فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب التعوذ من غلبة الرجال

باب التَّعَوُّذِ مِنْ غَلَبَةِ الرِّجَالِ
( باب التعوذ من غلبة الرجال) أي قهرهم.


[ قــ :6028 ... غــ : 6363 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَبِى طَلْحَةَ: «الْتَمِسْ لَنَا غُلاَمًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِى»؟ فَخَرَجَ بِى أَبُو طَلْحَةَ يُرْدِفُنِى وَرَاءَهُ فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلَّمَا نَزَلَ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» فَلَمْ أَزَلْ أَخْدُمُهُ حَتَّى أَقْبَلْنَا مِنْ خَيْبَرَ وَأَقْبَلَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ، قَدْ حَازَهَا فَكُنْتُ أَرَاهُ يُحَوِّى وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ أَوْ كِسَاءٍ ثُمَّ يُرْدِفُهَا وَرَاءَهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ صَنَعَ حَيْسًا فِى نِطَعٍ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَدَعَوْتُ رِجَالاً فَأَكَلُوا، وَكَانَ ذَلِكَ بِنَاءَهُ بِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى بَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ: «هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا مِثْلَ مَا حَرَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِى مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي وسقط ابن سعيد لأبي ذر قال: ( حدّثنا إسماعيل بن جعفر) المدني ابن أبي كثير الأنصاري الزرقي ( عن عمرو بن أبي عمرو) بفتح العين فيهما واسم الثاني ميسرة ( مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب) بفتح المهملتين بينهما نون ساكنة آخره باء موحدة المخزومي القرشي ( أنه سمع أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( يقول: قال
رسول الله)
ولأبي ذر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري زوج أم سليم أم أنس.

( التمس لنا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لي ( غلامًا من غلمانكم يخدمني) بالرفع أي هو يخدمني ( فخرج بي أبو طلحة) حال كونه ( يردفني وراءه) على الدابة ( فكنت أخدم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما خرج إلى غزوة خيبر ( كلما نزل فكنت أسمعه يكثر أن يقول اللهم إني أعوذ بك من الهم و) من ( الحزن) بفتح المهملة والزاي وفرق بينهما لأن الهم إنما يكون في الأمر المتوقع والحزن فيما قد وقع ( و) من ( العجز) بسكون الجيم وأصله التأخر عن الشيء مأخوذ من العجز وهو مؤخر الشيء وللزوم الضعف والقصور عن الإِتيان بالشيء استعمل في مقابلة القدرة واشتهر فيها ( والكسل) هو التثاقل عن الشيء مع وجود القدرة عليه والداعية إليه ( والبخل) هو ضد الكرم ( والجبن) ضد الشجاعة ( وضلع الدين) بفتح المعجمة واللام والدين بفتح الدال المهملة ثقله حتى يميل صاحبه عن الاستواء لثقله وذلك حيث لا يجد منه وفاء ولا سيما مع المطالبة ( وغلبة الرجال) تسلطهم واستيلائهم هرجًا ومرجًا وذلك كغلبة القوّام قاله الكرماني وعن بعضهم قهر الرجال هو جور السلطان ( فلم أزل أخدمه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( حتى أقبلنا من خيبر وأقبل بصفية بنت حيي قد حازها) بالحاء المهملة والزاي بينهما ألف أخذها لنفسه من الغنيمة ( فكنت أراه) بفتح الهمزة أنظر إليه ( يحوي) بضم التحتية وفتح الحاء المهملة وكسر الواو المشددة بعدها تحتية ساكنة أي يجمع ويدوّر ( وراءه بعباءة) هي ضرب من الأكسية ( أو كساء) بالمد بالشك من الراوي نحو سنام الراحلة ( ثم يردفها) أي صفية ( وراءه) وإنما كان يحوّي لها خشية أن تسقط ( حتى إذا كنا بالصهباء) بالصاد المهملة والموحدة المفتوحتين بينهما هاء ساكنة ممدودًا اسم موضع وحلت صفية بطهرها من الحيض ( صنع حيسًا) بحاء وسين مهملتين بينهما تحتية ساكنة طعامًا من تمر وأقط وسمن ( في نطع ثم أرسلني فدعوت رجالاً فأكلوا وكان ذلك بناءه بها) زفافه بصفية ( ثم أقبل) إلى المدينة ( حتى بدا) ظهر ولأبي ذر حتى إذا بدا ( له أُحد) بضم الهمزة والمهملة ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( هذا جبيل) بالتصغير ولأبي ذر جبل ( يحبنا) حقيقة أو مجازًا أو أهله والمراد بهم أهل المدينة ( ونحبه فلما أشرف على المدينة قال: اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم إبراهيم مكة) في حرمة الصيد لا في الجزاء ونحوه ومثل نصب بنزع الخافض ( اللهم بارك لهم) لأهل المدينة ( في مدهم وصاعهم) .

وسبق الحديث في باب من غزا بصبي من كتاب الجهاد.