فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: العزلة راحة من خلاط السوء

باب الْعُزْلَةُ رَاحَةٌ مِنْ خُلاَّطِ السُّوءِ
هذا ( باب) بالتنوين ( العزلة) أي الانفراد ( راحة من خلاط السوء) بضم الخاء المعجمة وتشديد اللام جمع خليط وهو جمع مستغرب والسوء بفتح السين.


[ قــ :6156 ... غــ : 6494 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ فِى شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ».
تَابَعَهُ الزُّبَيْدِىُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَالنُّعْمَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ.
.

     وَقَالَ  مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عَطَاءٍ أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

     وَقَالَ  يُونُسُ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( حدّثنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: ( حدثني) بالإفراد ( عطاء بن يزيد) الليثي ( أن أبا سعيد) سعد بن مالك الخدري ( حدثه قال: قيل يا رسول الله.
وقال محمد بن يوسف)
الفريابي ( حدّثنا الأوزاعي) عبد الرَّحمن بن عمرو الحافظ الفقيه الزاهد قال: ( حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم ( عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري) -رضي الله عنه- أنه ( جاء) ولأبي ذر قال:
جاء ( أعرابي) لم أقف على اسمه ولا يقال إنه أبو ذر إذ لا يحسن أن يقال إنه أعرابي ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله أي الناس خير؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خيرهم:
( رجل جاهد) في سبيل الله ( بنفسه وماله ورجل في شعب من الشعاب) بكسر الشين المعجمة فيهما طريق في الجبل ( يعبد ربه) فيه ( ويدع الناس) يتركهم ( من شره) زاد مسلم من وجه آخر ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة حتى يأتيه اليقين ( تابعه) أي تابع شعيبًا ( الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة محمد بن الوليد السامي فيما رواه مسلم ( وسليمان بن كثير) العبدي فيما رواه أبو داود ( والنعمان) بن راشد الجزري فيما وصله أحمد ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( وقال معمر) هو ابن راشد ( عن الزهري عن عطاء) هو ابن يزيد ( أو) عن ( عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود أو للشك ( عن أبي سعيد) الخدري ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهذا أخرجه أحمد عن عبد الرزاق، وقال: يشك أحمد.
وأخرجه مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن معمر عن عطاء بغير شك.

( وقال يونس) بن يزيد الأيلي فيما وصله الذهلي في الزهريات ( وابن مسافر) عبد الرَّحمن بن خالد بن مسافر فيما وصله الذهلي في الزهريات ( ويحيى بن سعيد) الأنصاري فيما وصله الذهلي أيضًا ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عطاء) أي ابن يزيد ( عن بعض أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال الكرماني: لعله أبو سعيد الخدري ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .




[ قــ :6157 ... غــ : 6495 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ خَيْرُ مَالِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْغَنَمُ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا الماجشون) بكسر الجيم وضم الشين المعجمة ورفع النون عبد العزيز بن عبد الله ( عن عبد الرَّحمن بن أبي صعصعة) هو عبد الرَّحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة ( عن أبيه) عبد الله بن أبي صعصعة ( عن أبي سعيد) ولأبي الوقت زيادة الخدري ( أنه سمعه يقول: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( يأتي على الناس زمان خير مال الرجل المسلم الغنم) فيه حذف تقديره يكون فيه خير الخ وسقط لفظ الرجل لأبي ذر ( يتبع) بسكون الفوقية ( بها) بالغنم ( شعف الجبال) بفتح الشين المعجمة والعين المهملة بعدها فاء رؤوس الجبال ( ومواقع القطر) بطون الأودية إذ هما أماكن الرعي ( يفر بدينه) بسبب دينه ( من الفتن) وفي قوله: يأتي على الناس زمان الخ إشارة إلى أن خيرية العزلة تكون في آخر الزمان أما زمنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكان الجهاد فيه مطلوبًا، وأما بعده فتختلف باختلاف الأحوال كما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى بعون الله في كتاب الفتن، وقد قال أبو القاسم القشيري رحمه الله: الخلوة صفة أهل الصفوة، والعزلة من أمارات الموصلة، ولا بدّ للمريد في ابتداء حاله من العزلة
عن أبناء جنسه ثم في نهايته من الخلوة لتحققه بأنسه ومن حق العبد إذا آثر العزلة أن يعتقد باعتزاله عن الخلق سلامة الناس من شره اهـ.

وفي العزلة فوائد: التفرغ للعبادة وانقطاع طمع الناس عنه وعتبهم عليه والخلاص من مشاهدة الثقلاء والحمقى ويحصل بالمخالطة غالبًا الغيبة والرياء والمخاصمة وسرقة الطبع الرذائل.
قال الجنيد: مكابدة العزلة أيسر من مداراة الخلطة اهـ.
وإنما كان ذلك لأن مكابدة العزلة اشتغال بالنفس خاصة وردّ لها عما تشتهيه بخلاف مداراة الخلطة بالناس مع اختلاف أخلاقهم وشهواتهم وأغراضهم وما يبدو منهم من الأذى وما يحتاج إليه من الحلم والصفح.
نعم قد تجب الخلطة لتحصيل علم أو عمل.