فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا أسلم على يديه

باب إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ
وَكَانَ الْحَسَنُ لاَ يَرَى لَهُ وِلاَيَةً.

وَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَيُذْكَرُ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ رَفَعَهُ قَالَ: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِى صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ.

هذا ( باب) بالتنوين ( إذا أسلم على يديه) وللفربري والأكثر رجل وللكشميهني الرجل بالتعريف والتنكير أولى والمعنى إذا أسلم رجل على يدي رجل ( وكان الحسن) البصري ( لا يرى له)
للذي أسلم على يديه ( ولاية) بكسر الواو ولأبي ذر بفتحها لغتان ولأبي ذر عن الكشميهني ولاء بفتح الواو والهمزة بدل الياء وبالمد وهذا الأثر وصله سفيان الثوري في جامعه، وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان ورواه الدارمي عن أبي نعيم عن سفيان، وأخرج ابن أبي شيبة أيضًا من طريق يونس عن الحسن لا يرثه إلا إن شاء أوصى له بماله.

( وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الولاء لمن أعتق) فخرج به من أسلم على يديه رجل لما في الرواية الأخرى إنما الولاء لمن أعتق كما لا يخفى وسبق موصولاً قريبًا.

( ويذكر) بضم أوله وفتح ثالثه ( عن تميم) هو ابن أوس بن خارجة بن سواد اللخمي ( الداري) نسبة إلى بني الدار ابن لخم وكان من أهل الشأم أسلم سنة تسع من الهجرة وكان من أفاضل الصحابة وله مناقب وفي العزم إفرادها بالتأليف أعانني الله على ذلك على أحسن المسالك ( رفعه) بالحركات ولأبي ذر رفعه بسكون الفاء وضم العين أي رفع تميم الحديث إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد وصله البخاري في تاريخه وأبو داود وابن أبي عاصم والطبراني والباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز تأليفه كلهم من طريق عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: سمعت عبيد الله بن موهب يحدث عن عمر بن عبد العزيز بن قبيصة بن ذؤيب عن تميم الداري أنه قال: قلت يا رسول الله ما السنة في رجل يسلم على يد رجل من المسلمين؟ ( قال: هو أولى الناس بمحياه ومماته) .

قال البخاري رحمه الله: ( واختلفوا في صحة هذا الخبر) قال بعضهم عن ابن موهب سمع تميمًا ولا يصح لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الولاء لمن أعتق"، وقال الشافعي: هذا الحديث ليس بثابت إنما يرويه عبد العزيز بن عمر عن ابن موهب وابن موهب ليس بالمعروف ولا نعلمه لقي تميمًا ومثل هذا لا يثبت، وقال الترمذي: إسناده ليس بمتصل قال: وأدخل بعضهم بين ابن موهب وبين تميم قبيصة رواه يحيى بن حمزة وقيل إنه تفرّد فيه بذكر قبيصة، ورواه أبو إسحاق السبيعي بدون ذكر تميم أخرجه النسائي وقال ابن المنذر: الحديث مضطرب هل هو عن ابن موهب عن تميم أو بينهما قبيصة وقال بعض الرواة فيه عن عبد الله بن موهب وبعضهم ابن موهب وعبد العزيز راويه ليس بالحافظ.
قال في الفتح: هو من رجال البخاري كما في الأشربة لكنه ليس بالمكثر، وأما ابن موهب فلم يدرك تميمًا، وأشار النسائي إلى أن الرواية التي وقع التصريح فيها بسماعه من تميم خطأ ولكنه وثّقه بعضهم، نعم صحح هذا الحديث أبو زرعة الدمشقي وقال: إنه حديث حسن صحيح المخرج ومتصل، وجزم البخاري في التاريخ بأنه لا يصلح لمعارضة حديث "إنما الولاء لمن أعتق" ويؤخذ منه أنه لو صح لما قاوم هذا الحديث وعلى التنزل فيتردد في الجمع هل يخص عموم الحديث المتفق على صحته بهذا فيستثنى منه من أسلم أو تؤوّل الأولوية في قوله أولى الناس بمعنى النصر والمعاونة وما أشبه ذلك لا بالميراث ويبقى الحديث المتفق على صحته على عمومه جنح الجمهور إلى الثاني وبه جزم ابن القصار، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إنه يستمر إن عقل عنه وإن لم يعقل عنه فله أن يتحول عنه لغيره قاله في الفتح الباري.


[ قــ :6405 ... غــ : 6757 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ جَارِيَةً تُعْتِقُهَا فَقَالَ أَهْلُهَا: نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاَءَهَا لَنَا، فَذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «لاَ يَمْنَعُكِ ذَلِكِ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي ( عن مالك) هو ابن أنس الأصبحي إمام الأئمة ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر) -رضي الله عنهما- ( أن عائشة أم المؤمنين) -رضي الله عنها- وسقط أم المؤمنين لأبي ذر ( أرادت أن تشتري جارية) هي بريرة ( تعتقها) أي لأن تعتقها وهو بضم الفوقية ( فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا فذكرت لرسول الله) أي ذكرت عائشة قولهم نبيعكها على أن ولاءها لنا ولأبي ذر فذكرت ذلك لرسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( لا يمنعك ذلك) بكسر الكاف ولأبي ذر عن الكشميهني لا يمنعنك بالنون الثقيلة بعد العين ( فإنما الولاء لمن أعتق) اللام للاختصاص كما قاله الكرماني يعني أن الولاء مختص بمن أعتق وبذل المال في إعتاقه.
قال العيني: ويجوز أن تكون للاستحقاق كهي في قوله تعالى: { ويل للمطففين} [المطففين: 1] واستحقاق المعتق الولاء لا ينافي استحقاق غيره ويجوز أن تكون للصيرورة وصيرورة الولاء للمعتق لا تنافي صيرورته لغيره.




[ قــ :6406 ... غــ : 6758 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ: اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاَءَهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «أَعْتِقِيهَا فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ» قَالَتْ: فَأَعْتَقْتُهَا قَالَتْ: فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَقَالَتْ: لَوْ أَعْطَانِى كَذَا وَكَذَا مَا بِتُّ عِنْدَهُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا.

وبه قال: ( حدّثنا محمد) غير منسوب.
قال الحافظ ابن حجر: وقع في رواية أبي علي بن شبويه عن الفربري محمد بن سلام وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني محمد بن يوسف يعني البيكندي قال: ( أخبرنا جرير) هو ابن عبد الحميد ( عن منصور) أي ابن المعتمر ( عن إبراهيم) النخعي ( عن الأسود) بن يزيد خال إبراهيم ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنه ( قالت: اشتريت بريرة فاشترط أهلها ولاءها) أن يكون لهم ( فذكرت ذلك) الاشتراط ( للنبي) وتاء ذكرت ساكنة ففيه التفات أي ذكرت عائشة ذلك للنبي ولأبي ذر لرسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( أعتقيها فإن الولاء لمن أعطى الورق) بفتح الواو وكسر الراء الفضة ( قالت) عائشة ( فأعتقتها قالت) عائشة أيضًا ( فدعاها) أي فدعا بريرة ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخيّرها من زوجها) بين المقام معه أو المفارقة ( فقالت: لو أعطاني كذا وكذا) من المال ( ما بت عنده فاختارت) بالفاء ولأبي ذر واختارت ( نفسها) وزاد أبو ذر في روايته قال: وكان زوجها حرًّا، وقد سبق قبل باب من وجه آخر أن القائل هو الأسود راويه عن عائشة وفي الباب الذي قبله أن الحكم.