فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: المعدن جبار والبئر جبار

باب الْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( المعدن جبار والبئر جبار) بضم الجيم وتخفيف الموحدة.


[ قــ :6547 ... غــ : 6912 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدثنا الليث) بن سعد الإمام قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر بالإفراد ( ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن سعيد بن المسيب) المخزومي ( وأبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( العجماء جرحها جبار) بضم جيم جرحها في الفرع.
وقال في الفتح: بفتحها لا غير كما نقله في النهاية عن الأزهري والعجماء بفتح العين المهملة وسكون الجيم ممدودًا البهيمة سميت عجاء لأنها لا تتكلم وجبار هدر والجملة مبتدأ وخبر أي جرح العجماء هدر لا شيء فيه، وسقط في رواية لفظ جرحها، وحينئذٍ فالمراد أن البهيمة إذا أتلفت شيئًا ولم يكن معها قائد ولا سائق وكان نهارًا فلا ضمان فإن كان معها أحد ولو مستأجرًا أو مستعيرًا أو غاضبًا ضمن ما أتلفته نفسًا ومالاً ليلاً أو نهارًا سواء كان سائقها أم راكبها أم قائدها لأنها في يده وعليه تعهدها وحفظها.
نعم لو أركبها أجنبي بغير إذن الولي صبيًّا أو مجنونًا لا يضبطها مثلهما أو نخسها إنسان بغير إذن من صحبها أو غلبته فاستقبلها إنسان فردها فأتلفت شيئًا في انصرافها فالضمان على الأجنبي والناخس والرادّ.
وقال الحنفية: لا ضمان مطلقًا سواء فيه الجرح وغيره والليل والنهار معها أحد أو لا إلا أن يحملها الذي معها على الإتلاف أو يقصده فيضمن لتعديه ( والبئر) بكسر الموحدة بعدها ياء ساكنة مهموزة وتسهل وهي مؤنثة وتذكر على معنى القليب والجمع أبؤر وآبار بالمد والتخفيف وبهمزتين بينهما موحدة ساكنة إذا حفرها إنسان في ملكه أو في موات فوقع فيها إنسان أو غيره فتلف فهو ( جبار) لا ضمان فيه وكذا لو استأجر إنسانًا ليحفرها فانهارت عليه نعم لو حفرها في طريق المسلمين أو في ملك غيره بلا إذن منه فتلف بها إنسان فإنه يجب ضمانه على عاقلة الحافر والكفارة في ماله، وإن تلف بها غير آدمي وجب ضمانه في مال الحافر، ويلتحق بالبئر كل حفرة على التفصيل المذكور ( والمعدن) بفتح الميم وسكون العين وكسر الدال المهملتين المكان من الأرض يخرج منه شيء من الجواهر والأجساد كالذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص والكبريت وغيرها من عدن بالمكان إذا أقام به يعدن بالكسر عدونًا سمي به لعدون ما أنبته الله فيه كما قال الأزهري إذا انهار على من حفر فيه فهلك فدمه ( جبار) لا ضمان فيه كالبئر ( وفي الركاز) بكسر الراء آخره زاي بمعنى مركوز ككتاب بمعنى مكتوب وهو دين الجاهلية مما تجب فيه الزكاة من ذهب أو فضة إذا بلغ النصاب ( الخمس) والقول بأن الركاز دفين الجاهلية هو
قول مالك والشافعي وأحمد وهو حجة على أبي حنيفة وغيره من العراقيين حيث قالوا: الركاز هو المعدن وجعلوهما لفظين مترادفين، وقد عطف -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحدهما على الآخر وذكر لهذا حكمًا غير حكم الأوّل والعطف يقتضي التغاير، وقال الأزهري: يطلق على الأمرين.
قال وقيل: إن الركاز قطع الفضة تخرج من المعدن وقيل من الذهب أيضًا.

وهذا الحديث أخرجه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.