فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من صلى وقدامه تنور أو نار، أو شيء مما يعبد، فأراد به الله

باب مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَوْ نَارٌ أَوْ شَىْءٌ مِمَّا يُعْبَدُ فَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي أَنَسٌ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عُرِضَتْ عَلَىَّ النَّارُ وَأَنَا أُصَلِّي».

( باب من صلّى وقدامه) بالنصب على الظرفية ( تنور) بفتح المثناة الفوقية وتشديد النون المضمومة وهو ما يوقد فيه النار للخبز وغيره والجملة اسمية حالية وتنور مبتدأ خبره الظرف أي بينه وبين القبلة وعطف المؤلّف على قوله تنوّر قوله ( أو نار) وهو من عطف العامّ على الخاص اهتمامًا به لأن عبدة

النار من المجوس ( أو) صلّى وقدامه ( شيء يعبد) كالأصنام والأوثان ( فأراد) المصلّي الذي قدامه شيء من هذه الأشياء ( به) أي بفعله ( الله تعالى) ولأبوي ذر والوقت وجه الله تعالى أي ذاته تعالى، وحينئذ فلا كراهة.
نعم كرهه الحنفية لما فيه من التشبه بعبدة المذكورات ظاهرًا.

( وقال) ابن شهاب ( الزهري) مما وصله المؤلّف في باب وقت الظهر ( أخبرني) بالإفراد ( أنس) وللأصيلي أنس بن مالك ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عرضت عليّ النار) الجهنمية ( وأنا أصلي) .



[ قــ :423 ... غــ : 431 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ: «أُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) إمام دار الهجرة ( عن زيد بن أسلم) مولى عمر بن الخطاب ( عن عطاء بن يسار) بالمثناة التحتية والمهملة المخفّفة القاضي المدني الهلالي ( عن عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما ( قال) :
( انخسفت الشمس) أي انكسفت أي تغير لونها أو ذهب ضوءها ( فصلّى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) صلاة
الكسوف ( ثم قال: أريت) بضم الهمزة وكسر الراء أي أبصرت ( النار) في الصلاة رؤية عين ( فلم أرَ منظرًا كاليوم) أي رؤية مثل رؤية اليوم ( قط) بضم الطاء ( أفظع) منه وبفاء وظاء معجمة ونصب العين صفة لمنظر أو صلة أفعل التفضيل محذوفة أي منه كالله أكبر أي من كل شيء أو بمعنى فظيع كأكبر بمعنى كبير، والفظيع الشنيع الشديد المجاوز المقدار قال السفاقسي: لا حجة في الحديث على ما بوّب له لأنه عليه الصلاة والسلام لم يفعل ذلك مختارًا وإنما عرض عليه ذلك لمعنى أراده الله تعالى تنبيهًا لعباده اهـ.

وأجيب بأن الاختيار وعدمه في ذلك سواء منه لأنه عليه الصلاة والسلام لا يقرّ على باطل، فدل على أن مثله جائز قاله الحافظ ابن حجر.
وتعقبه العيني فقال: لا نسلم التسوية فإن الكراهة تتأكد عند الاختيار، وأما عند عدمه فلا كراهة لعدم العلّة الموجبة للكراهة وهي التشبه بعبدة النار.

ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون.
نعم عبد الله بن مسلمة سكن البصرة وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف في الكسوف والإيمان والنكاح وبدء الخلق ومسلم وأبو داود والنسائي في الصلاة.