فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين} [الروم: 31]

باب { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الروم: 31]
هذا ( باب) بالتنوين ( قول الله تعالى) كذا لأبي ذر ولغيره باب قوله تعالى بالإضافة، وسقط للأصيلي لفظ باب وقال قول الله عز وجل: { منيبين إليه} راجعين إليه من أناب إذا رجع مرة بعد أخرى وقيل منقطعين { واتقوه} أي خافوه وراقبوه { وأقيموا الصلاة} التي هي الطاعة العظمى { ولا تكونوا من المشركين} [الروم: 31] .
بل كونوا من الموحدين المخلصين له العبادة لا تريدون بها سواه.
وهذه الآية مما استدل به من يرى تكفير تارك الصلاة لما يقتضيه مفهومها، لكن المراد أن ترك الصلاة من أفعال المشركين، فورد النهي عن التشبه بهم لا أن من وافقهم في الترك صار مشركًا وهي من أعظم ما ورد في القرآن في فضل الصلاة.


[ قــ :509 ... غــ : 523 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادٌ -هُوَ ابْنُ عَبَّادٍ- عَنْ أَبِي جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: إِنَّا مِنْ هَذَا الْحَىِّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَىْءٍ نَأْخُذْهُ عَنْكَ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا.
فَقَالَ: آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الإِيمَانِ بِاللَّهِ -ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ- شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَىَّ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ.
وَأَنْهَى عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُقَيَّرِ، وَالنَّقِيرِ».
[انظر الحديث 53 - وأطرافه] .

وبالسند قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) بضم القاف وكسر العين وسقط ابن سعيد للأصيلي ( قال: حدّثنا عباد هو) ولأبي ذر وهو ( ابن عباد) بفتح العين وتشديد الموحدة فيهما ابن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة البصري ( عن أبي جمرة) بالجيم والراء نصر بن عمران البصري ( عن ابن عباس) رضي الله عنهما.


( قال: قدم وفد عبد القيس) بن أفصى بفتح الهمزة وسكون الفاء وفتح الصاد المهملة ( على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عام الفتح بمكة ( فقالوا: إنا هذا الحي) بالنصب على الاختصاص، ولغير الأربعة إنّا من هذا الحي ( من ربيعة) لأن عبد القيس من أولاد ربيعة ( ولسنا نصل إليك إلاّ في الشهر الحرام) رجب كما عند البيهقي أو المراد الجنس فيشتمل الأربعة ( فمرنا بشيء نأخذه منك) بالرفع على الاستئناف لا بالجزم جوابًا للأمر لقوله ( ندعو إليه) إذ هو معطوف عليه مرفوع قاله العيني، والذي في اليونينية الجزم ليس إلا ( من وراءنا) مفعول ندعو أي الذين خلفناهم في بلادنا ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( آمركم بأربع) من الخصال ( وأنهاكم عن أربع) من الخصال: ( الإيمان بالله) خفض وللأصيلي عز وجل بدل من أربع أو رفع بتقدير هي، ( ثم فسرها لهم) أنّث الضمير بالنظر إلى كلمة الإيمان فقال هي ( شهادة أن لا إله إلاّ الله وأني رسول الله، وإقام الصلاة) المكتوبة وقرنها بنفي الإشراك به تعالى لأن الصلاة أعظم دعائم الإسلام بعد التوحيد وأقرب الوسائل إليه تعالى.
( وإيتاء الزكاة) المفروضة ( وأن تؤدّوا إليّ خُمس ما غنمتم) أي الذي غنمتموه وذكر رمضان في الرواية السابقة في باب أداء الخمس من الايمان، ولم يذكره هنا مع أنه فرض في السنة الثانية من الهجرة، ووفادة هؤلاء كانت عام الفتح كما مرّ فقيل: هو إغفال من الرواة لا أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاله في موضع ولم يقله في آخر قاله ابن الصلاح ( وأنهى) وللحموي والأصيلي وأنهاكم ( عن) الانتباذ في ( الدباء) بضم الدال وتشديد الموحدة ممدودًا اليقطين اليابس ( و) عن الانتباذ في ( الحنتم) بفتح المهملة الجرار الخضر أو غير ذلك ( و) في ( المقير) ما طلي بالقار ( و) في ( النقير) بفتح النون وكسر القاف ما ينقر في أصل النخلة فيوعى فيه.

وقد سبقت مباحث هذا الحديث في باب أداء الخمس من الإيمان ووجه مطابقته للترجمة من جهة أن في الآية اقتران نفي الشرك بإقامة الصلاة، وفي الحديث اقتران إثبات التوحيد بإقامتها.

ورواته الأربعة ما بين بلخي وبصري وفيه التحديث والعنعنة والقول.