فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: من نوقش الحساب عذب

باب مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( من نوقش الحساب عذب) .


[ قــ :6198 ... غــ : 6536 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ» قَالَتْ: قُلْتُ: أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8] قَالَ: «ذَلِكِ الْعَرْضُ».

وبه قال: ( حدّثنا عبيد الله بن موسى) بضم العين ابن باذام الكوفي ( عن عثمان بن الأسود) بن موسى المكي ( عن أبي مليكة) عبد الله ( عن عائشة) -رضي الله عنها- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( من) مبتدأ ( نوقش) بضم أوله وكسر القاف صلته ( الحساب) نصب بنزع الخافض ( عذب) بضم أوله وكسر المعجمة خبر المبتدأ أي من استقصى في محاسبته وحوقق عذب في النار جزاء على سيئاته وأصل المناقشة من نقش الشوكة إذا استخرجها من جسمه وقد نقشها وانتقشها ( قالت) عائشة ( قلت) يا رسول الله ( أليس يقول الله تعالى: { فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا} ) [الانشقاق: 8] أي سهلاً هينًا بأن يجازي على الحسنات ويتجاوز عن السيئات ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ذلك) بكسر القاف وتفتح أي الحساب المذكور في الآية ( العرض) أي عرض أعمال المؤمن عليه حتى يعرف منة الله عليه في سترها عليه في الدنيا وفي عفوه عنها في الآخرة.

والحديث مرّ في العلم في باب من سمع شيئًا فراجعه.
حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ.
وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ وَأَيُّوبُ وَصَالِحُ بْنُ رُسْتُمٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ولأبي ذر بالجمع ( عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم ابن بحر أبو حفص الباهلي قال: ( حدّثنا يحيى) هو القطان ولأبي ذر يحيى بن سعيد ( عن عثمان بن الأسود) المكي مولى بني جمح وهو السابق قريبًا أنه قال: ( سمعت ابن أبي مليكة) عبد الله ( قال: سمعت عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثله) وتقدم في تفسير سورة الانشقاق بهذا السند ولم يذكر متنه.
نعم ذكره الإسماعيلي من رواية أبي بكر بن خلاد عن يحيى بن سعيد فقال مثل حديث عبد الله بن موسى سواء ( وتابعه) سقطت الواو لأبي ذر أي تابع عثمان بن الأسود ( ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( ومحمد بن سليم) بضم السين المهملة وفتح اللام أبو عثمان المكي فيما وصله عنهما أبو عوانة في صحيحه ( و) تابعه أيضًا ( أيوب) السختياني فيما وصله المؤلّف في التفسير لكنه لم يذكر لفظه نعم أخرجها أبو عوانة في صحيحه عن إسماعيل القاضي عن سليمان شيخ البخاري فيه بلفظ: "من حوسب عذب" قالت عائشة: فقلت يا رسول الله فأين قول الله { فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا} [الانشقاق: 8] قال: ذلك العرض ولكنه من نوقش الحساب عذب ( و) تابعه أيضًا ( صالح بن رستم) بضم الراء والفوقية بينهما سين مهملة ساكنة آخره ميم أبو عامر الخزاز بمعجمات فيما وصله إسحاق بن راهويه في
مسنده عن النضر بن شميل عند الأربعة ( عن ابن أبي مليكة عن عائشة) -رضي الله عنها- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)



[ قــ :6199 ... غــ : 6537 ]
- حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِى صَغِيرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ، حَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ هَلَكَ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّمَا ذَلِكِ الْعَرْضُ وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ عُذِّبَ».

وبه قال: (حدثني) بالإفراد (إسحاق بن منصور) الكوسج المروزي قال: (حدّثنا روح بن عبادة) بن العلاء بن حسان القيسي أبو محمد البصري قال: (حدّثنا حاتم بن أبي صغيرة) بالحاء المهملة بعدها ألف ففوقية وصغيرة بفتح الصاد المهملة وكسر الغين المعجمة وبعد التحتية الساكنة راء فهاء تأنيث أبو يونس البصري واسم أبي صغيرة مسلم وهو جده لأمه وقيل زوج أمه قال: (حدّثنا عبد الله بن أبي مليكة) هو عبد الله بن أبي مليكة بن عبد الله بن جدعان يقال اسم أبي مليكة زهير التيمي المدني أدرك ثلاثين من الصحابة قال: (حدثني) بالإفراد (القاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: (حدثتني عائشة) -رضي الله عنها- (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك) قالت عائشة: (فقلت يا رسول الله قد قال الله تعالى) في كتابه العزيز: ({ فأما من أوتي كتابه بيمينه} ) أي كتاب عمله ({ فسوت يحاسب حسابًا يسيرًا} [الانشقاق: 8] أي سهلاً من غير تعسير أي لا يحقق عليه جميع دقائق أعماله (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وإنما ذلك) ولأبي ذر ذاك بإسقاط اللام وكسر الكاف فيهما المذكور في الآية (العرض وليس أحد يناقش الحساب) في الحساب (يوم القيامة إلاّ عذّب).

قال القاضي عياض: عذب له معنيان.
أحدهما أن نفس مناقشة الحساب وعرض الذنوب والتوقيف على قبيح ما سلف والتوبيخ تعذيب، والثاني أنه يفضي إلى استحقاق العذاب إذ لا حسنة للعبد إلا من عند الله لإقداره عليها وتفضله عليها بها وهدايته لها اهـ.

وتعقب الأول بأن قوله من نوقش الحساب عذّب لا يدل على أن المناقشة والحساب نفسهما عذاب بل المعهود خلافه فإن الجزاء لا بدّ وأن يكون مسببًا عن الشرط.
وأجيب: بأن التألم الحاصل للنفس بمطالبة الحساب غير الحساب ومسبب عنه فجاز أن يكون بذلك الاعتبار جزاء.
وقال بعضهم لفظ الحديث عام في تعذيب كل من حوسب ولفظ الآية دال على أن بعضهم لا يعذب.
وأجيب: بأن المراد بالحساب في الآية العرض وهو إبراز الأعمال وإظهارها فيعرف صاحبها بذنوبه ثم يتجاوز عنه.




[ قــ :600 ... غــ : 6538 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ: «يُجَاءُ بِالْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ تَفْتَدِى بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ.
فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ كُنْتَ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ».

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا معاذ بن هشام) قال: ( حدثني) بالإفراد ( أبي) هشام الدستوائي ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر: حدّثنا أنس بن مالك أن النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد أبو ذر كان يقول، ولفظ رواية هشام هذه أخرجه مسلم والإسماعيلي من طرق يقال للكافر والباقي مثل الآتية.
قال البخاري ( ح) .

( وحدثني) بالإفراد ( محمد بن معمر) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة آخره راء القيسي البصري البحراني بالموحدة والحاء المهملة قال: ( حدّثنا روح بن عُبَادة) بضم العين وتخفيف الموحدة قال: ( حدّثنا سعيد) بكسر العين ابن أبي عروبة واللفظ لسعيد ( عن قتادة) بن دعامة أنه قال: ( حدّثنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول) :
( يجاء) بضم التحتية ( بالكافر يوم القيامة فيقال له) أي فيقول الله له ( أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبًا أكنت) بهمزة الاستفهام ( تفتدي به) بالفاء من النار ( فيقول: نعم) يا رب ( فيقال له) زاد مسلم كذبت ( قد كنت سئلت) بضم السين ( ما هو أيسر من ذلك) وهو التوحيد كما سيأتي بعد باب إن شاء الله تعالى.

والحديث سبق في باب قول الله تعالى: { وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} [البقرة: 30] من كتاب الأغنياء.




[ قــ :601 ... غــ : 6539 ]
- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى خَيْثَمَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَسَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلاَ يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِىَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ».

وبه قال: ( حدّثنا عمر بن حفص) قال: ( حدّثنا أبي) حفص بن غياث قال: ( حدثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا ( الأعمش) سليمان قال: ( حدثني) بالإفراد ( خيثمة) بالخاء المعجمة والمثلثة المفتوحتين بينهما ياء تحتية ساكنة ابن عبد الرَّحمن الجعفي ( عن عدي بن حاتم) بالحاء المهملة الطائي -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ما منكم من أحد إلاّ وسيكلمه الله) عز وجل والواو عطف على محذوف تقديره إلا سيخاطبه وسيكلمه ولأبي ذر إلا سيكلمه الله ( يوم القيامة ليس بين الله وبينه) ولأبي ذر ليس بينه
وبينه ( ترجمان) بضم الفوقانية وفتحها وضم الجيم يفسر الكلام بآخر، وسبق في الزكاة ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له ثم ليقولن له: ألم أوتك مالاً؟ فليقولن: بلى ( ثم ينظر فلا يرى شيئًا قدامه) بضم القاف وتشديد الدال أي أمامهُ ( ثم ينظر بين يديه) ولمسلم فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، قال ابن هبيرة: نظر اليمين والشمال هنا كالمثل لأن الإنسان من شأنه إذا دهمه أمر أن يلتفت يمينًا وشمالاً يطلب الغوث، وقال صاحب الفتح: أو يكون سبب الالتفات أنه يترجى أن يجد طريقًا يذهب فيها للنجاة من النار ( فتستقبله النار) لأنها تكون في ممره فلا يمكنه أن يحيد عنها إذ لا بدّ له من المرور على الصراط ( فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة) أي فليفعل.
قال المظهري: يعني إذا عرفتم ذلك فاحذروا من النار فلا تظلموا أحدًا ولو بمقدار شق تمرة.

وقال الطيبي: ويحتمل أن يراد إذا عرفتم أنه لا ينفعكم في ذلك اليوم شيء من الأعمال غير الصالحة وأن أمامكم النار فاجعلوا الصدقة جنة بينكم وبينها ولو بشق تمرة.

والحديث مرّ في الزكاة.




[ قــ :601 ... غــ : 6540 ]
- قَالَ الأَعْمَشُ: حَدَّثَنِى عَمْرٌو عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اتَّقُوا النَّارَ» ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ» ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلاَثًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ».

( قال الأعمش) : سليمان بالسند السابق إليه ( حدثني) بالإفراد ( عمرو) بفتح العين ابن مرة ( عن خيثمة) بن عبد الرَّحمن ( عن عدي بن حاتم) -رضي الله عنه-، وسقط لأبي ذر: ابن حاتم أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( اتقوا النار ثم أعرض) عن النار لما ذكرها كأنه ينظر إليها ( وأشاح) بهمزة مفتوحة فشين معجمة وبعد الألف حاء مهملة.
قال الخليل: أشاح بوجهه عن الشيء نحّاه عنه، وقال الفراء: المشيح الحذر والجادّ في الأمر والمقبل في خطابه.
قال الحافظ ابن حجر: فيصحح أخذ هذه المعاني كلها أي حذر النار كأنه ينظر إليها أوجد على الوصية باتقائها أو أقبل على أصحابه في خطابه بعد أن أعرض عن النار ( ثم قال: اتقوا النار ثم أعرض وأشاح) قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك وفعله ( ثلاثًا) ووقع هنا تكرير ثم ثلاثًا ( حتى ظننا أنه) عليه الصلاة والسلام ( ينظر إليها) أي إلى النار ( ثم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة) من كسب طيب ( فمن لم يجد) ما يتصدق به ( فبكلمة طيبة) كالدلالة على هدى والصلح بين اثنين وفصل بين متنازعين وحل مشكل وكشف غامض وتسكين غضب قاله ابن هبيرة فيما نقله في الفتح.

وفي الحديث فوائد لا تخفى والله الموفق.