فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب القصر في المنام

باب الْقَصْرِ فِى الْمَنَامِ
( باب) رؤية ( القصر في المنام) .


[ قــ :6655 ... غــ : 7023 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِى اللَّيْثُ، حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِى الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ قُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَبَكَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ قَالَ: أَعَلَيْكَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ؟.

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) هو سعيد بن كثير بن عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء الأنصاري مولاهم البصري قال: ( حدّثني) بالإفراد ( الليث) بن سعد الإمام قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( سعيد بن المسيب أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- ( قال: بينا) بغير ميم ( نحن جلوس عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( بينا) بغير ميم أيضًا ( أنا نائم رأيتني) بضم الفوقية أي رأيت نفسي ( في الجنة فإذا امرأة) اسمها أم سليم وكانت إذ ذاك في قيد الحياة ( تتوضأ إلى جانب قصر) .
قال في المصابيح عن الخطابي: إنه محمول على الوضوء الشرعي فنسب الراوي إلى الوهم، قال لأنه لا عمل في الجنة وإنما هي امرأة شوهاء لكن الكاتب أسقط بعض حروفها فصار فتتوضأ.
وأجاب البدر الدماميني فقال قلت: وهذا تحكم في الرواية بالرأي ونسبة الصحيح منها إلى الغلط بمجرّد خيال مبني على أمر غير لازم وذلك أنه بناه على الوضوء المكلف به في دار الدنيا ومن أين له ذلك ولم لا يجوز أن يكون من الوضوء اللغوي المراد به الوضاءة ويكون توضؤها سببًا لازدياد حسنها وإشراق نورها وليس المراد إزالة درن ولا شيء من الأقذار فإن هذا مما نزهت الجنة عنه اهـ.
وفيه أنها من أهل الجنة ويوافقه قول جمهور البصريين أن من رأى أن يدخل الجنة فإنه يدخلها قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قلت) للملائكة ( لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- وسقط لأبي ذر: ابن الخطاب زاد في المشكاة فأردت أن أدخله ( فذكرت غيرته) بفتح الغين ( فوليت مدبرًا) .
ولأبي ذر عن الحموي: فوليت منها مدبرًا.

قال المهلب: فيه الحكم لكل رجل بما يعلم من خلقه.
ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام لم يدخل القصر مع علمه بأن عمر لا يغار عليه لأنه أبو المؤمنين وكل ما ناله بنوه من الخير فبسببه، وتعقب مغلطاي قوله أبو المؤمنين مع أن الله تعالى يقول: { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} [الأحزاب: 40] وقال عليه الصلاة والسلام: "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد" ولم يقل أنا لكم أب ولم يأت في ذلك حديث صحيح ولا غيره مما يصلح للدلالة اهـ.

وأجيب: بأن معنى الآية أي لم يكن أب رجل منكم حقيقة حتى يثبت بينه وبينه ما يثبت بين الأب وولده من حرمة المصاهرة وغيرها، ولكن كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا أمته فيما يرجع إلى وجوب التوقير والتعظيم له عليهم ووجوب الشفقة والنصيحة لهم عليه لا في سائر الأحكام الثابتة بين الآباء والأبناء اهـ من الكشاف ولا يثبت له عليه إلا الأبوّة المجازية.
وقال في الروضة، قال بعض أصحابنا: لا يجوز أن يقال هو أبو المؤمنين لهذه الآية.
قال: ونص الشافعي على أنه يجوز أن يقال أبو المؤمنين أي في الحرمة اهـ.
وقال البغوي من أصحابنا: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا الرجال والنساء جميعًا.

( قال أبو هريرة) -رضي الله عنه- بالسند السابق ( فبكى عمر بن الخطاب) لما سمع ذلك سرورًا أو تشوقًا إليه ( ثم قال: أعليك) بهمزة الاستفهام وسقطت لأبي ذر عن الكشميهني أفديك ( بأبي أنت وأمي يا رسول الله أغار؟) قيل: هذا من القلب والأصل أعليها أغار منك.

قال في الكواكب: لفظ عليك ليس متعلقًا بأغار بل التقدير مستعليًا عليك أغار منها قال فدعوى القلب المذكور ممنوعة إذ لا يجوز ارتكاب القلب مع وضوح المعنى بدونه، ويحتمل أن يكون أطلق على وأراد من كما قيل إن حروف الجر تتناوب اهـ.

وقد جاء ( على) بمعنى ( من) كقوله تعالى: { إذا اكتالوا على الناس يستوفون} [المطففين: 2] وفي وضوء المرأة المذكورة إلى جانب قصر عمر إشارة إلى أنها تدرك خلافته وكان كذلك.




[ قــ :6656 ... غــ : 704 ]
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَمَا مَنَعَنِى أَنْ أَدْخُلَهُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِلاَّ مَا أَعْلَمُ مِنْ غَيْرَتِكَ» قَالَ: وَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟.

وبه قال: ( حدّثنا عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم ابن بحر بن كثير أبو حفص الباهلي الصيرفي البصري قال: ( حدّثنا معتمر بن سليمان) بن طرخان البصري قال: ( حدّثنا عبيد الله) بضم العين ( ابن عمر) بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ( عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله) الأنصاري -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( دخلت الجنة) في المنام ( فإذا أنا بقصر من ذهب فقلت) لجبريل ومن معه ( لمن هذا؟) القصر ( فقالوا: لرجل من قريش) وفي الرواية السابقة قالوا لعمر بن الخطاب ( فما منعني أن أدخله يا ابن الخطاب إلا ما أعلم من غيرتك) قال صاحب الكواكب: علم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه عمر بن الخطاب بالوحي أو بالقرائن ( قال) عمر ( وعليك أغار يا رسول الله) بواو العطف وهمزة الاستفهام مقدرة قال المعبرون القصر في المنام عمل صالح لأهل الدين ولغيرهم حبس وضيق وقد يعبر دخول القصر بالتزوّج.