فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: من أصاب ذنبا دون الحد، فأخبر الإمام، فلا عقوبة عليه بعد التوبة، إذا جاء مستفتيا

باب مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا دُونَ الْحَدِّ فَأَخْبَرَ الإِمَامَ
فَلاَ عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ إِذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا قَالَ عَطَاءٌ: لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،.

     وَقَالَ  ابْنُ جُرَيْجٍ: وَلَمْ يُعَاقِبِ الَّذِى جَامَعَ فِى رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ صَاحِبَ الظَّبْىِ.
وَفِيهِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( باب من أصاب ذنبًا دون الحد) أي ارتكب ذنبًا لا حد له شرعًا كالقبلة والغمرّة ( فأخبر الإمام) به ( فلا عقوبة عليه بعد التوبة إذا جاء) إلى الإمام حال كونه ( مستفتيًا) بسكون الفاء طالبًا جواب ذلك، ولأبي ذر عن الكشميهني مستعتبًا بالعين المهملة الساكنة بدل الفاء وبعد الفوقية موحدة بدل التحتية من الاستعتاب وهو طلب الرضا وإزالة العتب.
وقال في العمدة وللكشميهني: مستغيثًا بالغين المعجمة المكسورة والمثلثة بعد التحتية من الاستغاثة وهي طلب الغوث، وزاد في الفتح عن الكشميهني مستعينًا بالسين المهملة والنون قبل الألف، وفي نسخة مما في الفرع كأصله مستقيلاً بالقاف بدل الفوقية وبعدها تحتية فلام ألف أي طالبًا للإقالة، وغرض البخاري أن الصغيرة بالتوبة يسقط عنها التعزير.

( قال عطاء) : هو ابن أبي رباح ( لم يعاقبه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي لم يعاقب الذي أخبره أنه وقع في معصية بل أمهله حتى صلّى معه ثم أخبره أن صلاته كفرت ذنبه ( وقال ابن جريج) عبد الملك: ( ولم يعاقب) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( الذي جامع) أهله ( في) نهار ( رمضان) بل أعطاه ما يكفر به ( ولم يعاقب عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( صاحب الظبي) قبيصة بن جابر إذ اصطاد ظبيًا وهو محرم وإنما أمره بالجزاء ولم يعاقبه عليه وهذا وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عن قبيصة ( وفيه) أي وفي معنى الحكم المذكور في الترجمة ( عن أبي عثمان) عبد الرَّحمن بن مل النهدي ( عن ابن مسعود) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر عن أبي مسعود قال الحافظ ابن حجر: وهو غلط والصواب ابن مسعود وزاد أبو ذر عن الكشميهني بعد قوله وسلم مثله وهي زيادة لا حاجة إليها لأنه يصير ظاهره أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يعاقب صاحب الظبي، وهذا وصله المؤلّف في باب الصلاة كفارة في أوائل كتاب المواقيت من رواية سليمان التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود بلفظ: إن رجلاً أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبره فأنزل الله تعالى { أقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود: 114] فقال: يا رسول الله ألي هذا؟ قال: "لجميع أمتي كلهم".


[ قــ :6467 ... غــ : 6821 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِى رَمَضَانَ فَاسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ «هَلْ
تَجِدُ رَقَبَةً»؟ قَالَ: لاَ.
قَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ»؟ قَالَ: لاَ.
قَالَ: «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن حميد بن عبد الرَّحمن) بن عوف الزهري ( عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً) اسم سلمة بن صخر فيما رواه ابن أبي شيبة وابن الجارود وبه جزم عبد الغني، وتعقب بأن سلمة هو المظاهر في رمضان، وإنما أتى أهله في الليل رأى خلخالها في القمر.
قال الحافظ ابن حجر: والسبب في ظنهم أنه المحترق أن ظهاره من امرأته كان شهر رمضان وجامع ليلاً كما هو صريح في حديثه، وأما المحترق ففيه رواية أبي هريرة أنه أعرابي وأنه جامع نهارًا فتغايرا نعم اشتركا في قدر الكفارة وفي الإتيان بالتمر وفي الإعطاء وفي قول كل منهما على أفقر منا ( وقع بامرأته في) نهار ( رمضان فاستفتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عن ذلك ( فقال) له:
( هل تجد رقبة) تعتقها ( قال: لا) أجدها ( قال: هل تستطيع صيام شهرين قال: لا) أستطيع ( قال: فأطعم ستين مسكينًا) .




[ قــ :6467 ... غــ : 68 ]
- وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى الْمَسْجِدِ قَالَ: احْتَرَقْتُ قَالَ: «مِمَّ ذَاكَ»؟ قَالَ: وَقَعْتُ بِامْرَأَتِى فِى رَمَضَانَ قَالَ لَهُ: «تَصَدَّقْ» قَالَ: مَا عِنْدِى شَىْءٌ فَجَلَسَ وَأَتَاهُ إِنْسَانٌ يَسُوقُ حِمَارًا وَمَعَهُ طَعَامٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا أَدْرِى مَا هُوَ، إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ»؟ فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا قَالَ: «خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ» قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنِّى مَا لأَهْلِى طَعَامٌ قَالَ: «فَكُلُوهُ».

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْحَدِيثُ الأَوَّلُ أَبْيَنُ .

     قَوْلُهُ  أَطْعِمْ أَهْلَكَ.

( وقال الليث) بن سعد الإمام فيما وصله المؤلّف في التاريخ الصغير والطبراني في الأوسط ( عن عمرو بن الحارث) بفتح العين ابن يعقوب أبي أيوب الأنصاري مولاهم أحد الأعلام ( عن عبد الرَّحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر التيمي أبي محمد الفقيه ابن الفقيه ( عن محمد بن جعفر بن الزبير) بن العوّام ( عن عباد بن عبد الله بن الزبير) هو ابن عم محمد بن جعفر ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها قالت: ( أتى رجل) هو سلمة بن صخر إن صح ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المسجد) بطيبة في رمضان ( قال) ولأبي ذر فقال: ( احترقت) أطلق على نفسه أنه احترق لاعتقاده أن مرتكب الإثم يعذب بالنار فهو مجاز عن العصيان أو أنه يحترق يوم القيامة فجعل المتوقع كالواقع وعبّر عنه بالماضي ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له:
( مم ذاك) ؟ بغير لام ( قال: وقعت بامرأتي) وطئتها ( في) نهار ( رمضان.
قال)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( له تصدّق) فيه اختصار إذ الكفارة مرتبة فإن التصدق بعد الإعتاق والصيام ( قال: ما عندي شيء) أتصدق به ( فجلس) الرجل ( فأتاه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إنسان) أي أعرف اسمه ( يسوق حمارًا ومعه طعام قال) : ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فقال ( عبد الرَّحمن) بن القاسم: ( ما أدري ما هو) أي الطعام في رواية أبي هريرة التصريح بأنه تمر في مكتل ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: أين المحترق) ؟ أثبت له وصف الاحتراق إشارة إلى أنه لو أصر على ذلك لاستحق ذلك ( فقال: ها أنا ذا) يا رسول الله ( قال: خذ هذا) الطعام ( فتصدق به) كفارة ( قال: على أحوج مني) ؟ استفهام محذوف الأداة ( ما لأهلي طعام.
قال)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( فكلوه) .
سقطت الهاء من فكلوه لأبي ذر ( قال أبو عبد الله) المؤلّف: ( الحديث الأول) المروي عن أبي عثمان النهدي ( أبين قوله أطعم أهلك) وسقط قوله: قال أبو عبد الله الخ لأبي ذر.