فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يكره من السمر بعد العشاء

باب مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ
( باب ما يكره من السمر) أي حديث الليل المباح ( بعد) صلاة ( العشاء) زاد في رواية أبي ذر هنا السامر أي المذكور في قوله تعالى سامرًا تهجرون مشتق من السمر بفتح الميم والجمع السمّار بضم السين وتشديد الميم ككاتب وكتّاب والسامر هاهنا يعني في هذا الوضع في موضع الجمع، وأصل السمر ضوء لون القمر وكانوا يتحدثون فيه.


[ قــ :583 ... غــ : 599 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمِنْهَالِ قَالَ: "انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إِلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: حَدِّثْنَا كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؟ قَالَ: كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ -وَهْيَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الأُولَى- حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى أَهْلِهِ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ.
وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ.
قَالَ: وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ.
قَالَ: وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا.
وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ أَحَدُنَا جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ مِنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيى) القطان ( قال: حدّثنا عوف) الأعرابي ( قال: حدّثنا أبو المنهال) سيار بن سلامة ( قال: انطلقت مع أبي) سلامة ( إلى أبي برزة)

نضلة بن عبيد ( الأسلمي) ، فقال له أبي: حدّثنا كيف كان ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي) الصلاة ( المكتوبة؟ قال:) وللأصيلي فقال:
( كان) عليه الصلاة والسلام ( يصلّي الهجير) أي الظهر ( -وهي التي تدعونها الأولى- حين تدحض الشمس) أي تزول عن وسط السماء إلى جهة المغرب كأنها دحضت أي زلقت ( و) كان ( يصلّي العصر ثم يرجع أحدنا إلى أهله في أقصى المدينة والشمس حية) أي لم تتغير قال أبو المنهال ( ونسيت ما قال) أبو برزة ( في المغرب) .
ولابن عساكر ما قال لي في المغرب ( قال: وكان) عليه الصلاة والسلام ( يستحب أن يؤخر العشاء) أي صلاتها ( قال: وكان) عليه الصلاة والسلام ( يكره النوم قبلها) خوفًا من إخراجها عن وقتها ( و) يكره ( الحديث بعدها) .
وهذه الأخيرة موضع الشاهد للترجمة لأن السمر قد يؤدي إلى النوم عن صلاة الصبح أو عن وقتها المختار أو عن قيام الليل لكن قد يفرق بين الليالي الطوال والقصار وأجيب بأن عمل الكراهة على الإطلاق أحرى حسمًا للمادة واستثنوا من الكراهة السمر في الخير كالفقه ونحوه كما سيأتي إن شاء الله تعالى ( وكان) عليه الصلاة والسلام ( ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف أحدنا جليسه،) أي مجالسه ( ويقرأ من الستين) آية ( إلى المائة) .