فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: كم التعزير والأدب

باب كَمِ التَّعْزِيرُ وَالأَدَبُ؟
هذا ( باب) بالتنوين ( كم التعزير والأدب) تنقسم كم إلى استفهامية بمعنى أيّ عدد قليلاً كان أو كثيرًا وإلى خبرية بمعنى عدد كثير والمراد هنا الأول والتعزير مصدر عزر.
قال في الصحاح: التعزير التأديب ومنه سمي الضرب دون الحدّ تعزيرًا، وقال في المدارك: وأصل العزر المنع ومنه التعزير لأنه منع من معاودة القبيح انتهى.

ومنه عزره القاضي أي أدّبه لئلا يعود إلى القبيح ويكون بالقول والفعل بحسب ما يليق به، وأما الأدب فبمعنى التأديب وهو أعمّ من التعزير لأن التعزير يكون بسبب المعصية بخلاف الأدب ومنه تأديب الوالد وتأديب المعلم.


[ قــ :6487 ... غــ : 6848 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلاَّ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ».
[الحديث 6848 - طرفاه في: 6849، 6850] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام قال: ( حدّثني) بالإفراد ( يزيد بن أبي حبيب) أبو رجاء المصري واسم أبي حبيب سويد ( عن بكير بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الكاف ابن الأشج ( عن سليمان بن يسار) ضد اليمين ( عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( عن أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء هانئ بن نيار بكسر النون وتخفيف التحتية الأوسي ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( لا يجلد) بضم التحتية وسكون الجيم وفتح اللام جملة معمولة للقول خبر بمعنى الأمر والفعل مبني لما لم يسم فاعله والمفعول محذوف يدل عليه السياق أي لا يجلد أحد ( فوق عشر جلدات) بفتحات مصححًا عليه في الفرع كأصله ( إلا في حدّ من حدود الله) .
عز وجل والمجرور متعلق بيجلد فيكون الاستثناء مفرغًا لأن ما قبل إلا عمل فيما بعدها ومن حدود الله متعلق بصفة لحد والتقدير إلاّ في موجب حدّ من حدود الله تعالى.

قال في الفتح: ظاهره أن المراد بالحدّ ما ورد فيه من الشارع عدد من الجلد أو الضرب مخصوص أو عقوبة مخصوصة والمتفق عليه من ذلك أصل الزنا والسرقة وشرب المسكر والحرابة والقذف بالزنا والقتل والقصاص في النفس والأطراف والقتل في الارتداد، واختلف في تسمية الأخيرين حدًّا، واختلف في مدلول هذا الحديث فأخذ بظاهره الإمام أحمد في المشهور عنه، وبعض الشافعية.
وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة: تجوز الزيادة على العشرة، ثم اختلفوا فقال الشافعي لا يبلغ أدنى الحدود وهل الاعتبار بحدّ الحر أو العبد؟ قولان: وقال الآخرون هو إلى رأي الإمام بالغًا ما بلغ وأجابوا عن ظاهر الحديث بوجوه.
منها الطعن فيه فإن ابن المنذر ذكر في إسناده مقالاً، وقال الأصيلي اضطرب إسناده فوجب تركه وتعقب بأن عبد الرحمن ثقة، وقد صرح بسماعه في الرواية الآتية وإبهام الصحابي لا يضر، وقد اتفق الشيخان على تصحيحه وهما العمدة في التصحيح، ومنها أن عمل الصحابة بخلافه يقتضي نسخه، فقد كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري أن لا تبلغ بنكال أكثر من عشرين سوطًا، وعن عثمان ثلاثين وضرب عمر أكثر من الحدّ أو من مائة وأقره الصحابة.
وأجيب: بأنه لا يلزم في مثل ذلك النسخ.
ومنها حمله على واقعة عين بذنب معين أو رجل معين قاله الماوردي وفيه نظر.

والحديث أخرجه مسلم في الحدود وكذا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.




[ قــ :6488 ... غــ : 6849 ]
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ، حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ عَمَّنْ سَمِعَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ عُقُوبَةَ فَوْقَ عَشْرِ ضَرَبَاتٍ، إِلاَّ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ».

وبه قال: ( حدّثنا عمرو بن عليّ) بفتح العين وسكون الميم الباهلي البصري الصيرفي قال: ( حدّثنا فضيل بن سليمان) بضم الفاء وفتح المعجمة وسليمان بضم السين وفتح اللام النميري
الصيرفي البصري قال: ( حدّثنا مسلم بن أبي مريم) السلمي قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الرحمن بن جابر) الأنصاري ( عمن سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أبهم الصحابي وقد سماه حفص بن ميسرة وهو أوثق من فضيل بن سليمان فيما أخرجه الإسماعيلي فقال عن مسلم بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه، وقال الإسماعيلي: ورواه إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن مسلم بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن جابر عن رجل من الأنصار قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وهذا لا يعين أحد التفسيرين فإن كلاًّ من جابر وأبي بردة أنصاري قال الإسماعيلي: لم يدخل الليث عن يزيد بين عبد الرحمن وأبي بردة أحدًا وقد وافقه سعيد بن أبي أيوب عن يزيد كذلك، وحاصل الاختلاف هل هو صحابي مبهم أو مسمى الراجح الثاني ثم الراجح أنه أبو بردة بن نيار وهل بين عبد الرحمن وأبي بردة واسطة وهو أبو جابر أو لا.
الراجح الثاني أيضًا أنه ( قال) :
( لا عقوبة فوق عشر ضربات) بسكون الشين وضربات بفتح الراء ( إلا في حدّ من حدود الله) عز وجل.


فائدة:
قال بعض المالكية في مؤدب الأطفال لا يزيد على ثلاث.
قال ابن دقيق العيد: وهذا تحديد يبعد إقامة الدليل المبين عليه، ولعله أخذه من أن الثلاث اعتبرت في مواضع وفي ذلك ضعف وقد يؤخذ هذا من حديث أول نزول الوحي فإن فيه أن جبريل عليه السلام قال: اقرأ فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ما أنا بقارئ" فغطّه ثلاث مرات فأخذ منه أن تنبيه المعلم للمتعلم لا يكون بأكثر من ثلاث.




[ قــ :6489 ... غــ : 6850 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، إِذْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ، فَحَدَّثَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بُرْدَةَ الأَنْصَارِىَّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ تَجْلِدُوا فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ، إِلاَّ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن سليمان) الكوفي نزيل مصر قال: ( حدّثني) بالإفراد ( ابن وهب) عبد الله قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عمرو) بفتح العين ابن الحارث المصري ( أن بكيرًا) بضم الموحدة ابن عبد الله بن الأشجّ ( حدّثه قال: بينما) بالميم ( أنا جالس عند سليمان بن يسار) ضد اليمين ( إذ جاء عبد الرحمن بن جابر فحدّث سليمان بن يسار) نصب على المفعولية ( ثم أقبل علينا سليمان بن يسار فقال: حدّثني) بالإفراد ( عبد الرحمن بن جابر أن أباه) جابر بن عبد الله الأنصاري ( حدّثه أنه سمع أبا بردة الأنصاري) -رضي الله عنه- ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( لا تجلدوا) بلفظ الجمع ولأبي الوقت لا يجلد مبنيًّا للمفعول أحد ( فوق عشرة أسواط) فوق ظرف وهو نعت لمصدر محذوف أي جلدًا فوق عشرة مضاف إليه وأسواط جمع سوط أي فوق ضربات سوط كما تقول ضربته عشرة أسواط أي ضربات بسوط فأقيمت الآلة مقام الضرب في ذلك، ومعنى الحديث بطرقه الثلاثة واحد لكن ألفاظه مختلفة، ففي الأول عشر جلدات، وفي الثاني عشر ضربات، وفي الثالث عشرة أسواط.
( إلا في حدّ من حدود الله) عز وجل.




[ قــ :6490 ... غــ : 6851 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْوِصَالِ فَقَالَ لَهُ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: فَإِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوَاصِلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيُّكُمْ مِثْلِى إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ» فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ فَقَالَ: «لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ» كَالْمُنَكِّلِ بِهِمْ حِينَ أَبَوْا.

تَابَعَهُ شُعَيْبٌ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ.
.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير بضم الموحدة وفتح الكاف المخزومي مولاهم المصري قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد ( أبو سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) نهي تحريم أو تنزيه أو ليس نهيًا بل إرشادًا راجعًا إلى مصلحة دنيوية ( عن الوصال) في الصوم فرضًا أو نفلاً وهو صوم يومين فصاعدًا من غير أكل وشرب بينهما فإنه وصل الصوم بالصوم ولو قلنا إنه بالليل يصير مفطرًا حكمًا ( فقال له) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( رجال من المسلمين) ولأبي ذر عن الكشميهني رجل بالإفراد ولم يسم ( فإنك يا رسول الله تواصل، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أيكم مثلي) بكسر الميم وسكون المثلثة ( إني أبيت يطعمني ربي ويسقين) كذا بغير ياء بعد النون في الفرع كالمصحف العثماني في سورة الشعراء وجملة يطعمني حالية أي يجعل فيه قوة الطاعم والشارب أو هو على ظاهره بأن يطعم من طعام الجنة ويسقى من شرابها والصحيح الأول لأنه لو كان حقيقة لم يكن مواصلاً ( فلما أبوا) امتنعوا ( أن ينتهوا عن الوصال) لظنهم أن النهي للتنزيه ( واصل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بهم يومًا ثم يومًا) أي يومين ليبين لهم الحكمة في ذلك ( ثم رأوا الهلال فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( لو تأخر) الشهر ( لزدتكم) في الوصال إلى أن تعجزوا عنه ( كالمنكل بهم) بضم الميم وفتح النون وكسر الكاف مشددة أي المعاقب لهم ولأبي ذر لهم باللام بدل الموحدة ( حين أبوا) امتنعوا عن الانتهاء عن الوصال.

وهذا موضع الترجمة وفيه كما قال المهلب أن التعزير موكول إلى رأي الإمام لقوله: لو امتد الشهر لزدتكم فدلّ أن للإمام أن يزيد على التعزير ما يراه لكن الحديث ورد في عدد من الضرب متعلق بشيء محسوس، وهذا يتعلق بشيء متروك وهو الإمساك عن المفطرات والألم فيه يرجع إلى التجويع والتعطيش وتأثيرهما في الأشخاص متفاوت جدًّا، والظاهر أن الذين واصل بهم كان لهم إقتدار على ذلك في الجملة فأشار إلى أن ذلك لو تمادى حتى ينتهي إلى عجزهم عنه لكان هو المؤثر في زجرهم، فيستفاد منه أن المراد من التعزير ما يحصل به الردع قاله في الفتح.

قال في عمدة القارئ: والحديث بهذا الوجه من أفراده.

( تابعه) أي تابع عقيلاً ( شعيب) هو ابن أبي حمزة فيما رواه المؤلّف في باب التنكيل من كتاب الصيام ( ويحيى بن سعيد) الأنصاري فيما وصله الذهلي في الزهريات ( ويونس) بن يزيد فيما وصله مسلم الثلاثة في روايتهم ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( وقال عبد الرحمن بن خالد) الفهمي أمير مصر لهشام بن عبد الملك بن مروان ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن سعيد) بكسر العين ابن المسيب ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فخالفهم عبد الرحمن فقال: عن سعيد بن المسيب، وسيأتي الكلام على رواية عبد الرحمن هذه في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته.




[ قــ :6491 ... غــ : 685 ]
- حَدَّثَنِى عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا اشْتَرَوْا طَعَامًا جِزَافًا أَنْ يَبِيعُوهُ فِى مَكَانِهِمْ حَتَّى يُئْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عياش بن الوليد) بفتح العين المهملة والتحتية المشددة وبعد الألف شين معجمة الرقام البصري قال: ( حدّثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي قال: ( حدّثنا معمر) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن سالم عن) أبيه ( عبد الله بن عمر) -رضي الله عنهما- ( أنهم كانوا يضربون) بضم أوله وفتح ثالثه ( على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا اشتروا طعامًا جزافًا) بكسر الجيم وفتحها وضمها وفتح الزاي والكسر هو الذي في اليونينية فقط أي من غير كيل ولا وزن والنصب بتقدير شراء مجازفة أو على الحال ( أن يبيعوه) أي أن لا يبيعوه أو أن مصدرية أي يضربون لبيعهم إياه ( في مكانهم حتى يؤووه) حتى للغاية وأن مقدرة بعدها أي إلى إيوائهم إياه ( إلى رحالهم) أي منازلهم والمراد به النهي عن بيع المبيع حتى يقبضه وفيه جواز تأديب من خالف الأمر الشرعي بتعاطي العقود الفاسدة ومشروعية إقامة المحتسب في الأسواق قاله في فتح الباري.

والحديث سبق في البيوع.




[ قــ :649 ... غــ : 6853 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ، عَنْ
عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِنَفْسِهِ فِى شَىْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ حَتَّى تُنْتَهَكَ مِنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ.

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان بن جبلة العتكي المروزي الحافظ أبو عبد الرحمن وعبدان لقبه قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: ( أخبرنا يونس) بن يزيد ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عروة) بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: ما انتقم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ما عاقب أحدًا ( لنفسه في شيء يؤتى إليه) بضم التحتية وفتح الفوقية بل يعفو عنه كعفوه عن الذي جبذ بردائه حتى أثر في كتفه الشريف ( حتى ينتهك) بضم أوله وسكون النون وفتح الفوقية والهاء أي يرتكب شيء ( من حرمات الله) عز وجل ( فينتقم لله) .
لا لنفسه ممن ارتكب تلك الحرمة وينتقم نصب عطف على المنصوب السابق.

والحديث مطابقته للترجمة من حيث إنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان ينتقم إذا انتهكت حرمة من حرم الله إما بالضرب أو بغيره فهو داخل في باب التعزير والتأديب، وسبق في صفته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأخرجه مسلم في الفضائل.