فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب النفخ في المنام

باب النَّفْخِ فِى الْمَنَامِ
( باب) رؤية ( النفخ في المنام) .


[ قــ :6665 ... غــ : 7036 ]
- حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) المعروف بابن راهويه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا ( عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني قال: ( أخبرنا معمر) هو ابن راشد ( عن همام بن منبه) بتشديد الميم والموحدة المكسورة أنه ( قال: هذا ما حدّثنا به أبو هريرة) -رضي الله عنه- ( عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( نحن الآخرون) زمانًا في الدنيا ( السابقون) .
أهل الكتاب وغيرهم منزلة وكرامة يوم القيامة، وقد كرر البخاري إيراد هذا القدر في بعض الأحاديث التي أخرجها من صحيفة همام من رواية معمر عنه، وهو أول حديث في النسخة، وبقية أحاديثها معطوفة عليه وكان إسحاق إذا أراد التحديث بشيء منها بدأ بطرف من الحديث الأول وعطف عليه ما يريد كما قال هنا:



[ قــ :6666 ... غــ : 7037 ]
- وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُوتِيتُ خَزَائِنَ الأَرْضِ، فَوُضِعَ فِى يَدَىَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَىَّ وَأَهَمَّانِى فَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنِ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ».

( وقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بينا) بغير ميم ( أنا نائم إذ أتيت بخزائن الأرض فوضع) بضم الواو مبنيًّا لما لم يسم فاعله ( في يدي سواران) بالتثنية رفع بالألف مفعول ناب عن فاعله ولأبي ذر فوضع بفتح الواو مبنيًّا للفاعل أي وضع الآتي بخزائن الأرض في يدي سوارين نصب بالياء على
المفعولية ( من ذهب) صفة للسوارين ( فكبرًا عليّ) بضم الموحدة وشد التحتية من علي أي ثقلاً عليّ ( وأهماني) أي أقلقاني وأحزناني لأن الذهب حرام على الرجال ومن حلية النساء ( فأوحي إلي) على لسان الملك أو وحي الهام ( أن أنفخهما) بهمزة وصل ( فنفختهما فطارا) إشارة إلى حقارة الكذابين وأنهما يمحقان بأدنى ما يصيبهما من بأس الله حتى يصيرا كالشيء الذي ينفخ فيه فيطير في الهواء وسقط لأبي ذر لفظ فطارا ( فأوَّلتهما الكذابين اللذين أنا بينهما صاحب صنعاء) عبهلة بن كعب العنسي ( وصاحب اليمامة) مسيلمة الكذاب واسمه يمامة ومسيلمة لقب له، وإنما أوّل السوارين بذلك لوضعهما في غير موضعهما لأن الذهب ليس من حلية الرجال وكذلك الكذاب يضع الخبر في غير موضعه، وظاهر قوله اللذين أنا بينهما أنهما كانا حين قص الرؤيا موجودين.

قال في الفتح: وهو كذلك لكن وقع في رواية ابن عباس يخرجان بعدي والجمع بينهما أن المراد بخروجهما بعده ظهور شوكتهما ومحاربتهما ودعواهما النبوة نقله النووي عن العلماء وفيه نظر لأن ذلك كله ظهر من الأسود بصنعاء في حياته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فادّعى النبوّة وعظمت شوكته، وحارب المسلمين وقتل منهم وآل أمره إلى أن قتل في زمنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأما مسيلمة فادّعى النبوّة في حياته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا أنه لم تعظم شوكته إلا في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- فإما أن يحمل ذلك على التغليب، وإما أن يكون المراد بقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعدي أي بعد نبوّتي، وتعقبه العيني فقال: في نظره نظر لأن كلام ابن عباس يصدق على خروج مسيلمة بعده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأما كلامه في حق الأسود فمن حيث إن أتباعه ومن لاذ به تبعوا مسيلمة وقووا شوكته فأطلق عليه الخروج من بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا الاعتبار اهـ فليتأمل.

ومطابقة الحديث في قوله: فنفختهما والنفخ عند أهل التعبير يعبر بالكلام، وقد أهلك الله الكذابين المذكورين بكلامه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمره بقتلهما.

والحديث سبق قريبًا.