فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما جاء في البناء

باب مَا جَاءَ فِى الْبِنَاءِ
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْبَهْمِ فِى الْبُنْيَانِ».

( باب ما جاء في البناء) من إباحة ومنع.

( وقال أبو هريرة) -رضي الله عنه- مما سبق موصولاً في كتاب الأيمان ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في سؤال جبريل إياه متى الساعة قال: ( من أشراط الساعة) أي علاماتها السابقة عليها أو مقدماتها ( إذا تطاول رعاء البهم في البنيان) بكسر الراء وبعد الألف همزة ممدودًا والبهم بفتح الموحدة وسكون الهاء، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: رعاة بضم الراء وبعد الألف هاء تأنيث أي وقت تفاخرهم في طول بيوتهم ورفعتها تطاول الرجل إذا تكبر.
قال في الفتح: وأشار المؤلّف بهذه القطعة من الحديث إلى ذم التطاول في البنيان وفي الاستدلال بذلك نظر، وقد ورد في ذم تطويل
البناء صريحًا ما أخرج ابن أبي الدنيا بسند ضعيف مع كونه موقوفًا من رواية عمارة بن عامر: إذا رفع الرجل بناء فوق سبعة أذرع نودي يا فاسق إلى أين تذهب؟ وفي ذمه مطلقًا حديث خباب يرفعه: "يؤجر الرجل في نفقته كلها إلا التراب" أو قال: "البناء" صححه الترمذي، وأخرج له شاهدًا عن أنس بلفظ: إلا البناء فلا خير فيه، وفي المعجم الأوسط من حديث أبي بشير الأنصاري إذا أراد الله بعبد سوءًا أنفق ماله في البنيان وهو محمول على ما لا تمس الحاجة إليه مما لا بدّ منه للتوطن وما يكن من البرد والحرّ.


[ قــ :5968 ... غــ : 6302 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: رَأَيْتُنِى مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَنَيْتُ بِيَدِى بَيْتًا يُكِنُّنِى مِنَ الْمَطَرِ، وَيُظِلُّنِى مِنَ الشَّمْسِ مَا أَعَانَنِى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا إسحاق هو ابن سعيد) بكسر العين ابن عمرو بن سعيد بن العاصي الأموي القرشي ( عن) أبيه ( سعيد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: رأيتني) بضم الفوقية أي رأيت نفسي ( مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في زمنه ( بنيت بيدي بيتًا يكنني) بضم التحتية والنون الأولى المشددة بينهما كاف مكسورة من أكن أي يقيني ( من المطر ويظلني من الشمس ما أعانني عليه) أي على بنائه ( أحد من خلق الله) عز وجل تأكيد لقوله بنيت بيدي.

والحديث أخرجه ابن ماجة في الزهد.




[ قــ :5969 ... غــ : 6303 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ، وَلاَ غَرَسْتُ نَخْلَةً مُنْذُ قُبِضَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ سُفْيَانُ: فَذَكَرْتُهُ لِبَعْضِ أَهْلِهِ، قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ بَنَى قَالَ سُفْيَانُ:.

قُلْتُ فَلَعَلَّهُ قَالَ: قَبْلَ أَنْ يَبْنِىَ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال عمرو) بفتح العين ابن دينار ( قال ابن عمر) عبد الله -رضي الله عنهما-: ( والله ما وضعت لبنة على لبنة) بفتح اللام وكسر الموحدة فيهما ويجوز الكسر ثم السكون ( ولا غرست نخلة منذ قبض النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قال سفيان)
بن عيينة ( فذكرت) أي الحديث ( لبعض أهله) أي أهل ابن عمر، ولم يقف الحافظ ابن حجر على تسميته ( قال: والله لقد بنى) ابن عمر زاد أبو ذر عن الكشميهني بيتًا.
( قال سفيان: قلت) لبعض أهله ( فلعله قال) ما وضعت لبنة على لبنة ( قبل أن يبني) البيت الذي بناه بيده وهو اعتذار حسن من سفيان -رحمه الله تعالى-.

هذا آخر كتاب الاستئذان ولله الحمد والمنّة فرغ في رابع عشر جمادى الأولى سنة أربع عشرة وتسعمائة وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.