فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الصلاة على الفراش

باب الصَّلاَةِ عَلَى الْفِرَاشِ.
وَصَلَّى أَنَسٌ عَلَى فِرَاشِه
وَقَالَ أَنَسٌ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَسْجُدُ أَحَدُنَا عَلَى ثَوْبِهِ.

( باب) حكم ( الصلاة على الفراش) من أيّ نوع كان هو جائز سواء كان ينام عليه مع امرأته أم لا.
( وصلّى أنس) هو ابن مالك ( على فراشه) وصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور عن ابن المبارك عن حميد عنه، ( وقال أنس) مما وصله في الباب اللاحق ( كنّا نصلّي مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيسجد أحدنا) أي بعضنا ( على ثوبه) أي الذي لا يتحرك بحركته، لأن المتحرك بحركته كالجزء منه، وسقط لفظ أنس من رواية الأصيلي وهو يوهم أنه بقية الذي قبله وليس كذلك، وسقط هذا التعليق كله من روايته كما في الفرع.



[ قــ :378 ... غــ : 382 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهَا قَالَتْ: "كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرِجْلاَىَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَىَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا.
قَالَتْ: وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ".
[الحديث 382 - أطرافه في: 383، 384، 508، 511، 512، 513، 514، 515، 519، 997، 1209، 6276] .

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن عبد الله بن أبي أُوس المدني ابن أُخت الإمام مالك بن أنس ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) إمام دار الهجرة ( عن أبي النضر) بفتح النون وسكون المعجمة سالم ( مولى عمر) بضم العين ( ابن عبد الله) بضم العين وفتح الموحدة التيمي ( عن أبي سلمة) بفتح اللام عبد الله ( بن عبد الرحمن) بن عوف ( عن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنها قالت) :
( كنت أنام بين يدي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورجلاي في قبلته) جملة حالية أي في موضع سجوده ( فإذا سجد) عليه الصلاة والسلام ( غمزني) بيده أي مع حائل ( فقبضت رجليّ) بفتح اللام وتشديد الياء بالتثنية وللمستملي والحموي رجلي بكسر اللام بالإفراد، ( فإذا قام) عليه الصلاة والسلام ( بسطتهما)

بالتثنية وللمستملي والحموي بسطتها بالإفراد أيضًا.
( قالت) عائشة رضي الله عنها معتذرة عن نومها على هذه الهيئة ( والبيوت يومئذ) أي وقت إذ ( ليس فيها مصابيح) أي إذ لو كانت لقبضت رجليها عند إرادته السجود ولما أحوجته للغمز.

واستنبط الحنفية من هذا الحديث عدم نقض الوضوء بلمس المرأة.
وأُجيب: باحتمال أن يكون بينهما حائل من ثوب أو غيره أو بالخصوصية، وأُجيب: بأن الأصل عدم الحائل في الرجل واليد عرفًا وبأن دعوى الخصوصية بلا دليل، وبأنه عليه الصلاة والسلام في مقام التشريع لا الخصوصية.

ورواته الخمسة مدنيون وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.




[ قــ :379 ... غــ : 383 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي وَهْيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ اعْتِرَاضَ الْجَنَازَةِ.

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة مصغرًا ( قال: حدّثنا الليث) بن سعد ( عن عقيل) بضم العين ابن خالد بن عقيل بفتح العين ولأبي الوقت وابن عساكر حدّثني بالإفراد عقيل ( عن ابن شهاب) الزهري ( قال أخبرني) بالإفراد ( عروة) بن الزبير بن العوّام ( أن عائشة) رضي الله عنها ( أخبرته) ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يصلّي) في حجرتها ( وهي بينه وبين القِبلة) أي والحال أن عائشة بينه عليه الصلاة والسلام وبين موضع سجوده ( على فراش أهله) وهي معترضة بينه وبين موضع القبلة ( اعتراض الجنازة) بكسر الجيم وقد تفتح وهي التي في الفرع فقط أي اعتراضًا كاعتراض الجنازة بأن تكون نائمة بين يديه من جهة يمينه إلى جهة يساره كما تكون الجنازة بين يدي المصلّي عليها.

ورواة هذا الحديث الستة ما بين مصري ومدني وفيه التحديث بصيغة الجمع والإفراد والإخبار بالإفراد والعنعنة، ورواية تابعي عن تابعي عن صحابية، وأخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجة.




[ قــ :380 ... غــ : 384 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي وَعَائِشَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى الْفِرَاشِ الَّذِي يَنَامَانِ عَلَيْهِ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: حدّثنا الليث) بن سعد ( عن يزيد) بن أبي حبيب ( عن عراك) بكسر العين ابن مالك ( عن عروة) بن الزبير بن العوّام.

( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يصلّي وعائشة) رضي الله عنها ( معترضة بينه) عليه الصلاة والسلام ( وبين القبلة على الفراش الذي ينامان عليه) فيه تقييد الفراش بكونه الذي ينامان عليه بخلاف الرواية السابقة

فإنها بلفظ فراش أهله وهي أعمّ من أن يكون هو الذي ناما عليه أو غيره، وفيه إشارة إلى أن حديث أبي داود عن عائشة كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يصلّي في لحفنا لم يثبت عنه.


واستنبط منه أن الصلاة إلى النائم لا تكره وأن المرأة لا تُبطِل صلاة مَن صلّى إليها أو مرّت بين يده كما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة والشافعي وغيرهم من جمهور السلف والخلف، لكن يكره عند خوف الفتنة بها واشتغال القلب بالنظر إليها.

ورواته ما بين مصري ومدني وفيه رواية ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، وفيه التحديث والعنعنة وصورته صورة المرسل، لكنه محمول على أنه سمع ذلك من عائشة بدليل الرواية السابقة.