمجهول لم تترك ( منا واحدة فأقبلت فاطمة) ابنته ( عليها السلام تمشي لا) ولأبي ذر عن الكشميهني ولا ( والله ما تخفى مشيتها) بفتح الميم وكسرها مصححًا على الفتح ( من مشية رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بكسرها بوزن فعلة وهي للنوع أي كان مشيها مماثلاً لمشيه ( فلما رآها) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( رحّب) بتشديد المهملة ( قال) :
( مرحبًا) ولأبي ذر وقال مرحبًا ( بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله) بالشك من الراوي ( ثم سارّها) بتشديد الراء أي كلمها سرًّا ( فبكت بكاءً شديدًا فلما رأى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( حزنها سارّها الثانية إذا) ولأبي ذر: فإذا ( هي تضحك) قالت عائشة -رضي الله عنها- ( فقلت لها: أنا من بين نسائه خصك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالسر من بيننا ثم أنت تبكين فلما قام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سألتها عما) بالألف بعد الميم ولأبي ذر عن الكشميهني: عم ( سارك) ؟ بإسقاط الألف ( قالت: ما كنت لأفشي) بضم الهمزة ( على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرّه فلما توفي) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قلت لها: عزمت) أقسمت ( عليك بما لي عليك من الحق) والباء في بما لي للقسم ( لما) بفتح اللام وتشديد الميم مصححًا على كل منهما في الفرع كأصله بمعنى ألا ( أخبرتني) وهي لغة مشهورة في هذيل تقول: أقسمت عليك لما فعلت كذا أي
ألا فعلت قاله الأخفش ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أخبرتني بإثبات التحتية بعد الفوقية ( قالت) فاطمة -رضي الله عنها-: ( أما الآن فنعم) أخبرك قالت عائشة: ( فأخبرتني قالت) فاطمة -رضي الله عنها- ( أما حين سارّني في الأمر الأول فإنه أخبرني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة وأنه قد عارضني به) هذا ( العام مرتين ولا أرى) بفتح الهمزة ( الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فإني نعم السلف أنا لك) بكسر الكاف ( قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت) بكسر الفوقية ( فلما رأى جزعي) عدم صبري ( سارّني الثانية قال: يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين) ولأبي ذر عن الكشميهني المؤمنات ( أو سيدة نساء هذه الأمة) .