فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: المساجد التي على طرق المدينة، والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم

باب الْمَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( باب) بيان ( المساجد التي على طرق المدينة) النبوية بينها وبين مكة ( والمواضع التي صلّى فيها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولم تجعل مساجد.


[ قــ :471 ... غــ : 483 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيهَا، وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا، وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ.
وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ.
وَسَأَلْتُ سَالِمًا فَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ وَافَقَ نَافِعًا فِي الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا، إِلاَّ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ.
[الحديث 483 - أطرافه في: 1535، 2336، 7345] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن أبي بكر) البصري، المتوفّى سنة أربع وثلاثين ومائتين ( المقدمي) بضم الميم الأول وفتح القاف وتشديد الدال المهملة بلفظ المفعول ( قال: حدثنا فضيل بن سليمان) بضم الفاء وفتح الضاد المعجمة وسليمان بضم السين النميري بضم النون ( قال: حدّثنا موسى بن عقبة) بضم العين وإسكان القاف ( قال) :
( رأيت سالم بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ( يتحرّى) أي يقصد ويختار ( أماكن من الطريق فيصلّي فيها ويحدث أن أباه) عبد الله بن عمر ( كان يصلّي فيها وأنه) أي أبا عبد الله ( رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي في تلك الأمكنة) سقط لفظ يصلّي لابن عساكر، وهذا مرسل من سالم إن كان الضمير له قال موسى بن عقبة: ( وحدّثني) بالإفراد ( نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يصلّي في تلك الأمكنة) قال ابن عقبة أيضًا: ( وسألت سالمًا) أي ابن عبد الله بن عمر عن ذلك ( فلا أعلمه إلاّ وافق نافعًا في الأمكنة كلها إلاّ أنهما اختلفا في مسجِد بشرف الروحاء) بفتح الشين المعجمة والراء آخره فاء في الأوّل وبفتح الراء وسكون الواو وبالحاء المهملة ممدودًا اسم موضع بينه وبين المدينة ستة وثلاثون ميلاً كما عند مسلم في الأذان، ولابن أبي شيبة ثلاثون، وقد قال فيه عليه الصلاة والسلام: "هذا وادٍ من أودية الجنة وقد صلّى فيه قبلي سبعون نبيًّا ومرّ به موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام حاجًّا أو معتمرًا".

ورواة هذا الحديث ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والرؤية.





[ قــ :47 ... غــ : 484 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْزِلُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ تَحْتَ سَمُرَةٍ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ.
وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِي تِلْكَ

الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي الشَّرْقِيَّةِ فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ، لَيْسَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ وَلاَ عَلَى الأَكَمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسْجِدُ، كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَّ يُصَلِّي، فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِيهِ.
[الحديث 484 - أطرافه في: 153، 1533، 1799] .

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن المنذر) بكسر الذال المعجمة ابن عبد الله المديني الحزامي بكسر الحاء المهملة وبالزاي ( قال: حدّثنا أنس بن عياض) بكسر العين المهملة آخره معجمة المدني، المتوفى سنة ثمانين ومائة ( قال: حدّثنا موسى بن عقبة بن نافع أن عبد الله) ولأبوي ذر والوقت أن عبد الله بن عمر وللأصيلي يعني ابن عمر ( أخبره) :
( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان ينزل بذي الحليفة) بضم الحاء المهملة وفتح اللام الميقات المشهور لأهل
المدينة ( حين يعتمر وفي حجته حين حج) حجة الوداع ( تحت سمرة) بفتح المهملة وضم الميم أم غيلان وشجر الطلح ذات الشوك ( في موضع المسجد الذي بذي الحليفة) وفي نسخة الذي كان بذي الحليفة ( وكان) عليه الصلاة والسلام ( إذا رجع من غزو كان في تلك الطريق) أي طريق الحديبية وكان صفة لغزو، ولابن عساكر وأبي ذر في نسخة غزو وكان بالواو قبل الكاف، ولأبي الوقت والأصيلي غزوه كان بالهاء فتذكير الضمير باعتبار تأويلها بسفر، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي والأصيلي غزوة وكان بتاء التأنيث والواو، ( أو) كان ( في حج أو عمرة هبط من بطن وادٍ) هو وادي العقيق وسقط حرف الجر عند أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر، ولابن عساكر وحده هبط من ظهر وادٍ بدل بطن وادٍ ( فإذا ظهر من بطن وادٍ أناخ) راحلته ( بالبطحاء) أي بالمسيل الواسع المجتمع فيه دقاق الحصى من مسيل الماء وهي ( التي على شفير الوادي) بفتح الشين المعجمة أي طرفه ( الشرقية) صفة بطحاء ( فعرّس) بمهملات مع تشديد الراء أي نزل آخر الليل للاستراحة، ( ثم) بفتح المثلثة أي هناك ( حتى يصبح) بضم أوّله أي يدخل في الصباح وهي تامة استغنت بمرفوعها ( ليس عند المسجد الذي بحجارة ولا على الأكمة) بفتح الهمزة والكاف الموضع المرتفع على ما حوله أو تلّ من حجر واحد ( التي عليها المسجد كان ثم) بفتح المثلثة هناك ( خليج) بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام آخره جيم وادٍ له عمق ( يصلّي عبد الله) بن عمر ( عنده في بطنه كثب) بضم الكاف والمثلثة جمع كثيب رمل مجتمع ( كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم) بفتح المثلثة هناك ( يصلّي) قال البرماوي كالكرماني هو مرسل من نافع ( فدحا) بالحاء المهملة أي دفع ( السيل فيه) ولأبي ذر فدحا فيه السيل ( بالبطحاء حتى دفن) السيل ( ذلك المكان الذي كان عبد الله) بن عمر ( يصلّي فيه) .




[ قــ :473 ... غــ : 485 ]
- وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى حَيْثُ الْمَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِي دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ الْمَكَانَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: ثَمَّ
عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِي الْمَسْجِدِ تُصَلِّي، وَذَلِكَ الْمَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ الْيُمْنَى وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ.


( وأن عبد الله بن عمر حدّثه) بالإسناد المذكور إليه ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى حيث المسجد الصغير) بالرفع صفة للمسجد المرفوع بتقدير حيث هو المسجد وحيث لا تضاف إلاّ إلى جملة، وفي بعض الأصول صلّى جنب المسجد بالجيم والنون والموحدة، وحينئذ فالمسجد مجرور بالإضافة ( الذي دون المسجد الذي بشرف الروحاء) هي قرية جامعة على ليلتين من المدينة، وتقدّم أن بينها وبين المدينة ستة وثلاثين ميلاً ( وقد كان عبد الله) بن عمر رضي الله عنهما ( يعلم) بفتح أوّله وثالثه وسكون ثانيه من العلم، ولأبوي ذر والوقت يعلم بضم ثم سكون ثم كسر من العلامة ولهما أيضًا تعلم بمثناة فوقية وتشديد اللام مفتوحتين ( المكان الذي كان صلّى) ولابن عساكر الذي صلّى ( فيه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) المكان الموصوف ( ثم) بفتح المثلثة هناك ( عن يمينك حين تقوم في المسجد تصلّي وذلك المسجد على حافّة الطريق اليمنى) بتخفيف الفاء أي على جانبه ( وأنت ذاهب إلى مكة بينه وبين المسجد الأكبر رمية بحجر أو نحو ذلك) .




[ قــ :473 ... غــ : 486 ]
- وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى الْعِرْقِ الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَذَلِكَ الْعِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْصَرَفِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، وَقَدِ ابْتُنِيَ ثَمَّ مَسْجِدٌ فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ وَيُصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ فَلاَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ، وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْح.

( وأن ابن عمر كان يصلّي إلى العرق) بكسر العين وسكون الراء المهملتين وبالقاف الجبل الصغير أو عرق الظبية الوادي المعروف ( الذي عند منصرف الروحاء) بفتح الراء فيهما أي عند آخرها، ( وذلك العرق انتهاء طرفه على حافة الطريق) ولأبي ذر عن الكشميهني انتهى طرفه بالقصر ورفع طرفه ( دون) أي قريب أو تحت ( المسجد الذي بينه وبين المنصرف) بفتح الراء ( وأنت ذاهب إلى مكة، وقد ابتني) بضم المثناة الفوقية مبنيًّا للمفعول ( ثم) أي هناك ( مسجد فلم يكن عبد الله يصلّي) وللأصيلي فلم يكن عبد الله بن عمر يصلّي ( في ذلك المسجد كان) وللأصيلي وكان ( يتركه عن يساره ووراءه) بالنصب على الظرفية بتقدير في أو الجر عطفًا على سابقه، ( ويصلّي أمامه) أي قدام المسجد ( إلى العرق نفسه، وكان عبد الله) بن عمر ( يروح من الروحاء فلا يصلّي الظهر حتى يأتي ذلك المكان فيصلّي فيه الظهر، وإذا أقبل من مكة فإن مرّ به قبل الصبح بساعة أو من آخر السحر) ما بين الفجر الكاذب والصادق، والفرق بينه وبين قوله قبل الصبح بساعة أنه أراد بآخر السحر أقل من ساعة، وحينئذ فيغاير اللاحق السابق ( عرّس حتى يصلّي بها الصبح) .





[ قــ :474 ... غــ : 487 ]
- وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ وَوِجَاهَ الطَّرِيقِ فِي مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ حَتَّى يُفْضِيَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلاَهَا فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ وَفِي سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ.

( وأن عبد الله حدّثه) بالسند السابق إليه ( أن النبي) ولابن عساكر أن رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان ينزل
تحت سرحة)
بفتح السين والحاء المهملتين بينهما راء ساكنة شجرة ( ضخمة) أي عظيمة ( دون الرويثة) بضم الراء وبالمثلثة مصغرًا قرية جامعة بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخًا ( عن يمين الطريق ووجاه الطريق) بكسر الواو وضمها أي مقابلها والهاء خفض عطفًا على يمين أو نصب على الظرفية ( في مكان بطح) بفتح الموحدة وسكون المهملة وكسرها واسع ( سهل حتى) ولأبي الوقت والأصيلي وابن عساكر حين ( يفضي) أي يخرج عليه الصلاة والسلام ( من أكمة) بفتح الهمزة والكاف والميم موضع مرتفع ( دوين بريد الرويثة) بضم الدال وفتح الواو مصغرًا، ولابن عساكر دون الرويثة ( بميلين) أي بينه وبين المكان الذي ينزل فيه البريد بالرويثة ميلان أو البريد الطريق، ( وقد انكسر أعلاها فانثنى) بفتح المثلثة مبنيًّا للفاعل أي انعطف ( في جوفها وهي قائمة على ساق) كالبنيان ليست متّسعة من أسفل ( وفي ساقها كثب) بكاف ومثلثة مضمومتين جمع كثيب وهي تلال الرمل ( كثيرة) .




[ قــ :475 ... غــ : 488 ]
- وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْعَرْجِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ عَلَى الْقُبُورِ رَضْمٌ مِنْ حِجَارَةٍ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ عِنْدَ سَلِمَاتِ الطَّرِيقِ، بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلِمَاتِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الْعَرْجِ بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالْهَاجِرَةِ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ.

( وأن عبد الله بن عمر حدّثه) بالسند المتقدم إليه ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى في طرف تلعة) بفتح المثناة
الفوقية وسكون اللام وفتح العين المهملة مسيل الماء من فوق إلى أسفل الهضبة فوق الكثيب في الارتفاع ودون الجبل ( من وراء العرج) بفتح العين وسكون الراء المهملتين آخره جيم قرية جامعة بينها وبين الرويثة ثلاثة عشر أو أربعة عشر ميلاً، ( وأنت ذاهب إلى هضبة) بفتح الهاء وسكون الضاد المعجمة جبل منبسط على وجه الأرض أو ما طال أو اتسع وانفرد من الجبال ( عند ذلك المسجد قبران أو ثلاثة على القبور رضم) بفتح الراء وسكون المعجمة وللأصيلي رضم بفتحها أي صخور بعضها فوق بعض ( من حجارة عن يمين الطريق عند سلمات الطريق) بفتح السين المهملة وكسر اللام صخرات، ولغير أبي ذر والأصيلي سلمات بفتح اللام شجرة يدبغ بورقها الأديم ( بين أولئك السلمات كان عبد الله) بن عمر رضي الله عنهما ( يروح من العرج بعد أن تميل الشمس بالهاجرة) نصف النهار عند اشتداد الحرّ ( فيصلّي الظهر في ذلك المسجد) .





[ قــ :476 ... غــ : 489 ]
- وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى، ذَلِكَ الْمَسِيلُ لاَصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي إِلَى سَرْحَةٍ هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ وَهْيَ أَطْوَلُهُنَّ.

( وأن عبد الله بن عمر حدّثه) بالسند السابق: ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نزل عند سرحات) بفتح الراء
شجرات ( عن يسار الطريق في مسيل) بفتح الميم وكسر المهملة مكان منحدر ( دون هرشى) بفتح الهاء وسكون الراء وبالشين المعجمة مقصور جبل على ملتقى طريق المدينة والشام قريب من الجحفة ( ذلك المسيل لاصق بكراع) بضم الهاء وسكون الراء وبالشين المعجمة ثنية بين مكة والمدينة، وقيل جبل قريب من الجحفة ( بينه وبين الطريق قريب من غلوة) بفتح الغين المعجمة غاية بلوغ السهم أو أمد جري الفرس ( وكان عبد الله) بن عمر ( يصلّي إلى سرحة) بفتح السين وسكون الراء ( هي أقرب السرحات) بفتح الراء أي إلى شجرة هي أقرب الشجرات ( إلى الطريق وهي أطولهنّ) .




[ قــ :477 ... غــ : 490 ]
- وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْزِلُ فِي الْمَسِيلِ الَّذِي فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ الْمَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلاَّ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ.

( وأن عبد الله بن عمر حدّثه) بالسند السابق: ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان ينزل في المسيل) المكان المنحدر ( الذي في أدنى مرّ الظهران) بفتح الميم وتشديد الراء في الأولى، وبفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء في الأخرى المسمى الآن بطن مرو، وللأصيلي مرّ الظهران ( قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي مقابل ( المدينة حين يهبط) وفي رواية حتى يهبط ( من الصفراوات) بفتح الصاد المهملة وسكون الفاء جمع صفراء وهي الأودية أو الجبال التي بعد مرّ الظهران ( ينزل في بطن ذلك المسيل عن يسار الطريق) ينزل بالمثناة التحتية كما في الفرع وغيره، أو تنزل بتاء الخطاب ليوافق قوله: ( وأنت ذاهب إلى مكة ليس بين منزل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين الطريق إلاّ رمية بحجر) .




[ قــ :478 ... غــ : 491 ]
- وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْزِلُ بِذِي طُوًى وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ.
[الحديث 491 - طرفاه في: 1767، 1769] .


( وأن عبد الله بن عمر حدّثه) بالسند السابق: ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان ينزل بذي طوى) بضم الطاء
موضع بمكة، ولأبي ذر عن الكشميهني طوى بكسرها وعزاه العيني كابن جابر للأصيلي وله في الفرع كأصله طوى بفتحها ولأبي ذر بذي الطواء بزيادة أل مع كسر الطاء والمد، وعزا العيني كابن حجر زيادة الألف واللام للحموي والمستملي وحكيا فتح الطاء عن عياض وغيره، وهو الذي في الفرع وليس فيه ضم الطاء البتّة، ( ويبيت) بها ( حتى يصبح يصلّي الصبح حين يقدم مكة ومصلّى
رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك على أكمة)
بفتح الهمزة والكاف والميم موضع مرتفع على ما حوله أو تل من حجر واحد ( غليظة) وفي رواية عظيمة ( ليس في المسجد الذي بني ثم ولكن أسفل من ذلك على أكمة غليظة) .




[ قــ :479 ... غــ : 49 ]
- وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَىِ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ يَسَارَ الْمَسْجِدِ بِطَرَفِ الأَكَمَةِ وَمُصَلَّى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ تَدَعُ مِنَ الأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا ثُمَّ تُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَيْنِ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ.

( وأن عبد الله) زاد الأصيلي ابن عمر ( حدّثه) بالسند السابق إليه: ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استقبل فرضتي
الجبل)
بضم الفاء وسكون الراء وفتح الضاد المعجمة مدخل الطريق إلى الجبل ( الذي بينه) ولأبي الوقت وابن عساكر الذي كان بينه ( وبين الجبل الطويل نحو الكعبة) أي ناحيتها.
قال نافع: ( فجعل) عبد الله ( المسجد الذي بني ثم) بفتح الثاء أي هناك ( يسار المسجد بطرف الأكمة ومصلّى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسفل منه) بالنصب على الظرفية أو بالرفع خبر مبتدأ محذوف ( علي الأكمة السوداء تدع من الأكمة عشرة أذرع) بالذال المعجمة ولأبي ذر عشر أذرع ( أو نحوها ثم تصلّي) حال كونك ( مستقبل الفرضتين من الجبل الذي بينك وبين الكعبة) ، وإنما كان ابن عمر رضي الله عنه يصلّي في هذه المواضع للتبرّك، وهذا لا ينافي ما روي من كراهية أبيه عمر لذلك لأنه محمول على اعتقاد من لا يعرف وجوب ذلك وابنه عبد الله مأمون من ذلك، بل قال البغوي من الشافعية: إن المساجد التي ثبت أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى فيها لو نذر أحد الصلاة في شيء منها تعين كما تتعين المساجد الثلاثة، فحفظ اختلاف عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما عظيم في الدين ففي اقتفاء آثاره عليه الصلاة والسلام تبرك به وتعظيم له، وفي نهي عمر رضي الله عنه السلامة في الاتباع من الابتداع.
ألا ترى أن عمر نبه على أن هذه المساجد التي صلّى فيها عليه الصلاة والسلام ليست من المشاعر ولا لاحقة بالمساجد الثلاثة في التعظيم ثم إن هذه المساجد المذكورة لا يعرف اليوم منها غير مسجد ذي الحليفة، ومساجد الروحاء يعرفها أهل تلك الناحية.

وفي هذا السياق المذكور هنا تسعة أحاديث أخرجها الحسن بن سفيان في مسنده مفرقة إلا أنه لم يذكر الثالث، وأخرج مسلم الأخير في كتاب الحج ... ورواة هذا الحديث الخمسة مدنيون وفيه التحديث والعنعنة والإخبار.

( أبواب سترة المصلي) وهذا ساقط في اليونينية.