فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب التعوذ من الفتن

باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْفِتَنِ
( باب التعوّذ من الفتن) جمع فتنة وهي اسم للامتحان والاختبار.


[ قــ :6027 ... غــ : 6362 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَحْفَوْهُ الْمَسْأَلَةَ فَغَضِبَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «لاَ تَسْأَلُونِى الْيَوْمَ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ بَيَّنْتُهُ لَكُمْ».
فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالاً فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لاَفٌّ رَأْسَهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِى فَإِذَا رَجُلٌ كَانَ إِذَا لاَحَى الرِّجَالَ يُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى؟ قَالَ: «حُذَافَةُ» ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَسُولاً، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا رَأَيْتُ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا وَرَاءَ الْحَائِطِ».
وَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ عِنْدَ الْحَدِيثِ هَذِهِ الآيَةَ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا، عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] .

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) بن الحارث بن سخبرة الحوضي الأزدي البصري قال: ( حدّثنا هشام) الدستوائي ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه قال: ( سألوا) أي الصحابة ( رسول الله) وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي والمستملي سئل بضم السين مبنيًّا للمفعول رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى أحفوه المسألة) بحاء مهملة ساكنة وفتح الفاء وسكون الواو ألحوا عليه فيها ( فغضب) عليه الصلاة والسلام لتعنتهم وتكلفهم بما لا حاجة لهم به ( فصعد) بكسر العين المهملة رقي ( المنبر فقال) :
( لا تسألوني) بحذف نون الوقاية ولأبي ذر لا تسألونني ( اليوم عن شيء) من الغيب ( إلا بينته لكم) قال أنس: ( فجعلت أنظر يمينًا وشمالاً فإذا كل رجل) حاضر من الصحابة ( لاف رأسه في ثوبه يبكي) بألف بعد لام ففاء مشددة مرفوعة ولأبي ذر وابن عساكر لافًا بالنصب أي حال كونه لافًا وفي تفسير المائدة من وجه آخر لهم خنين وهو بالخاء المعجمة المفتوحة والنون المكسورة صوت مرتفع من الأنف بالبكاء ( فإذا رجل كان إذا لاحى) بالحاء المهملة المفتوحة أي خاصم ( الرجال يدعى) بضم التحتية وسكون الدال وفتح العين المهملتين ينسب ( لغير أبيه فقال: يا رسول الله من أبي؟ قال) عليه الصلاة والسلام له أبوك ( حذافة) بضم الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة المخففة وبعد الألف فاء وعند أحمد عن أبي هريرة فقال عبد الله بن حذافة من أبي يا رسول الله فقال: حذافة بن قيس وقيل الرجل هو خارجة أخو عبد الله والمعروف السابق ( ثم أنشأ عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- لما رأى بوجهه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أثر الغضب ( فقال) : شفقة على المسلمين ( رضينا بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رسولاً) قال في الكواكب: أي رضينا بما
عندنا من كتاب الله وسنة نبينا واكتفينا به عن السؤال ( نعوذ بالله من الفتن) جمع فتنة ( فقال رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ما رأيت في الخير والشر كاليوم) يومًا مثل هذا اليوم ( قط إنه) بكسر الهمزة ( صورت) بضم المهملة وكسر الواو المشددة ( لي الجنة والنار حتى رأيتهما) رؤيا عين صورتا له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وراء الحائط) أي حائط محرابه الشريف كانطباع الصورة في المرآة فرأى جميع ما فيهما لا يقال الانطباع إنما يكون في الأجسام الصقيلة لأن ذلك شرط عادي فيجوز انخراق العادة خصوصًا له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( وكان قتادة) بن دعامة السدوسي ( يذكر عند هذا الحديث هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء} ) قال الخليل وسيبويه وجمهور البصريين: أصله شيآء بهمزتين بينهما ألف وهي فعلاء من لفظ شيء وهمزتها الثانية للتأنيث ولذا لم تنصرف كحمراء وهي مفردة لفظًا جمع معنى ولما استثقلت الهمزتان المجتمعتان قدمت الأولى التي هي لام فجعلت قبل الشين فصار وزنها لفعاء والجملة الشرطية في قوله ( { إن تبد لكم تسؤكم} ) [المائدة: 101] صفة لأشياء في محل جر وكذا الشرطية المعطوفة أيضًا والحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الفتن وسبق مختصرًا في كتاب العلم، وأخرجه مسلم في الفضائل.