فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائبا عنه

باب مَنْ أَمَرَ غَيْرَ الإِمَامِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ غَائِبًا عَنْهُ
( باب من أمر غير الإمام) الأوجه كلما نبه عليه في الكواكب أن يقول من أمره الإمام ( بإقامة الحد) على مستحقه حال كون الغير أو المقام عليه الحدّ ( غائبًا عنه) عن الإمام.
وقول الكرماني: إن في قول البخاري من أمر غير الإمام تعجرفًا.
قال البرماوي: لا عجرفة فيه إذ عادة البخاري التعميم في المعنى فيقول: باب من فعل كذا فيكون الفاعل لذلك معينًا إشارة إلى أن الحكم عام فقوله من أمر هو الإمام، وقوله غير الإمام أي غيره فأقام الظاهر مقام المضمر لأنه لم يكن قد صرّح به ولكن التركيب غير واضح.


[ قــ :6477 ... غــ : 6835 - 6836 ]
- حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ جَالِسٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ: صَدَقَ اقْضِ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِكِتَابِ اللَّهِ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَزَعَمُوا أَنَّ مَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ فَقَالَ: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْغَنَمُ وَالْوَلِيدَةُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ.
وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا» فَغَدَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا.

وبه قال: ( حدّثنا عاصم بن عليّ) الواسطي قال: ( حدّثنا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن عبيد الله) بضم العين ابن عبد الله بن عتبة ابن مسعود ( عن أبي هريرة وزيد بن خالد) الجهني -رضي الله عنهما- ( أن رجلاً من الأعراب) لم يسم ( جاء إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو جالس) في المسجد ( فقال: يا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اقض) أي بيننا ( بكتاب الله) أي بحكم الله الذي قضى به على المكلفين ( فقام خصمه) لم يسم ( فقال: صدق اقض له يا رسول الله بكتاب الله ان ابني كان عسيفًا) أجيرًا ( على هذا) أي له فعلى بمعنى اللام، وهذا من قول الخصم لا من قول الأعرابي خلافًا لما قرره الكرماني وتبعه العيني والبرماوي كما نبه عليه في الفتح وسبق قريبًا في باب الاعتراف بالزنا ( فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت) أي منه ( بمائة من الغنم ووليدة) وفي باب الاعتراف بالزنا وخادم ( ثم سألت أهل العلم فزعموا) وفي الباب المذكور فأخبروني ( أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام) لأنه كان بكرًا وأقرّ بالزنا ( فقال) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( و) الله ( الذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما الغنم والوليد فردّ) فمردود ( عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، وأما أنت يا أنيس) بضم الهمزة وفتح النون مصغرًا ( فاغد على امرأة هذا) فاذهب إليها فإن اعترفت بالزنا ( فارجمها فغدا) فذهب ( أنيس) إليها فاعترفت بالزنا ( فرجمها) لأنها كانت محصنة ولم يكن بعثه إليها لطلب إقامة حدّ الزنا لأن حدّ الزنا لا يتجسس له بل يستحب تلقين المقر الرجوع عنه وإنما بعثه ليعلمها بأن الرجل قذفها بابنه فلها عليه حدّ القذف فتطالبه به أو تعفو عنه والله أعلم.

والحديث أخرجه في مواضع كثيرة كالأحكام والوكالة والشروط وأخرجه بقية أصحاب الكتب الستة.