فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه

باب إِذَا بَدَرَهُ الْبُزَاقُ فَلْيَأْخُذْ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا بدره) أي غلب على المصلّي ( البزاق) بالزاي لم يقدر على دفعه ( فليأخذ بطرف ثوبه) وقد أنكر الشمس السروجي أن يقال بدره بل بدرت إليه وبادرته.
وأجاب الزركشي والبرماوي والدماميني وابن حجر نصرة للمؤلّف بأنه من باب المغالبة أي بادر البزاق فبدره أي غلبه في السبق، قال الدماميني: وهذا غير منكر، وتعقب العيني ذلك على ابن حجر كعادته فقال: هذا كلام من لم يمس شيئًا من علم التصريف فإن في المغالبة يقال بادرني فبادرته، ولا يقال بادرت كذا فبدرني، والفعل اللازم في باب المغالبة يجعل متعديًا بلا حرف صلة يقال: كارمني فكرمته وليس هنا باب المغالبة حتى يقال بدره انتهى.


[ قــ :409 ... غــ : 417 ]
- حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، وَرُئِيَ مِنْهُ كَرَاهِيَةٌ -أَوْ رُئِيَ كَرَاهِيَتُهُ لِذَلِكَ وَشِدَّتُهُ عَلَيْهِ- وَقَال:

«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ -أَوْ رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ- فَلاَ يَبْزُقَنَّ فِي قِبْلَتِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ».
ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَزَقَ فِيهِ وَرَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ: «أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا».

وبه قال: ( حدّثنا مالك بن إسماعيل) النهدي الكوفي ( قال: حدّثنا زهير) بالتصغير ابن معاوية الكوفي الجعفي ( قال: حدّثنا حميد) الطويل ( عن أنس) رضي الله عنه وللأصيلي عن أنس بن مالك:
( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى نخامة في القبلة) أي في جهة حائطها ( فحكها بيده) بالكاف أي النخامة، وللأصيلي فحكه أي أثر النخامة أو البصاق، ( ورئي) بضم الراء ثم همزة مكسورة ثم ياء مفتوحة، ولأبي ذر عن الكشميهني والأصيلي، وريء بكسر الراء ثم ياء ساكنة ثم همزة مفتوحة ( منه) عليه الصلاة والسلام ( كراهية أو رئي) بضم الراء ثم همزة مكسورة فياء مفتوحة ( كراهيته) عليه الصلاة والسلام ( لذلك) أي الفعل والشك من الراوي وكراهية مرفوع برئي المبني للمفعول ( وشدته عليه) رفع عطفًا على كراهية أو جر عطفًا على قوله لذلك.
( وقال) عليه الصلاة والسلام: ( إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنما يناجي ربه) بكلامه وذكره ويناجيه ربه بلازم ذلك من إرادة الخير، قال النووي: وهو إشارة لإخلاص القلب وحضوره وتفريغه لذكر الله تعالى ( أو ربه) تعالى مبتدأ خبره ( بينه وبين قبلته) والجملة عطف على الجملة الفعلية قبلها، ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر في نسخة وبين القبلة، وليس المراد ظاهر ذلك إذ هو محال لتنزيه الرب تعالى عن المكان، فيجب تأويله بنحو ما مرّ في باب حك البزاق باليد ( فلا يبزقن) أحدكم ( في قبلته ولكن) يبزق ( عن يساره أو تحت قدمه) اليسرى، ( ثم أخذ) عليه الصلاة والسلام ( طرف ردائه فبزق فيه) بالزاي ( ورد بعضه على بعض، قال) عليه الصلاة والسلام، وللأصيلي وابن عساكر فقال: ( أو يفعل هكذا) .

فإن قلت: ليس في الحديث مطابقة للترجمة لأنه لم يذكر في الحديث بدر البزاق أجيب: بأنه أشار إلى ما في بعض طرق الحديث عند مسلم من حديث جابر، فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا، ثم طوى بعضه على بعض.
واستنبط من الحديث أن على الإمام النظر في أحوال المساجد وتعاهدها ليصونها عن المؤذيات وأن البصق في الصلاة والتنحنح غير مفسد لها، لكن الأصح عند الشافعية والحنابلة أن التنحنح والنفخ إن ظهر من كلٍّ منهما حرفان أو حرف مفهم كق من الوقاية أو مدة بعد حرف بطلت الصلاة.
وإلاَّ فلا تبطل مطلقًا لأنه ليس من جنس الكلام، وعن أبي حنيفة ومحمد تبطل بظهور ثلاثة أحرف.