فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: إذا كان الثوب ضيقا

باب إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا كان الثوب ضيقًا) كيف يفعل المصلّي.


[ قــ :357 ... غــ : 361 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي وَعَلَىَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي.
فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: مَا هَذَا الاِشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ؟ قُلْتُ: كَانَ ثَوْبٌ -يَعْنِي ضَاقَ- قَالَ: «فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ».

وبالسند قال: ( حدّثنا يحيى بن صالح) الوحاظيّ بضم الواو وتخفيف الحاء المهملة وبالظاء المعجمة الحمصي الحافظ الفقيه، المتوفى سنة اثنتين وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا فليح بن سليمان) بضم الفاء وفتح اللام آخره حاء مهملة في الأوّل وضمّ السين وفتح اللام في الثاني ( عن سعيد بن الحارث) بالثاء المثلثة الأنصاريّ قاضي المدينة ( قال) :

( سألنا جابر بن عبد الله) الأنصاري ( عن الصلاة في الثوب الواحد فقال: خرجت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض أسفاره) في غزوة بواط كما في مسلم ( فجئت ليلة) إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( لبعض أمري) أي لأجل بعض حوائجي ( فوجدته) -صى الله عليه وسلم- ( يصلّي وعليّ ثوب واحدة فاشتملت به وصلّيت) منتهيًا ( إلى جانبه) أو منضمًا إلى جانبه ( فلما انصرف) عليه السلام من الصلاة ( قال: ما السرى يا جابر) بضم السين والقصر أي ما سبب سيرك في الليل وإنما سأله لعلمه بأن الحامل له على الجيء في الليل أمر أكيد ( فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت قال) عليه الصلاة والسلام: ( ما هذا الاشتمال الذي رأيت) هو استفهام إنكاري، وقد وقع في مسلم التصريح بسبب الإنكار وهو أن الثوب كان ضيقًا وأنه خالف بين طرفيه وتواقص أي انحنى عليه كأنه عند المخالفة بين طرفي الثوب لم يصر ساترًا فانحنى ليستتر فأعلمه عليه السلام بأن محل ذلك ما إذا كان الثوب واسعًا، فأما إذا كان ضيقًا فإنه يجزئه أن يتّزر به لأن القصد الأصلي ستر العورة وهو يحصل بالاتّزار ولا يحتاج إلى التواقص المغاير للاعتدال المأمور به، أو الذي أنكره عليه السلام هو اشتمال الصماء وهو أن يخلّل نفسه بثوب ولا يرفع شيئًا من جوانبه ولا يمكنه إخراج يديه إلاّ من أسفله خوفًا من أن تبدو عورته.

قال جابر: ( قلت كان) الذي اشتملت به ( ثوبًا) واحدًا، ولكريمة وأبي ذر ثوب بالرفع.
قال ابن حجر والبرماوي والعيني والزركشي: على أن كان تامّة فلا تحتاج إلى خبر، واعترضه البدر الدماميني فقال الاقتصار على ذلك لا يظهر وأيّ معنى لإخباره بوجود ثوب في الجملة فينبغي أن يقدّر ما يناسب المقام.
زاد في فرع اليونينية يعني ضاق ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( فإن كان) الثوب ( واسعًا فالتحف) أي ارتدّ ( به) أي بأن يأتزر بأحد طرفيه ويرتدي بالطرف الآخر منه، ( وإن كان) الثوب ( ضيقًا فاتزر به) بإدغام الهمزة المقلوبة تاء في التاء وهو يردّ على التصريفيين حيث جعلوه خطأ.




[ قــ :358 ... غــ : 36 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ: كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَاقِدِي أُزْرِهِمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ،.

     وَقَالَ  لِلنِّسَاءِ: "لاَ تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا".
[الحديث 36 - طرفاه في: 814، 115] .


وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيى) القطان ( عن سفيان) الثوري لا ابن عيينة ( قال: حدّثني) بالإفراد ولأبوي ذر والوقت حدّثنا ( أبو حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار ( عن سهل) الساعدي وللأصيلي عن سهل بن سعد ( قال) :
( كان رجال) أي بعض الرجال لا كلهم فالتنكير للتبعيض ( يصلون مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونهم ( عاقدي أزرهم) بضم الهمزة وسكون الزاي ونون عاقدين سقطت للإضافة ( على أعناقهم كهيئة الصبيان، وقال) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وللكشميهنيّ ويقال وهو أعمّ من أن يكون القائل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو من أمره.
قال الحافظ ابن حجر: ويغلب على الظن أن القائل بلال ( للنساء) اللاتي يصلّين وراء الرجال

( لا ترفعن رؤوسكنّ) من السجود ( حتى يستوي الرجال) حال كونهم ( جلوسًا) جمع جالس أو مصدر بمعنى جالسين، وإنما قيل لهنّ ذلك لئلا يلمحن عند رفعهنّ من السجود شيئًا من عورات الرجال كما وقع التصريح فيه في حديث أسماء بنت أبي بكر المرويّ عند أحمد وأبي داود بلفظ: فلا ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رؤوسهم كراهة أن يرين عورات الرجال.
واستنبط منه النهي عن فعل مستحب خشية ارتكاب محذور، لأن متابعة الإمام من غير تأخير مستحبة فنهى عنها لما ذكر وأنه لا يحب الستر من أسفل بخلاف الأعلى.
وفي الإسناد التحديث والإخبار والعنعنة.