فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب طلوع الشمس من مغربها

باب
هذا ( باب) بالتنوين بلا ترجمة فهو كالفصل من الباب السابق، ولأبي ذر عن الكشميهني باب طلوع الشمس من مغربها.


[ قــ :6168 ... غــ : 6506 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى
هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَانِهَا خَيْرًا، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلاَ يَتَبَايَعَانِهِ وَلاَ يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلاَ يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهْوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلاَ يَسْقِى فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلاَ يَطْعَمُهَا».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: ( حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني ( عن عبد الرَّحمن) بن هرمز الأعرج ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها) قال في الكواكب: فإن قلت: أهل الهيئة بينوا أن الفلكيات بسيطة لا تختلف مقتضياتها ولا يتطرق إليها خلاف ما هي عليه.
قلت: قواعدهم منقوضة ومقدماتهم ممنوعة، ولئن سلمنا صحتها فلا امتناع في انطباق منطقة البروج على معدل النهار بحيث يصير المشرق مغربًا والمغرب مشرقًا اهـ.

( فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون فذلك) باللام ولأبي ذر عن الكشميهني فذاك ( حين لا ينفع نفسًا إيمانها) كالمختصر إذا صار الأمر عيانًا والإيمان برهانًا ( لم تكن آمنت من قبل) صفة نفسًا ( أو كسبت في إيمانها خيرًا) عطف على آمنت والمعنى لا ينفع الإيمان حينئذ نفسًا غير مقدمة إيمانها أو مقدمة إيمانها غير كاسبة في إيمانها خيرًا، وسقط لأبي ذر قوله لم تكن آمنت الخ.
وقال بعد قوله إيمانها الآية.
وفي صحيح مسلم من طريق أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعًا: "ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل طلوع الشمس من مغربها والدجال والدابة".

قال في الفتح: والذي يترجح من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغيير الأحوال العامة في معظم الأرض، وينتهي ذلك بموت عيسى عليه السلام وأن طلوع الشمس من مغربها هو أوّل الآيات العظام المؤذنة بتغيير أحوال العالم العلوي وينتهي ذلك بقيام الساعة.
وفي مسلم من طريق أبي زرعة عند عبد الله بن عمرو بن العاصي رفعه: "أوّل الآيات طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى فأيهما خرجت قبل الأخرى فالأخرى منها قريب".

قال الحاكم أبو عبد الله: الذي يظهر أن طلوع الشمس يسبق خروج الدابة ثم تخرج الدابة في ذلك اليوم أو الذي يقرب منه.
قال الحافظ ابن حجر: والحكمة في ذلك أن عند طلوع الشمس من مغربها يغلق باب التوبة فتخرج الدابة تميز المؤمن من الكافر تكميلاً للمقصود من إغلاق باب التوبة، وأوّل الآيات المؤذنة بقيام الساعة النار تحشر الناس كما سبق حديث أنس في بدء الخلق في مسائل عبد الله بن سلام، وفي حديث عائشة المروي عند عبد بن حميد والطبراني
بسند صحيح من طريق عامر الشعبي عنها: إذا خرجت أوّل الآيات طرحت الأقلام وطويت الصحف وخلصت الحفظة وشهدت الأجسام على الأعمال، وهذا وإن كان موقوفًا فحكمهُ الرفع.

( ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبيهما بينهما) بياء تحتية بعد الموحدة في الفرع وبإسقاطها في اليونينية وهو الظاهر والواو في وقد للحال ( فلا يتبايعانه ولا يطويانه ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته) بكسر اللام وسكون القاف بعدها حاء مهملة ذات الدر من النوق ( فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه) بفتح المثناة التحتية في الفرع كأصله مصححًا عليه، وفي الفتح بضمها يقال: لاط حوضه إذا مدره أي جمع حجارة فصيّرها كالحوض ثم سدّ ما بينها من الفرج بالمدر ونحوه لينحبس الماء ( فلا يسقى فيه ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته) ولأبي ذر وقد رفع أحدكم أكلته بضم الهمزة لقمته ( إلى فيه فلا يطعمها) بفتح أوّله وثالثه والمراد أن قيام الساعة يكون بغتة.

وهذا الحديث مختصر من حديث يأتي إن شاء الله تعالى أواخر كتاب الفتن بعون الله وقوته.