فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: 38] وفي كم يقطع؟

باب
قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وَفِى كَمْ يُقْطَعُ؟ وَقَطَعَ عَلِىٌّ مِنَ الْكَفِّ.

     وَقَالَ  قَتَادَةُ فِى امْرَأَةٍ سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ شِمَالُهَا: لَيْسَ إِلاَّ ذَلِكَ.

( باب قول الله تعالى { والسارق والسارقة} ) ارتفعا بالابتداء والخبر محذوف تقديره فيما يتلى عليكم السارق والسارقة أو الخبر ( { فاقطعوا أيديهما} ) [المائدة: 38] أي يديهما.
والمراد اليمينان بدليل قراءة عبد الله والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم رواه الترمذي ودخول الفاء لتضمنهما معنى الشرط لأن المعنى، والذي سرق والذي سرقت فاقطعوا أيديهما والاسم الموصول تضمن معنى الشرط وبدأ بالرجل لأن السرقة من الجراءة وهي في الرجال أكثر وقدمت الزانية على الزاني لأن داعية الزنا في الإناث أكثر، ولأن الأنثى سبب في وقوع الزنا إذ لا يتأتى غالبًا إلا بطواعيتها وأتى بصيغة الجمع ثم التثنية إشارة إلى أن المراد جنس السارق فلوحظ فيه المعنى فجمع والتثنية بالنظر إلى الجنسين المتلفظ بهما.
وقال القرطبي أبو عبد الله: أوّل من حكم بقطع السارق في الجاهلية الوليد بن المغيرة وأمر الله تعالى بقطعه في الإسلام فكان أوّل سارق قطعه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الإسلام من الرجال الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، ومن النساء مرة بنت سفيان بن عبد الأسد من بني مخزوم، وقطع أبو بكر يد الفتى الذي سرق العقد وقطع عمر يد ابن سمرة أخي عبد الرَّحمن بن سمرة والسرقة بفتح السين وكسر الراء ويجوز إسكانها مع فتح السين وكسرها، والأصل في القطع بها قبل الإجماع الآية السابقة، وأركان السرقة الموجبة للقطع سرقة وسارق ومسروق فأما السرقة فهي أخذ مال خفية ليس للآخذ أخذه من حرز مثله فلا يقطع مختلس ومنتهب وجاحد لنحو وديعة وعند الترمذي مما صححه ليس على المختلس والمنتهب والخائن قطع وأما السارق فشرطه أن يكون ملتزمًا للأحكام عالمًا بالتحريم مختارًا بغير إذن وأصالة فلا يقطع حربي ولو معاهدًا ولا صبي ومجنون ومكره ومأذون له وأصيل وجاهل بالتحريم قرب عهده بالإسلام أو بعد عن العلماء ويقطع مسلم وذمي بمال مسلم وذمي.

( و) أما المسروق فاختلف ( في كم يقطع) فعند الشافعية في ربع دينار خالص أو قيمته، وعند المالكية يقطع بسرقة طفل من حرز مثله بأن يكون في دار أهله أو بربع دينار ذهبًا فصاعدًا أو ثلاثة دراهم فضة فأكثر فإن نقص فلا قطع وعند الحنفية عشر دراهم أو ما قيمته عشرة دراهم مضروبة.
وقال الحنابلة يقطع بجحد عارية وسرقة ملح وتراب وأحجار ولبن وكلا وسرجين طاهر وثلج وصيد لا بسرقة ماء وسرجين نجس ويقطع طرار وهو الذي يبط الجيب وغيره ويأخذ منه أو بعد سقوطه نصابًا وبسرقة مجنون ونائم وأعجمي لا يميز ولو كان كبيرًا.

( وقطع عليّ) -رضي الله عنه- ( من الكف) وفي الفتح أن في نسخة من البخاري وقطع عليّ الكف بإسقاط حرف الجرّ وعند الدارقطني موصولاً أن عليًّا قطع من المفصل، وذكر الشافعي رحمه
الله في كتاب الاختلاف أن عليًّا كان يقطع من يد السارق الخنصر والبنصر والوسطى خاصة ويقول: أستحيي من الله أن أتركه بلا عمل، وعند الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بقطع السارق الذي سرق رداء صفوان من المفصل أي مفصل الكوع قال ابن الرفعة: وادعى الماوردي أنه فعل مجمع عليه والمعنى فيه أن البطش بالكف وما زاد من الذراع تابع ولذا يجب في الكف دية اليد وفيما زاد حكومة.

( وقال قتادة) فيما وصله الإمام أحمد في تاريخه كما قاله مغلطاي في شرحه: ( في امرأة سرقت فقطعت شمالها ليس إلا ذلك) فلا يقطع بعد ذلك يمينها والجمهور على أن أوّل شيء يقطع من السارق اليد اليمنى لقراءة ابن مسعود شاذة فاقطعوا أيمانهما والقراءة الشاذة كخبر الواحد في الاحتجاج بها فالقول بإجزاء لشمال مطلقًا شاذ كما هو ظاهر ما نقل هنا عن قتادة، وفي الموطأ إن كان عمدًا أوجب القصاص على القاطع ووجب قطع اليمنى وإن كان خطأ وجبت الدّية وتجزئ عن السارق، وكذا قال أبو حنيفة: وعن الشافعية لو قال: مستحق يمين للجاني فقطعها المستحق فمهدرة سواء علم القاطع أنها اليسار أم لا أو قصد جعلها عنها ظانًّا إجزاءها أو أخرجها دهشًا وظناها اليمين أو ظن القاطع الأجزاء فدية لليسار لأنه لم يبذلها مجانًا فلا قود لها لتسليط مخرجها بجعلها عوضًا في الأولى وللدهشة القريبة في مثل ذلك في الثانية بقسميها، ويبقى قود اليمين في المسائل الثلاث لأنه لم يستوفه ولا عفا عنه لكنه يؤخر حتى تندمل يساره إلا في ظن القاطع الأجزاء عنها فلا قود لها بل يجب لها دية وهذا كله في القصاص، فلو كان إخراج اليسار وقطعها في حد السرقة أجزأت عن اليمين إذا فعل المقطوع ذلك لدهشة أو لظن إجزائها عن اليمين، فلو قصد بإخراجها إباحتها لم تقع حدًّا.
كذا استدركه القاضي حسين على الأصحاب وحمل إطلاقهم عليه وتبعه عليه في الوجيز والحاوي وإطلاق الأصحاب يقتضي وقوعه حدًّا مطلقًا لأن القصد منه التنكيل، وقد حصل بخلاف القصاص فإن مبناه على المماثلة.


[ قــ :6436 ... غــ : 6789 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «تُقْطَعُ الْيَدُ فِى رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا».
تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ.
[الحديث 6789 - طرفاه في: 6790، 6791] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عمرة) بنت عبد الرَّحمن الأنصارية ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( تقطع اليد) السارقة ( في) سرقة ( ربع دينار) ذهبًا ( فصاعدًا) نصب على الحال المؤكدة.

والحديث أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة في الحدود والنسائي في القطع.

( تابعه) ولأبي ذر وتابعه أي تابع إبراهيم بن سعد ( عبد الرَّحمن بن خالد) الفهمي المصري مما وصله الذهلي في الزهريات ( وابن أخي الزهري) محمد بن عبد الله بن مسلم مما وصله أبو عوانة في صحيحه من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن ابن أخي ابن شهاب عن عمه ( ومعمر) بفتح الميمين ابن راشد مما وصله الإمام أحمد عن عبد الرزاق عنه الثلاثة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب.




[ قــ :6436 ... غــ : 6790 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِى رُبُعِ دِينَارٍ».

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس) واسم أبي أويس عبد الله بن عبد الله الأصبحي ابن أخت الإمام مالك بن أنس وصهره على ابنته ( عن ابن وهب) عبد الله المصري ( عن يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن عروة بن الزبير) بن العوّام ( وعمرة) بنت عبد الرَّحمن كلاهما ( عن عائشة) -رضي الله عنها- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال: تقطع يد السارق في ربع دينار) وهذا مما يحتج به للشافعية في التحديد بربع الدينار.




[ قــ :6436 ... غــ : 6791 ]
- حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِىِّ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يُقْطَعُ فِى رُبُعِ دِينَارٍ».

وبه قال: ( حدّثنا عمران بن ميسرة) ضد الميمنة البصري يقال له صاحب الأديم قال: ( حدّثنا بعد الوارث) بن سعيد البصري قال: ( حدّثنا الحسين) بن ذكوان المعلم البصري ( عن يحيى) ولأبي ذر عن يحيى بن أبي كثير بالمثلثة ( عن محمد بن عبد الرَّحمن الأنصاري عن عمرة بنت عبد الرَّحمن) أنها ( حدثته أن عائشة -رضي الله عنها- حدثتهم عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( يقطع) بالتحتية ولأبي ذر تقطع اليد بالفوقية وبزيادة اليد ( في ربع دينار) .
كذا رواه مختصرًا.
وأخرجه أبو داود عن أحمد بن صالح عن ابن وهب بلفظ القطع في ربع دينار فصاعدًا والنسائي من طريق عبد الله بن المبارك عن يونس بلفظ يد السارق في ربع دينار فصاعدًا، وأخرجه الطحاوي من رواية جماعة عن عمرة موقوفًا على عائشة قال ابن عيينة: ورواية يحيى مشعرة بالرفع ورواية الزهري صريحة فيه وهو أحفظهم، وكأن البخاري أراد الاستظهار لرواية الزهري عن عمرة بموافقة محمد بن عبد الرَّحمن الأنصاري عنها لما وقع في رواية ابن عيينة عن الزهري من الاختلاف في لفظ المتن هل هو من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو من فعله؟ وفي رواية يحيى بن يحيى وجماعة عن ابن عيينة كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقطع السارق في ربع دينار فصاعدًا.
ورواه الشافعي والحميدي وجماعة عن ابن عيينة بلفظ قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "تقطع اليد" الحديث قاله في الفتح.




[ قــ :6439 ... غــ : 679 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ يَدَ السَّارِقِ لَمْ تُقْطَعْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ فِى ثَمَنِ مِجَنٍّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ.

وبه قال: ( حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن أبي شيبة واسمه إبراهيم العبسي الكوفي أخو أبو بكر بن أبي شيبة قال: ( حدّثنا عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة ابن سليمان ( عن هشام) ولأبي ذر زيادة ابن عروة ( عن أبيه) عروة بن الزبير أنه ( قال: أخبرتني) بتاء التأنيث والإفراد ( عائشة) -رضي الله عنها- ( أن يد السارق لم تقطع على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا في ثمن مجن) بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون مفعول من الاجتنان وهو الاستتار والاختفاء مما يحاذره المستتر وكسرت ميمه لأنه آلة في ذلك قال عمر بن أبي ربيعة:
فكان مجني دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
وفيه شاهد على حذف الهاء في ثلاثة لأنه عدد شخوص فحمله على المعنى لأنه أراد بالشخوص المرأة فأنث العدد لذلك وصف أنه استتر بثلاث نسوة عن أعين الرقباء واستظهر في محل التخلص منهم بهن والكاعب التي نهد ثديها والمعصر الداخلة في عصر شبابها ( حجفة) بحاء مهملة فجيم ففاء مفتوحات عطف بيان للمجن وهي الدرقة وتكون من خشب أو من عظم وتغلف بالجلد ( أو ترس) بضم الفوقية وسكون الراء بعدها مهملة هو كالحجفة إلا أنه يطابق فيه بين جلدين والشك من الراوي والغالب أن ثمنه لا ينقص عن ربع دينار.

والحديث أخرجه مسلم في الحدود.

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ.
[الحديث 679 - طرفاه في: 6793، 6794] .

وبه قال: ( حدّثنا عثمان) هو ابن أبي شيبة قال: ( حدّثنا حميد بن عبد الرَّحمن) بن حميد الرؤاسي قال: ( حدّثنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة) -رضي الله عنها- ( مثله) أي مثل الحديث السابق عن عثمان.




[ قــ :6440 ... غــ : 6793 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمْ تَكُنْ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِى أَدْنَى مِنْ حَجَفَةٍ، أَوْ تُرْسٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذُو ثَمَنٍ.
رَوَاهُ وَكِيعٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلاً.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: ( أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: لم تكن تقطع يد السارق في أدنى) أي في أقل ( من) سرقة ( حجفة أو ترس) بالشك ( كل واحد منهما) من الحجفة والترس ( ذو ثمن) رفع خبر المبتدأ الذي هو كل واحد والتنوين في ثمن للتنكير أي ثمن يرغب فيه احترازًا
عن الشيء التافه وليس المراد ترسًا بعينه ولا حجفة بعينها، وإنما المراد الجنس والقطع كان يقع في كل شيء يبلغ قدر ثمن المجن سواء كان ثمن المجن كثيرًا أو قليلاً والاعتماد إنما هو على الأقل فيكون نصابًا فلا تقطع فيما دونه.

( رواه) أي الحديث المذكور ( وكيع) هو ابن الجراح الكوفي فيما رواه ابن أبي شيبة ( وابن إريس) عبد الله الأودي الكوفي فيما وصله الدارقطني والبيهقي كلاهما ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( مرسلاً) ولفظ الأول عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان السارق في عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقطع في ثمن المجن وكان المجن يومئذٍ له ثمن ولم يكن يقطع في الشيء التافه، والثاني مثل سياق أبي سلمة الآتي بعد.




[ قــ :6441 ... غــ : 6794 ]
- حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: لَمْ تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ تُرْسٍ أَوْ حَجَفَةٍ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَا ثَمَنٍ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا ( يوسف بن موسى) بن راشد القطان الكوفي سكن بغداد قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( قال هشام بن عروة: أخبرنا) أي قال: أخبرنا هشام بن عروة ( عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: لم تقطع يد سارق على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أدنى) أقل ( من ثمن المجن ترس) بيان ( أو حجفة) بتقديم الحاء المهملة على الجيم والفتح فيهما وتاليهما ( وكان كل واحد منهما ذا ثمن) بنصب ذا فيما وقفت عليه من الأصول المعتمدة وهي مصلحة في الفرع على كشط، وقال في فتح الباري: أنه كذا ثبت في الأصول قال: وأفاد الكرماني أنه وقع في بعض النسخ وكان كل واحد منهما ذو ثمن بالرفع وخرجه على تقدير ضمير الشأن في كان اهـ.

قلت: وظن العيني أن قول الحافظ ابن حجر ذلك في رواية عبدة عن هشام فقال متعقبًا له بما نصه وقال بعضهم: وكان كل واحد منهما ذا ثمن فزاد لفظ وكان ونصب ذا ثم قال: كذا ثبت في الأصول ثم قال: وأفاد الكرماني الخ ثم قال: قلت هذا التصرف منهما ما أبعده أما قول هذا القائل كذا ثبت في الأصول فغير مسلم بل الذي ثبت في الأصول هو العبارة التي ذكرتها يعني لفظ رواية عبدة لأنها على القاعدة السالمة عن الزيادة فيه المؤدية إلى تقدير شيء قال: وأما كلام الكرماني بأنه وقع في بعض النسخ فغير مسلم أيضًا لأن مثل هذا الذي يحتاج فيه إلى تأويل غالبًا من النساخ الجهلة اهـ.

وهذا ذهول لأن الحافظ ابن حجر إنما قال ذلك في رواية أبي أسامة لا في رواية عبدة.
ولفظه: ورواية أبي أسامة عن هشام جامعة بين الروايتين المذكورتين أولاً وقوله فيها وكان كل واحد منهما ذا ثمن الخ وفد ذكر العيني -رحمه الله- رواية أبي أسامة بلفظها على عادته وفيها وكان
كل واحد منهما ذا ثمن بالنصب كما مر ثم قال بعد تعريف الرواة: وبقية الشرح قد مرت عن قريب.

والحديث رواه مسلم وقوله ورواه وكيع وابن إدريس مؤخر عن طريق أبي أسامة عند غير أبي ذر.




[ قــ :644 ... غــ : 6795 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَطَعَ فِى مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ.
تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ قِيمَتُُه.
[الحديث 6795 - أطرافه في: 6796، 6797، 6798] .

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدثني) بالإفراد ( مالك بن أنس) الأصبحي أمام الأئمة ( عن نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قطع) أمر بقطع يد سارق بحذف المفعول ( في) سرقة ( مجن) حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه وفي معناها السببية ( ثمنه) مبتدأ خبره ( ثلاثة دراهم) أي فضة وأدخل التاء في ثلاثة لأنه عدد مذكر.
وقال ابن حجر -رحمه الله- أورد هذا الحديث من حديث مالك قال ابن حزم: لم يروه عن ابن عمر غير نافع وقال ابن عبد البر: هو أصح حديث روي في ذلك ( تابعه محمد بن إسحاق) عن نافع في قوله ثمنه وروايته موصولة عند الإسماعيلي من طريق عبد الله بن المبارك عن مالك ومحمد بن إسحاق وعبيد الله بن عمر ثلاثتهم عن نافع عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم.

( وقال الليث) بن سعد الإمام مما وصله مسلم عن قتيبة محمد بن رمح عنه ( حدثني) بالإفراد ( نافع) كالجماعة لكنه قال: ( قيمته) بدل قولهم ثمنه وقيمة الشيء ما تنتهي إليه الرغبة في شراء الشيء وهذه المتابعة، وقول الليث الخ ثابتان لأبي ذر هنا.




[ قــ :6443 ... غــ : 6796 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَطَعَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى مِجَنٍّ قِمَتُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ.

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا جويرية) بضم الجيم وفتح الواو مصغرًا ابن أسماء الضبعي ( عن نافع عن ابن عمر) -رضي الله عنهما- أنه ( قال قطع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي أمر بقطع يد سارق ( في) سرقة ( مجن ثمنه ثلاثة دراهم) وقد روي أن بلالاً هو الذي باشر قطع يد فاطمة المخزومية فيحتمل أنه كان موكلاً بذلك ويحتمل غيره ولم يكن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باشر القطع بنفسه.

والحديث من أفراده.




[ قــ :6443 ... غــ : 6797 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِى نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَطَعَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن عبيد الله) بضم العين ابن عمر بن حفص بن عمر بن الخطاب أنه ( قال: حدثني) بالإفراد ( نافع عن) مولاه ( عبد الله) بن عمر -رضي الله عنهما- أنه ( قال: قطع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أمر بقطع يد سارق ( في) سرقة ( مجن ثمنه ثلاثة دراهم) .




[ قــ :6445 ... غــ : 6798 ]
- حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَطَعَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَ سَارِقٍ فِى مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ.
تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ: حَدَّثَنِى نَافِعٌ قِيمَتُهُ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ولأبي ذر بالجمع ( إبراهيم بن المنذر) الحزامي قال: ( حدّثنا أبو ضمرة) بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم أنس بن عياض قال: ( حدّثنا موسى بن عقبة) بضم العين وسكون القاف ( عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قطع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يد سارق في) سرقة ( مجن ثمنه ثلاثة دراهم) والثمن في الأصل ما يقابل به الشيء في عقد البيع، وله ضابط في الفقه مشهور، وليس المراد به حقيقته بل ما ذكر في الرواية الأخرى وهو القيمة وأطلق عليها ثمنًا مجازًا أو لتساويهما في ذلك الوقت أو في ظن الراوي أو باعتبار الغلبة والدراهم جمع درهم بكسر الدال وفيه ثلاث لغات أفصحها فتح الهاء، والثاني كسرها، والثالث درهام بزيادة ألف بعد الهاء قال الشاعر: لو أن عند مائتي درهام ... لجاز في إنفاقها خاتامي
واختلف في القدر الذي يقطع به السارق على مذاهب، فقيل في كل قليل وكثير تافه وغير تافه ونقل عن ابن بنت الشافعي، وقيل في كل قليل وكثير إلا في التافه فلا وقيل لا يجب إلا في أربعين درهمًا أو أربعة دنانير، وقيل في درهمين وقيل فيما زاد على درهمين ولم يبلغ الثلاثة، وقيل في ثلاثة دراهم ويقوّم ما عداها بها وهو رواية عن أحمد، وحكاه الخطابي عن مالك، وقيل مثله إلا أنه إن كان المسروق ذهبًا فنصابه ربع دينار وإن كان غيرهما فإن بلغت قيمته ثلاثة دراهم قطع به إلا لم يقطع ولو كان نصف دينار وهو قول مالك المعروف عند أصحابه وهو رواية عن أحمد، وقيل مثله إلا إن كان المسروق غيرهما قطع به إذا بلغت قيمة أحدهما وهو المشهور عن أحمد.
وقيل مثله لكن لا يكتفى بأحدهما إذا كانا غالبين فلو كان أحدهما غالبًا فالمعوّل عليه وهو قول بعض المالكية، وقيل ربع دينار أو ما بلغ قيمته من فضة أو عرض وهو مذهب الشافعية، وقيل أربعة دراهم نقله القاضي عياض عن بعض الصحابة، وقيل ثلث دينار، وقيل خمسة دراهم وقيل عشرة دراهم أو ما بلغ قيمتها من ذهب أو عرض وهو قول الحنفية، وقيل دينار أو ما بلغ
قيمته من فضة أو عرض، وقيل ربع دينار فصاعدًا من الذهب ويقطع في القليل والكثير من الفضة والعروض، واحتج له بأن التحديد في الذهب ثبت صريحًا في حديث عائشة ولم يثبت التحديد صريحًا في غيره فبقي عموم الآية على حاله فيقطع فيما قلّ أو كثر إلا في التافه وهو موافق للشافعي إلا في قياس أحد النقدين على الآخر، وأيّده الشافعي بأن الصرف يومئذٍ كان موافقًا لذلك، واستدلّ بأن الدّية على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الفضة اثنا عشر ألف درهم ( تابعه محمد بن إسحاق.
وقال الليث: حدثني نافع قيمته)
سبق هذا عقب حديث إسماعيل عن مالك عن نافع وأنه ثابت عقبه لأبي ذر وهو ساقط له هنا ثابت لغيره.