فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يقول إذا نام

باب مَا يَقُولُ إِذَا نَامَ
( باب ما يقول) الشخص ( إذا نام) .


[ قــ :5979 ... غــ : 6312 ]
- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: «بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا» وَإِذَا قَامَ، قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ».
تُنْشِرُهَا: تُخْرِجُهَا.

وبه قال: ( حدّثنا قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وبعد التحتية الساكنة صاد مهملة ابن عقبة الكوفي قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري ( عن عبد الملك) بن عمير ( عن ربعي بن حراش) بكسر الراء وسكون الموحدة وكسر العين المهملة وتشديد التحتية وحراش بالحاء المهملة المكسورة وبعد الراء ألف فشين معجمة ( عن حذيفة) -رضي الله عنه- ولأبي ذر زيادة ابن اليمان أنه ( قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أوى) بقصر الهمزة ( إلى فراشه) دخل فيه ( قال) : ( باسمك) بوصل الهمزة ( أموت وأحيا) بفتح الهمزة أي بذكر اسمك أحيا ما حييت وعليه أموت أو المراد باسمك المميت أموت وباسمك المحيي أحيا إذ معاني الأسماء الحسنى ثابتة له تعالى فكل ما ظهر في الوجود فهو صادر عن تلك المقتضيات ( وإذا قام) من النوم ( قال: الحمد لله الذي أحيانًا بعدما أماتنا) قال ابن الأثير: سمي النوم موتًا لأنه يزول معه العقل والحركة تمثيلاً وتشبيهًا اهـ.

قال الله تعالى: { الله يتوفى الأنفس حين موتها} أي يسلب ما هي به حية حساسة دراكة { والتي لم تمت في منامها} [الزمر: 42] أي: ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها أي يتوفاها حين تنام تشبيهًا للنائمين بالموتى حيث لا يميزون ولا يتصرّفون كما أن الموتى كذلك، وقيل يتوفى
الأنفس التي لم تمت في منامها هي أنفس التمييز فالتي تتوفى في المنام هي نفس التمييز لا نفس الحياة لأن نفس الحياة إذا زالت زال معها النفس والنائم يتنفس ولكل إنسان نفسان نفس الحياة التي تفارقه عند الموت، والأخرى نفس التمييز التي تفارقه إذا نام.
وعن ابن عباس في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس فالنفس التي بها العقل والتمييز والروح التي بها النفس والتحرك فإذا نام الإِنسان قبض الله نفسه ولم يقبض روحه ( وإليه) تعالى ( النشور) الإحياء للبعث يوم القيامة.

فإن قيل: ما سبب الشكر على الانتباه من النوم؟ أجاب في شرح المشكاة: بأن انتفاع الإِنسان بالحياة إنما هو بتحري رضا الله عنه وتوخي طاعته والاجتناب عن سخطه وعقابه فمن نام زال عنه هذا الانتفاع ولم يأخذ نصيب حياته وكان كالميت فكان قوله الحمد لله شكرًا لنيل هذه النعمة وزوال ذلك المانع.

( تنشرها) : بالفوقية المضمومة أوّله أي ( تخرجها) كذا في الفرع وأصله وهو ثابت في رواية الحموي والذي في القرآن ننشرها بالنون ورواه الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.

والحديث أخرجه البخاري أيضًا في التوحيد، وأبو داود في الأدب، والترمذي، وأخرجه النسائي في اليوم والليلة، وابن ماجة في الدعاء.




[ قــ :5980 ... غــ : 6313 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالاَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ رَجُلاً وَحَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِىُّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْصَى رَجُلاً فَقَالَ: «إِذَا أَرَدْتَ مَضْجَعَكَ فَقُلِ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ، مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ».

وبه قال: ( حدّثنا سعد بن الربيع) بفتح الراء وكسر الموحدة وسعد في الفرع بسكون العين والذي في اليونينية وهو الصواب سعيد بكسرها ثم تحتية البصري ( ومحمد بن عرعرة) بفتح فسكون ففتح مهملات ( قالا: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي أنه ( سمع) ولأبي ذر: سمعت ( البراء بن عازب) -رضي الله عنه- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر رجلاً) زاد أحمد: من الأنصار.
قال البخاري:
( وحدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله ( الهمداني) بفتح الهاء وسكون الميم بعدها دال مهملة السبيعي ( عن البراء بن عازب) -رضي الله عنه- ولأبي ذر عن الحموي عن أبي إسحاق سمعت البراء بن عازب.
قال في
الفتح: والأول أصوب وإلاّ لكان موافقًا للرواية الأولى من كل وجه ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أوصى رجلاً) هو البراء راوي الحديث ( فقال) :
( إذا أردت مضجعك فقل اللهم أسلمت نفسي إليك) جعلتها منقادة لك ( وفوّضت أمري إليك) لتتولى صلاحه ( ووجهت وجهي) أي ذاتي ( إليك) وهذه ليست في الرواية السابقة في الباب قبل هذا ( وألجأت) أسندت ( ظهري إليك) قال في شرح المشكاة: في قوله أسلمت نفسي إليك إشارة إلى أن جوارحه منقادة لله تعالى في أوامره ونواهيه وقوله وجهت وجهي إليك إلى أن ذاته مخلصة له تعالى بريئة من النفاق، وفوضت إلى أن أموره الخارجة والداخلة مفوّضة إليه لا مدبر لها غيره، وألجأت بعد قوله وفوضت تفويض أموره التي هو مفتقر إليها وبها معاشه وعليها مدار أمره ( رغبة ورهبة إليك) منصوبان على المفعول له على طريقة اللف والنشر أي فوّضت أمري إليك رغبة وألجأت ظهري من المكاره والشدائد إليك رهبة منك لأنه ( لا ملجأ ولا منجا) بالقصر فيهما في الفرع كأصله للازدواج ( منك) إلى أحد ( إلا إليك آمنت بكتابك) القرآن المستلزم الإِيمان به الإِيمان بسائر الكتب السماوية ( الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإن مت) من ليلتك ( مت على الفطرة) الإِسلامية.

وسبق هذا الحديث قريبًا وفي الوضوء.