فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس

باب الْمَسْجِدِ يَكُونُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِالنَّاسِ
وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَأَيُّوبُ وَمَالِك.

( باب) حكم بناء ( المسجد يكون في الطريق) المباحة ( من غير ضرر بالناس) ولأبي ذر للناس ( وبه) أي بجوازه ( قال الحسن) البصري ( وأيوب) السختياني ( ومالك) إمام دار الهجرة وعليه الجمهور، وأما ما رواه عبد الرزاق عن علي وابن عمر رضي الله عنهما من المنع فسنده ضعيف لا يحتج به.


[ قــ :466 ... غــ : 476 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: "لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً.
ثُمَّ بَدَا لأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ".
[الحديث 476 - أطرافه في: 2138، 2263، 2264، 2297، 3905، 4093، 5807، 6079] .

وبالسند قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) نسبه لجدّه واسم أبيه عبد الله المخزومي المصري ( قال: حدّثنا الليث) بن سعد المصري ( عن عقيل) بضم العين ابن خالد الإيلي ( عن ابن شهاب) الزهري ( قال) :

أخبرني بالإفراد، ولأبي ذر عن الكشميهني، فأخبرني بالفاء، ولأبي الوقت والأصيلي: وأخبرني بالواو وكلاهما عطف على مقدر أي أخبرني ( عروة بن الزبير) بن العوام بكذا وأخبرني عقب هذا ( أن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: لم أعقل) أي لم أعرف ( أبوي) أبا بكر وأم رومان رضي الله عنهما ( إلاّ وهما يدينان الدين) بكسر الدال أي يتدينان بدين الإسلام فهو نصب بنزع الخافض ( ولم يمر علينا) وللأصيلى وأبي الوقت وابن عساكر عليهما أي الصديق وزوجته ( يوم إلا يأتينا فيه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طرفي النهار بكرة وعشية) نصب على الظرفية فيهما ( ثم بدا) أي ظهر ( لأبي بكر) رضي الله عنه رأي بعد أن خرج مهاجرًا من مكة ورجع في جوار ابن الدغنة واشتراطه عليه أن لا يستعلن بعبادته القصة الآتية إن شاء الله تعالى في كتاب الهجرة إلى قوله: ( فابتنى مسجدًا بفناء داره) بكسر الفاء مع المد ما امتد من جوانبها ( فكان يصلّي فيه) أي في المسجد ( ويقرأ القرآن) أي ما نزل منه إذ ذاك، ( فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر) رضي الله عنه ( رجلاً بكاءً) بتشديد الكاف مبالغة في باكٍ ( لا يملك عينيه) أي لا يطيق إمساكهما ومنعهما مرّ البكاء ( إذا قرأ القرآن فأفزع) بالزاي أي فأخاف ( ذلك) الوقوف ( أشراف قريش من المشركين) أن تميل أبناؤهم ونساؤهم إلى دين الإسلام.

ووجه المطابقة بين الحديث والترجمة من جهة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اطّلع على بناء أبي بكر رضي الله عنه
المسجد وأقرّه عليه.
ورواته الستة ثلاثة منهم مصريون بالميم والآخرون مدنيون، وفيه رواية تابعي عن تابعي والتحديث والعنعنة والإخبار، وأخرجه المؤلّف في الإجارة والكفالة والأدب والهجرة وبعضه في غزوة الرجيع.