فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته

باب الْحَلِفِ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ».

     وَقَالَ  أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ، لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا».

     وَقَالَ  أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَالَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ».

     وَقَالَ  أَيُّوبُ: «وَعِزَّتِكَ لاَ غِنَى بِى، عَنْ بَرَكَتِكَ».

( باب الحلف بعزة الله) عز وجل ( وصفاته) كالخالق والسميع والبصير والعليم ( وكلماته) ولأبي ذر وكلامه كالقرآن أو بما أنزل الله وفيه عطف العام على الخاص والخاص على العام لأن الصفات أعم من العزة والكلام والإيمان تنقسم إلى صريح وكناية ومتردد بينهما وهو الصفات وهل تلتحق الكناية بالصريح فلا تحتاج إلى قصد أم لا والراجح أن صفات الذات منها ما يلتحق بالصريح فلا تنفع معها التورية إذا تعلق به حق آدمي وصفات الفعل تلتحق بالكناية فعزة الله من صفات الذات وكذا جلاله وعظمته.

( وقال ابن عباس) مما وصله المؤلّف في التوحيد ( كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول أعوذ بعزتك) استدل به على الحلف بعزة الله لأنه وإن كان بلفظ الدعاء لكنه لا يستعاذ إلا بالله أو بصفة من صفاته كذا قال في الفتح.
وقال ابن المنير في حاشيته أعوذ بعزتك دعاء وليس بقسم ولكنه لما كان المقرر أنه يستعاذ إلا بالقديم ثبت بهذا أن العزة من الصفات القديمة لا من صفات العل فتنعقد اليمين بها.

( وقال أبو هريرة) مما سبق في صفات الحشر من كتاب الرقاق ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يبقى رجل بين الجنة والنار فيقول يا رب اصرف وجهي عن النار لا وعزتك لا أسألك غيرها) ذكره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مقررًا له فيكون حجة في الحلف به.

( وقال أبو سعيد) الخدري -رضي الله عنه- ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال الله) عز وجل ( لك ذلك وعشرة أمثاله وقال أيوب) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وعزتك لا غنى لي عن بركتك) بكسر المعجمة وفتح النون مقصورًا أي لا استغناء أو لا بد ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لا غناء بفتح الغين المعجمة والمد والأول أولى لأن معنى الممدود الكفاية يقال ما عند فلان غناء أي لا يغتنى به.


[ قــ :6312 ... غــ : 6661 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ».
رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ.

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال ( حدّثنا شيبان) بفتح الشين المعجمة والموحدة بينهما تحتية ساكنة ابن عبد الرَّحمن النحوي قال: ( حدّثنا قتادة) بن دعامة ( عن أنس بن مالك) رضي الله عنه وسقط ابن مالك لأبي ذر أنه قال: ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لا تزال جهنم تقول) بلسان القال مستفهمة ( هل من مزيد) في أي لا أسع غير ما امتلأت به أو هل من زيادة فأزاد ( حتى يضع رب العزة) جل وعلا ( فيها قدمه) هو من المتشابه وقيل فيه هم الذين قدمهم الله لها من شرار خلقه فهم قدم الله للنار كما أن المسلمين قدمه للجنة، والقدم كل ما قدمت من غير أو شر وتقدمت لفلان فيه قدم أي تقدم من خير أو شر، وقيل وضع القدم على الشيء مثل للردع والقمع فكأنه قال: يأتيها أمر الله فيكفها من طلب المزيد، وقيل أراد به تسكين فورتها كما يقال للأمر تريد إبطاله وضعته تحت قدمي ( فتقول) جهنم إذا وضع فيها قدمه ( قط قط) بسكون الطاءين وكسرهما مع التخفيف فيهما والتكرار للتأكيد أي حسب حسب قد اكتفيت ( وعزتك ويزوى) بضم التحتية وسكون الزاي وفتح الواو يجمع ويقبض ( بعضها إلى بعض رواه) أي الحديث ( شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة.
قال الحافظ أبو الفضل بن حجر العسقلاني: وأصله روايته في تفسير سورة ق، وأشار بذلك إلى أن الرواية الموصولة عن أنس بالعنعنة لكن شعبة ما كان يأخذ عن شيوخه الذين ذكر عنهم التدليس إلا ما صرحوا فيه بالتحديث.

والحديث أخرجه مسلم في صفة النار والترمذي في التفسير والنسائي في النعوت.