فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إن حلف أن لا يشرب نبيذا، فشرب طلاء، أو سكرا، أو عصيرا «

باب إِنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَشْرَبَ نَبِيذًا فَشَرِبَ طِلاَءً أَوْ سَكَرًا أَوْ عَصِيرًا لَمْ يَحْنَثْ فِى قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ بِأَنْبِذَةٍ عِنْدَهُ
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( إذا حلف) شخص ( أن لا يشرب نبيذًا) بالذال المعجمة متخذًا من تمر أو زبيب أو نحوهما بأن وضع عليه ماء وترك حتى خرجت حلاوته أسكر أم لا ( فشرب طلاء) بكسر الطاء المهملة وتخفيف اللام وبالمد ولأبي ذر عن الكشميهني الطلاء بالتعريف ما طبخ من عصير العنب زاد الحنفية وذهب ثلثه فإن ذهب نصفه فهو المنصف وإن
طبخ أدنى طبخ فهو الباذق ( أو) شرب ( سكرًا) بفتح المهملة والكاف خمرًا معتصرًا من العنب هكذا رواه الإثبات ومنهم من يرويه بضم السين وسكون الكاف يريد حالة السكر فيجعلون التحريم للسكر لا لنفس المسكر فيبيحون قليله الذي لا يسكر والمشهور الأول ( أو) شرب ( عصيرًا) ما عصر من العنب ( لم يحنث في قول بعض الناس) أي أبي حنيفة وأصحابه ( وليست) بالفوقية بعد السين ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وليس ( هذه) المذكورات الطلاء والسكر والعصير ( بأنبذة عنده) عند أبي حنيفة وأصحابه لأن النبيذ في الحقيقة ما نبذ في الماء ونقع فيه ومنه سمي المنبوذ منبوذًا لأنه نبذ أي طرح واعترضه العيني بأنه يحتاج إلى دليل ظاهر أن هذا نقل عن أبي حنيفة، ولئن سلمنا ذلك فمعناه أن كل واحد من الثلاثة يسمى باسم خاص كما مرّ، وإن كان يطلق عليها اسم النبيذ في الأصل.


[ قــ :6335 ... غــ : 6685 ]
- حَدَّثَنِى عَلِىٌّ سَمِعَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِى حَازِمٍ، أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْرَسَ فَدَعَا النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعُرْسِهِ فَكَانَتِ الْعَرُوسُ خَادِمَهُمْ فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: هَلْ تَدْرُونَ مَا سَقَتْهُ؟ قَالَ: أَنْقَعَتْ لَهُ تَمْرًا فِى تَوْرٍ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَصْبَحَ عَلَيْهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: بالجمع ( علي) هو ابن عبد الله المديني أنه ( سمع عبد العزيز بن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي يقول ( أخبرني) بالإفراد ( أبي) حازم سلمة بن دينار الأعرج ( عن سهل بن سعد) بسكون الهاء والعين فيهما الساعدي الأنصاري ( أن أبا أسيد) بضم الهمزة وفتح السين مالك بن ربيعة الساعدي البدري ( صاحب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال إنه ( أعرس) بهمزة مفتوحة وسكون المهملة وبعد الراء سين مهملة أيضًا أي لما اتخذ عروسًا ولأبي ذر عن الكشميهني عرّس بتشديد الراء من غير همز ( فدعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي وأصحابه ( لعرس فكانت العروس) أي الزوجة ( خادمهم) بغير مثناة فوقية يطلق على الذكر والأنثى والعروس هي أم أسيد بنت وهب بن سلامة ( فقال سهل) الساعدي ( للقوم) الذين حدثهم: ( هل تدرون ما سقته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولأبي ذر عن الكشميهني ماذا سقته ( قال: أنقعت له تمرًا في تور) بفتح المثناة الفوقية إناء من صفر أو حجر ( من الليل حتى أصبح عليه فسقته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إياه) أي نقيع التمر وفيه الرد على بعض الناس لأنه يقتضي تسمية ما قرب عهده بالانتباذ نبيذًا، وإن خلّ شربه فالنقيع في حكم النبيذ الذي لم يبلغ السكر والعصير من العنب الذي بلغ حد السكر في معنى نبيذ التمر الذي بلغ حد السكر، والحاصل أن كل شيء يسمى في العرف نبيذًا يحنث به إلا أن ينوي شيئًا بعينه فيختص به والطلاء يطلق على المطبوخ من عصير العنب، وهذا قد ينعقد فيكون دبسًا وربًا فلا يسمى نبيذًا أصلاً وقد يستمر مائعًا ويسكر كثيره فيسمى في العرف نبيذًا، وكذلك السكر يطلق على العصير قبل أن يتخمر.

والحديث سبق في باب الانتباذ من الأشربة.




[ قــ :6336 ... غــ : 6686 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -، عَنْ سَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا ثُمَّ مَا زِلْنَا نَنْبِذُ فِيهِ حَتَّى صَارَتْ شَنًّا.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: ( أخبرنا إسماعيل عن أبي خالد) سعد أو هرمز البجلي ( عن الشعبي) عامر ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن سودة) بنت زمعة بن قيس ( زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنها ( قالت: ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها) بفتح الميم وسكون السين المهملة جلدها ( ثم ما زلنا ننبذ) ننقع ( فيه) التمر ( حتى صارت) ولأبي ذر صار ( شنًّا) بفتح الشين المعجمة وتشديد النون قربة خلقة ولم يكونوا ينبذون إلا ما يحل شربه ومع ذلك كان يطلق عليه اسم النبيذ.

والحديث من إفراده.